للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَيْ مِنْ الْجَلْدِ لَا يَضْمَنُ الْغَاصِبُ إلَّا نُقْصَانَ الزِّنَا؛ لِأَنَّهُ الْحَاصِلُ عِنْدَهُ لَا سَبَبُ الْمَوْتِ وَهُوَ الْجَلْدُ.

(وَلَا يَضْمَنُ) الْغَاصِبُ (مَنَافِعَ مَا غَصَبَهُ سَوَاءٌ سَكَنَهُ) أَيْ فِيمَا غَصَبَهُ (أَوْ عَطَّلَهُ) أَيْ جَعَلَهُ مُعَطَّلًا هَذَا عِنْدَنَا وَعِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ يَضْمَنُ فَيَجِبُ أَجْرُ الْمِثْلِ؛ لِأَنَّهَا مَالٌ مُتَقَوِّمٌ مَضْمُونَةٌ بِالْعُقُودِ كَالْأَعْيَانِ وَعِنْدَ مَالِكٍ يَضْمَنُ الْأَجْرَ فِي السُّكْنَى لَا فِي التَّعْطِيلِ وَلَنَا أَنَّ عُمَرَ وَعَلِيًّا - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا - حَكَمَا بِوُجُوبِ قِيمَةِ وَلَدِ الْمَغْرُورِ وَحُرِّيَّتِهِ وَرَدِّ الْجَارِيَةِ مَعَ عُقْرِهَا عَلَى الْمَالِكِ وَلَمْ يَحْكُمَا بِوُجُوبِ أَجْرِ مَنَافِعِ الْجَارِيَةِ وَالْأَوْلَادِ مَعَ عِلْمِهِمَا أَنَّ الْمُسْتَحِقَّ يَطْلُبُ جَمِيعَ حَقِّهِ وَأَنَّ الْمَغْرُورَ كَانَ يَسْتَخْدِمُهَا مَعَ الْأَوْلَادِ وَلَوْ كَانَ ذَلِكَ وَاجِبًا لَهُ لَمَا سَكَتَا عَنْ بَيَانِهِ بِوُجُوبِهِ عَلَيْهِمَا وَلِعَدَمِ الْمُمَاثَلَةِ بَيْنَ الْمَنَافِعِ وَالدَّرَاهِمِ لِانْعِدَامِ الْبَقَاءِ فِي الْمَنَافِعِ فَلَا يَكُونُ تَقَوُّمُهَا لِذَاتِهَا بَلْ لِضَرُورَةٍ عِنْدَ وُرُودِ الْعَقْدِ وَلَا عَقْدَ هُنَا وَأَمَّا إذَا انْتَقَصَ بِالِاسْتِعْمَالِ فَيَضْمَنُ لِاسْتِهْلَاكِهِ بَعْضَ أَجْزَاءِ الْعَيْنِ (إلَّا فِي الْوَقْفِ) وَكَذَا فِي مَالِ الْيَتِيمِ وَالْمُعَدِّ لِلِاسْتِغْلَالِ ذَكَرَهُ صَدْرُ الْقُضَاةِ وَيُصَيِّرُ الدَّارَ مُعَدَّةً لِلِاسْتِئْجَارِ إذَا بَنَاهَا لِذَلِكَ أَوْ اشْتَرَاهَا لِذَلِكَ أَوْ تُؤَاجَرُ ثَلَاثَ سِنِينَ عَلَى الْوَلَاءِ وَيُشْتَرَطُ عِلْمُ الْمُسْتَعْمِلِ بِكَوْنِهَا مُعَدَّةً حَتَّى يَجِبَ الْأَجْرُ وَاسْتَثْنَى صَاحِبُ الْمِنَحِ فَقَالَ إلَّا إذَا سَكَنَهَا بِتَأْوِيلِ مِلْكٍ أَوْ عَقْدٍ يَعْنِي: مَنَافِعُ الْمُعَدِّ لِلِاسْتِغْلَالِ مَضْمُونَةٌ فِي كُلِّ الْأَحْوَالِ إلَّا فِيمَا ذَكَرَ مِنْ السُّكْنَى بِتَأْوِيلِ مِلْكٍ أَوْ عَقْدٍ كَبَيْتٍ سَكَنَهُ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ أَمَّا فِي الْوَقْفِ إذَا سَكَنَهُ أَحَدُهُمَا بِالْغَلَبَةِ بِدُونِ إذْنِ الْآخَرِ سَوَاءٌ كَانَ مَوْقُوفًا لِلسُّكْنَى أَوْ لِلِاسْتِغْلَالِ فَإِنَّهُ لَا يَجِبُ الْأَجْرُ

وَكَذَا السُّكْنَى بِتَأْوِيلِ الْعَقْدِ لِمَا تَقَدَّمَ عَنْ الْقُنْيَةِ مِنْ سُكْنَى الْمُرْتَهِنِ بِتَأْوِيلِ عَقْدِ الرَّهْنِ انْتَهَى.

(وَلَا) يَضْمَنُ أَيْضًا (خَمْرَ الْمُسْلِمِ أَوْ خِنْزِيرَهُ بِالْإِتْلَافِ) سَوَاءٌ كَانَ الْمُتْلِفُ مُسْلِمًا أَوْ ذِمِّيًّا لِعَدَمِ تَقَوُّمِهِمَا فِي حَقِّ الْمُسْلِمِ وَالْعِبْرَةُ لِجَانِبِ الْمُتْلِفِ عَلَيْهِ دُونَ الْمُتْلَفِ (وَضَمِنَ) الْمُتْلِفُ (الْقِيمَةَ فِيهِمَا لَوْ كَانَا) أَيْ الْخَمْرُ وَالْخِنْزِيرُ (لِذِمِّيٍّ) ؛ لِأَنَّهُمَا مَالٌ فِي حَقِّهِ وَقَدْ أُمِرْنَا أَنْ نَتْرُكَهُمْ وَمَا يَدِينُونَ وَعِنْدَ الشَّافِعِيِّ لَا يَضْمَنُ لِعَدَمِ التَّقَوُّمِ أَيْضًا فِي حَقِّ الذِّمِّيِّ لِكَوْنِهِ تَابِعًا فِي الْأَحْكَامِ لَنَا.

(وَإِنْ أَتْلَفَ ذِمِّيٌّ خَمْرَ ذِمِّيٍّ ضَمِنَ مِثْلَهَا) لِقُدْرَتِهِ عَلَيْهِ وَلَوْ أَسْلَمَ الطَّالِبُ بَعْدَمَا قُضِيَ لَهُ بِمِثْلِهَا فَلَا شَيْءَ عَلَى الْمَطْلُوبِ؛ لِأَنَّ الْخَمْرَ فِي حَقِّهِ لَيْسَتْ بِمُتَقَوِّمَةٍ فَكَانَ بِإِسْلَامِهِ مُبَرِّئًا لَهُ عَمَّا كَانَ فِي ذِمَّتِهِ مِنْ الْخَمْرِ وَكَذَا لَوْ أَسْلَمَا وَلَوْ أَسْلَمَ الْمَطْلُوبُ وَحْدَهُ أَوْ أَسْلَمَ الْمَطْلُوبُ ثُمَّ الطَّالِبُ بَعْدَهُ قَالَ أَبُو يُوسُفَ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ شَيْءٌ وَهُوَ رِوَايَةٌ عَنْ الْإِمَامِ.

وَقَالَ مُحَمَّدٌ يَجِبُ عَلَيْهِ قِيمَةُ الْخَمْرِ وَهُوَ رِوَايَةٌ عَنْ الْإِمَامِ أَيْضًا وَفِي التَّنْوِيرِ بِخِلَافِ مَا إذَا اشْتَرَاهَا أَيْ الْخَمْرَ مِنْ الذِّمِّيِّ وَشَرِبَهَا فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ (وَلَا ضَمَانَ بِإِتْلَافِ الْمَيْتَةِ وَلَوْ) وَصْلِيَّةً (لِذِمِّيٍّ) ؛ لِأَنَّ أَحَدًا لَا يَعْتَقِدُ تَمَوُّلَهَا.

(وَلَا) ضَمَانَ (بِإِتْلَافِ مَتْرُوكِ التَّسْمِيَةِ

<<  <  ج: ص:  >  >>