للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حَدُّ الْغَصْبِ؛ لِأَنَّهُ صَارَ مُزِيلًا عَلَى الْمَالِكِ يَدَ التَّصَرُّفِ وَالِانْتِفَاعِ وَيُسْتَثْنَى مِنْهُ مَنَافِعُ غَصْبِ الْوَقْفِ فَإِنَّهَا تُضْمَنُ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى كَمَا فِي الْقُهُسْتَانِيِّ نَقْلًا عَنْ الْعِمَادِيِّ.

(وَإِنْ نَقَصَتْ الْجَارِيَةُ بِالْوِلَادَةِ فِي يَدِ الْغَاصِبِ) أَيْ إذَا وَلَدَتْ الْجَارِيَةُ الْمَغْصُوبَةُ الَّتِي حَبِلَتْ عِنْدَ الْغَاصِبِ وَلَدًا وَنَقَصَتْ بِالْوِلَادَةِ (ضَمِنَ) الْغَاصِبُ (نُقْصَانَهَا) أَيْ الْجَارِيَةِ.

(وَ) لَكِنْ (يُجْبَرُ) النُّقْصَانُ (بِقِيمَةِ الْوَلَدِ) قَالَ زُفَرُ وَالشَّافِعِيُّ لَا يُجْبَرُ النُّقْصَانُ بِالْوَلَدِ؛ لِأَنَّهُ مَلَكَهُ فَكَيْفَ يُجْبَرُ مِلْكُهُ بِمِلْكِهِ كَمَا لَوْ جَزَّ صُوفَ شَاةِ الْغَيْرِ وَنَبَتَ آخَرُ فَلَا يُفِيدُ اتِّحَادَ سَبَبِ الزِّيَادَةِ وَالنُّقْصَانِ فَيَلْزَمُ عَلَيْهِ الضَّمَانُ وَلَنَا أَنَّ سَبَبَ النُّقْصَانِ وَالزِّيَادَةِ وَاحِدٌ وَهُوَ الْوِلَادَةُ؛ لِأَنَّهَا أَوْجَبَتْ فَوَاتَ جُزْءٍ مِنْ مَالِيَّةِ الْأُمِّ وَحُدُوثِ مَالِيَّةِ الْوَلَدِ فَإِذَا صَارَ مَالًا انْعَدَمَ ظُهُورُ النُّقْصَانِ بِهِ فَانْتَفَى الضَّمَانُ (أَوْ) يُجْبَرُ (بِالْغُرَّةِ) ؛ لِأَنَّهَا كَالْوَلَدِ لِكَوْنِهَا قَائِمَةً مَقَامَهُ لِوُجُوبِهَا بَدَلًا عَنْهُ (إنْ وَقَّتَ) قَيْدٌ لِقِيمَةِ الْوَلَدِ وَالْغُرَّةِ مَعًا أَيْ يُجْبَرُ النُّقْصَانُ بِقِيمَةِ الْوَلَدِ إنْ كَانَ فِي قِيمَتِهِ وَفَاءٌ وَيَسْقُطُ ضَمَانُهُ عَنْ الْغَاصِبِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ وَفَاءً بِهِ يَسْقُطُ بِحِسَابِهِ وَكَذَا يُجْبَرُ النُّقْصَانُ بِالْغُرَّةِ أَنَّ فِيهَا وَفَاءً بِهِ وَيَسْقُطُ ضَمَانُهُ عَنْ الْغَاصِبِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ وَفَاءٌ يَسْقُطُ بِحِسَابِهِ أَيْضًا.

(وَلَوْ زَنَى) الْغَاصِبُ (بِأَمَةٍ غَصَبَهَا) فَحَبِلَتْ (فَرَدَّهَا) أَيْ الْأَمَةَ (حَامِلًا فَوَلَدَتْ فَمَاتَتْ) عِنْدَ الْمَالِكِ (بِهَا) أَيْ بِسَبَبِ الْوِلَادَةِ فِي نَفْسِهَا (ضَمِنَ) الْغَاصِبُ (قِيمَتَهَا يَوْمَ عُلُوقِهَا) عِنْدَ الْإِمَامِ؛ لِأَنَّ مَا انْعَقَدَ فِيهَا مِنْ الْعُلُوقِ هُوَ سَبَبُ التَّلَفِ فَلَا يُوجَدُ الرَّدُّ بَعْدَ ذَلِكَ عَلَى الْوَجْهِ الَّذِي غَصَبَهَا كَمَا إذَا جَنَتْ فِي يَدِ الْغَاصِبِ وَقُتِلَتْ فِي يَدِ الْمَالِكِ (بِخِلَافِ الْحُرَّةِ) يَعْنِي لَوْ أَخَذَهَا مُكْرَهَةً فَزَنَى بِهَا فَرَدَّهَا حَامِلًا فَوَلَدَتْ وَمَاتَتْ لَا يَضْمَنُ الْغَاصِبُ دِيَتَهَا؛ لِأَنَّ الْحُرَّةَ لَا تَكُونُ مَضْمُونَةً بِالْغَصْبِ لِيَبْقَى ضَمَانُ الْغَصْبِ بَعْدَ فَسَادِ الرَّدِّ (وَعِنْدَهُمَا لَا يَضْمَنُ فِي الْأَمَةِ أَيْضًا) أَيْ كَالْحُرَّةِ بَلْ يَضْمَنُ نُقْصَانَ الْحَبَلِ وَهُوَ قَوْلُ الْأَئِمَّةِ الثَّلَاثَةِ؛ لِأَنَّ سَبَبَ التَّلَفِ هُوَ الْوِلَادَةُ فِي يَدِ الْمَالِكِ بَعْدَ صِحَّةِ الرَّدِّ مِنْ الْغَاصِبِ؛ لِأَنَّ الْعَيْبَ لَا يَمْنَعُ صِحَّةَ الرَّدِّ وَلَكِنَّهَا مَعِيبَةٌ بِالْحَبَلِ فَيَجِبُ عَلَيْهِ نُقْصَانُ الْعَيْبِ.

(وَلَوْ رَدَّهَا مَحْمُومَةً) أَيْ لَوْ غَصَبَ أَمَةً فَحُمَّتْ ثُمَّ رَدَّهَا مَحْمُومَةً (فَمَاتَتْ لَا يَضْمَنُ) الْغَاصِبُ إلَّا نُقْصَانَ الْحُمَّى اتِّفَاقًا كَمَا فِي الْبَزَّازِيَّةِ وَغَيْرِهَا لِأَنَّ الْمَوْتَ يَحْصُلُ بِزَوَالِ الْقُوَى وَأَنَّهُ يَزُولُ بِتَرَادُفِ الْآلَامِ فَلَمْ يَكُنْ الْمَوْتُ حَاصِلًا بِسَبَبٍ وُجِدَ فِي يَدِ الْغَاصِبِ فَيَجِبُ عَلَيْهِ قَدْرُ مَا كَانَ عِنْدَهُ دُونَ الزِّيَادَةِ.

وَفِي الْجَوَاهِرِ إذَا غَصَبَ صَبِيًّا حُرًّا مِنْ أَهْلِهِ فَمَرِضَ وَمَاتَ فِي يَدِهِ فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ وَكَذَا إذَا أَصَابَهُ شَيْءٌ مِنْ آفَةِ السَّمَاءِ وَلَوْ عَقَرَهُ سَبُعٌ أَوْ نَهَشَتْهُ حَيَّةٌ فَالْغَاصِبُ ضَامِنٌ وَفِي نُسْخَةٍ فَعَلَى عَاقِلَةِ الْغَاصِبِ الدِّيَةُ.

(وَكَذَا لَوْ زَنَتْ) الْأَمَةُ الْمَغْصُوبَةُ (عِنْدَهُ) أَيْ عِنْدَ الْغَاصِبِ (فَرَدَّهَا) أَيْ الْأَمَةَ (فَجُلِدَتْ) فِي يَدِ الْمَالِكِ (فَمَاتَتْ مِنْهُ)

<<  <  ج: ص:  >  >>