وَهُوَ الضَّيْعَةُ وَقِيلَ مَا لَهُ أَصْلٌ مِنْ دَارٍ وَضَيْعَةٍ وَمَا فِي حُكْمِهِ كَالْعُلْوِ دُونَ الْمَنْقُولِ كَالشَّجَرِ وَالْبِنَاءِ فَإِنَّهُ مِنْ مَنْقُولٍ لَمْ تَجِبْ الشُّفْعَةُ فِيهِ إلَّا بِتَبَعِيَّةٍ لِعَقَارٍ كَالدَّارِ وَالْكَرْمِ وَالرَّحَى وَالْبِئْرِ وَغَيْرِهَا (عَلَى مُشْتَرِيه بِمَا) أَيْ بِاَلَّذِي أَيْ بِالثَّمَنِ الَّذِي (قَامَ عَلَيْهِ) أَيْ عَلَى الْمُشْتَرِي (جَبْرًا) أَيْ مِنْ حَيْثُ الْجَبْرُ وَمَعْنَاهُ اللُّغَوِيُّ وَهُوَ مَوْجُودٌ فِيهِ مَعَ زِيَادَةِ أَوْصَافٍ كَالتَّمَلُّكِ وَعَلَى وَجْهِ الْجَبْرِ وَقِيلَ هِيَ ضَمُّ بُقْعَةٍ مُشْتَرَاةٍ إلَى عَقَارِ الشَّفِيعِ بِسَبَبِ الشِّرْكَةِ أَوْ الْجِوَارِ وَهَذَا أَحْسَنُ كَمَا فِي شَرْحِ الْكَنْزِ لِلْعَيْنِيِّ وَسَبَبُهَا اتِّصَالُ مِلْكِ الشَّفِيعِ بِالْمُشْتَرِي؛ لِأَنَّهَا تَجِبُ لِدَفْعِ ضَرَرِ الدَّخِيلِ عَنْهُ عَلَى الدَّوَامِ بِسَبَبِ سُوءِ الْمُعَاشَرَةِ وَالْمُعَامَلَةِ مِنْ حَيْثُ إعْلَاءُ الْجِدَارِ وَإِيقَادُ النَّارِ وَمَنْعُ ضَوْءِ النَّهَارِ وَإِثَارَةُ الْغُبَارِ وَإِيقَافُ الدَّوَابِّ لَا سِيَّمَا إذَا كَانَ يُضَادُّهُ كَمَا قِيلَ أَضْيَقُ السُّجُونِ مُعَاشَرَةُ الْأَضْدَادِ وَشَرْطُهَا أَنْ يَكُونَ الْمَحَلُّ عَقَارًا سُفْلًا كَانَ أَوْ عُلْوًا احْتَمَلَ الْقِسْمَةَ أَوْ لَا وَأَنْ يَكُونَ الْعَقْدُ عَقْدَ مُعَاوَضَةِ مَالٍ بِمَالٍ وَرُكْنُهَا أَخْذُ الشَّفِيعِ مِنْ الْمُتَعَاقِدَيْنِ عِنْدَ وُجُودِ سَبَبِهَا مَعَ شَرْطِهَا وَحُكْمُهَا جَوَازُ الطَّلَبِ عِنْدَ تَحَقُّقِ السَّبَبِ وَصِفَتُهَا أَنَّ الْأَخْذَ بِهَا بِمَنْزِلَةِ شِرَاءٍ مُبْتَدَأٍ حَتَّى يَثْبُتَ بِهَا مَا يَثْبُتُ بِالشِّرَاءِ نَحْوُ الرَّدِّ بِخِيَارِ الرُّؤْيَةِ وَالْعَيْبِ.
(وَتَجِبُ) أَيْ تَثْبُتُ وِلَايَةُ الشُّفْعَةِ (بَعْدَ الْبَيْعِ) الصَّحِيحِ أَوْ الْفَاسِدِ انْقَطَعَ فِيهِ حَقٌّ لِمَالِكٍ.
(وَتَسْتَقِرُّ بِالْإِشْهَادِ) وَالطَّلَبِ فِي الْحَالِ حَتَّى لَوْ أَخَّرَ سَاعَةً قَبْلَ الِاسْتِقْرَارِ تَبْطُلُ الشُّفْعَةُ لِأَنَّ حَقَّهَا ضَعِيفٌ مُتَزَلْزِلٌ فَلَا بُدَّ مِنْ الطَّلَبِ وَالْإِشْهَادِ فِي الْحَالِ فَإِذَا أَشْهَدَ اسْتَقَرَّ فَبَعْدَ ذَلِكَ لَا تَبْطُلُ بِالتَّأْخِيرِ.
(وَتُمْلَكُ بِالْأَخْذِ بِقَضَاءٍ أَوْ بِرِضًى) وَالصَّوَابُ أَنْ يَقُولَ وَتُمْلَكُ بِالْقَضَاءِ أَوْ الْأَخْذِ بِالرِّضَا كَمَا فِي الْغَرَرِ؛ لِأَنَّ الْقَاضِيَ إذَا حَكَمَ يَثْبُتُ الْمِلْكُ لِلشَّفِيعِ مِنْ غَيْرِ أَخْذٍ وَحَاصِلُهُ أَنَّهُ لِيَمْلِكَ الْعَقَارَ الْمَشْفُوعَ بِأَحَدِ الْأَمْرَيْنِ إمَّا بِالْأَخْذِ إذَا سَلَّمَهَا الْمُشْتَرِي بِرِضَاهُ أَوْ بِحُكْمِ الْحَاكِمِ مِنْ غَيْرِ أَخْذٍ كَمَا فِي أَكْثَرِ الْمُعْتَبَرَاتِ تَأَمَّلْ.
(وَإِنَّمَا تَجِبُ) أَيْ تَثْبُتُ الشُّفْعَةُ (لِلْخَلِيطِ) وَهُوَ الشَّرِيكُ الَّذِي لَمْ يُقَاسِمْ (فِي نَفْسِ الْمَبِيعِ) وَهَذَا بِالْإِجْمَاعِ (فَإِنْ لَمْ يَكُنْ) أَيْ وَإِنْ لَمْ يُوجَدْ الْخَلِيطُ فِي نَفْسِ الْمَبِيعِ (أَوْ) وُجِدَ وَلَكِنْ (سَلَّمَ) الشُّفْعَةَ (فَلِلْخَلِيطِ فِي حَقِّ الْمَبِيعِ كَالشِّرْبِ) بِكَسْرِ الشِّينِ وَهُوَ الشَّرِيكُ الَّذِي لَمْ يُخَالِطْ (وَالطَّرِيقِ الْخَالِصَيْنِ) ثُمَّ فَسَّرَ ذَلِكَ بِقَوْلِهِ (كَنَهْرٍ لَا تَجْرِي فِيهِ السُّفُنُ) أَيْ أَصْغَرُ السُّفُنِ مِثَالٌ لِلشِّرْبِ الْخَاصِّ (وَطَرِيقٍ لَا يَنْفُذُ) مِثَالٌ لِلطَّرِيقِ الْخَاصِّ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute