غَائِبًا يُقْضَى بِالشُّفْعَةِ بَيْنَ الْحَاضِرِينَ فِي الْجَمِيعِ وَكَذَا لَوْ كَانَ الشَّرِيكُ غَائِبًا فَطَلَبَ الْحَاضِرُ يُقْضَى لَهُ بِالشُّفْعَةِ كُلِّهَا ثُمَّ إذَا حَضَرَ وَطَلَبَ قُضِيَ لَهُ بِهَا وَإِذَا أَسْقَطَ الشَّفِيعُ الشُّفْعَةَ قَبْلَ الشِّرَاءِ لَمْ يَصِحَّ
أَرَادَ الشَّفِيعُ أَخْذَ الْبَعْضِ وَتَرْكَ الْبَاقِي لَمْ يَمْلِكْ ذَلِكَ جَبْرًا عَلَى الْمُشْتَرِي وَلَوْ جَعَلَ بَعْضُ الشُّفَعَاءِ نَصِيبَهُ لِبَعْضٍ لَمْ يَصِحَّ وَسَقَطَ حَقُّهُ بِهِ.
(فَإِذَا عَلِمَ الشَّفِيعُ بِالْبَيْعِ) أَيْ الْعَقَارِ الْمَشْفُوعِ (يُشْهِدُ) مِنْ الْأَفْعَالِ (فِي مَجْلِسِ عِلْمِهِ) أَيْ الشَّفِيعُ عَلَى (أَنَّهُ يَطْلُبُهَا) سَوَاءٌ عَلِمَ بِسَمْعٍ الْبَيْعَ مِنْ الْبَائِعِ أَوْ الْمُشْتَرِي أَوْ بِسَمْعِ الْكَلَامِ فِي حَقِّ الْبَيْعِ أَوْ بِإِخْبَارِ شَخْصٍ بِأَنَّ فُلَانًا بَاعَ دَارِهِ بِلَفْظٍ يُفْهِمُ طَلَبَهَا كَطَلَبْتُ الشُّفْعَةَ أَوْ أَنَا طَالِبٌ لَهَا أَوْ أَطْلُبُهَا؛ لِأَنَّ الِاعْتِبَارَ لِلْمَعْنَى وَالْمُعْتَبَرُ الطَّلَبُ دُونَ الْإِشْهَادِ وَإِنَّمَا الْإِشْهَادُ لِلْإِثْبَاتِ حَتَّى لَوْ صَدَّقَهُ الْمُشْتَرِي عَلَى الطَّلَبِ لَا يَحْتَاجُ إلَى الشُّهُودِ ثُمَّ اعْتِبَارُ الْمَجْلِسِ اخْتِيَارُ الْكَرْخِيِّ وَبَعْضِ مَشَايِخِ بُخَارَى لِلتَّأَمُّلِ.
وَفِي رِوَايَةِ الْأَصْلِ يُشْتَرَطُ عَلَى فَوْرِ عِلْمِهِ بِالْبَيْعِ حَتَّى لَوْ سَكَتَ سَاعَةً تَبْطُلُ وَإِلَيْهِ ذَهَبَ مَشَايِخُ بَلْخِي وَعَامَّةُ مَشَايِخِ بُخَارَى وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى كَمَا فِي الْمِنَحِ وَقِيلَ تَبْطُلُ إنْ سَكَتَ أَدْنَى سُكُوتٍ حَتَّى وَلَوْ أَخْبَرَ بِكِتَابٍ وَالشُّفْعَةُ فِي أَوَّلِهِ أَوْ وَسَطِهِ فَقَرَأَ الْكِتَابَ إلَى آخِرِهِ بَطَلَتْ شُفْعَتُهُ إذَا كَانَ ذَلِكَ بَعْدَ الْعِلْمِ بِالْمُشْتَرِي وَبِالثَّمَنِ (وَيُسَمَّى) أَيْ الطَّلَبُ فِي الْمَجْلِسِ (طَلَبُ مُوَاثَبَةٍ) أَيْ مُسَارَعَةٍ مِنْ الْوُثُوبِ سُمِّيَ بِهِ لِيَدُلَّ عَلَى غَايَةِ التَّعْجِيلِ (ثُمَّ يَشْهَدُ عِنْدَ الْعَقَارِ) ؛ لِأَنَّهُ مَحَلٌّ لِلشُّفْعَةِ (أَوْ) يَشْهَدُ (عَلَى الْمُشْتَرِي) وَلَوْ غَيْرَ ذِي يَدٍ بِأَنْ يَقُولَ لَهُ أَطْلُبُ مِنْك الشُّفْعَةَ فِي دَارٍ اشْتَرَيْتهَا مِنْ فُلَانٍ حُدُودُهَا كَذَا وَأَنَا شَفِيعُهَا بِالشِّرْكَةِ فِي الدَّارِ أَوْ الطَّرِيقِ أَوْ بِالْجِوَارِ بِدَارٍ حُدُودُهَا كَذَا فَسَلِّمْهَا لِي فَلَا بُدَّ أَنْ يُبَيِّنَ حُدُودَ الدَّارَيْنِ مَعَ كُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْ مَرَاتِبِ الثُّبُوتِ كَمَا فِي الْخَانِيَّةِ لَكِنْ فِي الْكَافِي وَغَيْرِهِ أَنَّ تَبَيُّنَ هَذِهِ الْأُمُورُ لَيْسَ مِمَّا لَا بُدَّ مِنْهُ وَفِيهِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّ لَهُ الْإِشْهَادُ عِنْدَ أَبْعَدِ هَؤُلَاءِ مَعَ الْأَقْرَبِ عَلَى مَا قَالَ بَعْضُ الْمَشَايِخِ وَذَهَبَ الْآخَرُونَ إلَى أَنَّهُ إنَّمَا يُشْهِدُ عِنْدَ الْأَقْرَبِ كَمَا فِي الْقُهُسْتَانِيِّ (أَوْ عَلَى الْبَائِعِ إنْ كَانَ الْمَبِيعُ فِي يَدِهِ) فَلَا يَصِحُّ الْإِشْهَادُ عِنْدَ الْبَائِعِ لَيْسَ بِذِي يَدٍ عَلَى مَا ذَكَرَهُ الْقُدُورِيُّ وَاخْتَارَهُ الصَّدْرُ الشَّهِيدُ وَذَكَرَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ وَغَيْرُهُ أَنَّ الْإِشْهَادَ يَصِحُّ عِنْدَهُ اسْتِحْسَانًا وَإِنَّمَا ذَكَرَ كَلِمَةً ثُمَّ إشَارَةً إلَى أَنَّ هَذِهِ مُدَّةُ هَذَا الطَّلَبِ لَمْ يَكُنْ عَلَى فَوْرِ الْمَجْلِسِ فِي الْأَكْثَرِ بَلْ مُقَدَّرَةٌ بِمُدَّةِ التَّمَكُّنِ مِنْ الْإِشْهَادِ كَمَا فِي النِّهَايَةِ وَغَيْرِهِ حَتَّى لَوْ تَمَكَّنَ وَلَمْ يَطْلُبْ بَطَلَتْ شُفْعَتُهُ (فَيَقُولُ اشْتَرَى فُلَانٌ هَذِهِ الدَّارَ وَقَدْ كُنْت طَلَبْت الشُّفْعَةَ) قَبْلَهُ طَلَبَ الْمُوَاثَبَةَ (وَأَنَا أَطْلُبُهَا الْآنَ فَاشْهَدُوا عَلَى ذَلِكَ وَيُسَمَّى) هَذَا الطَّلَبُ (طَلَبَ تَقْرِيرٍ وَإِشْهَادٍ) وَلَا بُدَّ مِنْهُ؛ لِأَنَّهُ يَحْتَاجُ إلَيْهِ لِإِثْبَاتِهِ عِنْدَ الْقَاضِي وَلَا يُمْكِنُهُ الْإِشْهَادُ عَلَى طَلَبِ الْمُوَاثَبَةِ ظَاهِرًا؛ لِأَنَّهُ عَلَى الْفَوْرِ فَيَحْتَاجُ بَعْدَ ذَلِكَ إلَى الْإِشْهَادِ لِلتَّقْرِيرِ (ثُمَّ يَطْلُبُ عِنْدَ قَاضٍ فَيَقُولُ اشْتَرَى فُلَانٌ دَارَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute