شِرَاءِ دَارٍ بِثَوْبٍ أَوْ فَرَسٍ؛ لِأَنَّهُمَا مِنْ ذَوَاتِ الْقِيَمِ فَيَأْخُذُ كُلَّ وَاحِدٍ بِقِيمَةٍ لِآخَرَ فِي شِرَاءٍ بِعَقَارٍ لِتَحَقُّقِ الْبَدَلِيَّةِ بَيْنَهُمَا وَلِكَوْنِهِ مِنْ ذَوَاتِ الْقِيَمِ.
(وَإِنْ كَانَ) الثَّمَنُ (مُؤَجَّلًا) بِأَجَلٍ مَعْلُومٍ؛ لِأَنَّهُ إنْ كَانَ مَجْهُولًا فَالْبَيْعُ فَاسِدٌ (أَخَذَ بِثَمَنٍ حَالٍّ أَوْ يَطْلُبُ) الشَّفِيعُ شُفْعَتَهُ (فِي الْحَالِ) ؛ لِأَنَّ تَرْكَهُ بَعْدَ ثُبُوتِ حَقِّهِ دَلِيلُ الْإِعْرَاضِ.
وَفِي الْهِدَايَةِ فَلِلشَّفِيعِ الْخِيَارُ إنْ شَاءَ أَخَذَهَا بِثَمَنٍ حَالٍّ وَإِنْ شَاءَ صَبَرَ حَتَّى يَنْقَضِيَ الْأَجَلُ (وَيَأْخُذَ) الشَّفِيعُ الْعَقَارَ (بَعْدَ مُضِيِّ الْأَجَلِ) لِكَوْنِ الثَّمَنِ مُؤَجَّلًا.
وَقَالَ زُفَرُ وَمَالِكٌ وَأَحْمَدُ وَالشَّافِعِيُّ فِي الْقَدِيمِ لَهُ أَنْ يَأْخُذَهَا فِي الْحَالِ بِالثَّمَنِ الْمُؤَجَّلِ؛ لِأَنَّ الشِّرَاءَ وَقَعَ بِهِ وَلَنَا أَنَّ الْأَصْلَ فِي الثَّمَنِ أَنْ يَكُونَ حَالًّا وَإِنَّمَا يُؤَجَّلُ بِالشَّرْطِ وَلَا شَرْطَ فِي حَقِّ الشَّفِيعِ (وَلَا يَتَعَجَّلُ مَا عَلَى الْمُشْتَرِي لَوْ أَخَذَ الشَّفِيعُ بِالْحَالِّ) ؛ لِأَنَّ الْأَجَلَ ثَبَتَ لَهُ بِالشَّرْطِ فَلَا يَبْطُلُ بِأَخْذِ الشَّفِيعِ بِثَمَنٍ حَالٍّ كَمَا لَا يَبْطُلُ بِبَيْعِهِ الْمُشْتَرِي بِثَمَنٍ حَالٍّ وَإِنْ اخْتَارَ الِانْتِظَارَ كَانَ لَهُ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ لَهُ أَنْ لَا يَلْتَزِمَ الضَّرَرَ الزَّائِدَ كَمَا فِي التَّبْيِينِ
(وَلَوْ سَكَتَ عَنْ الطَّلَبِ لِيَحِلَّ الْأَجَلُ بَطَلَتْ شُفْعَتُهُ) عِنْدَ الطَّرَفَيْنِ (خِلَافًا لِأَبِي يُوسُفَ) فَإِنَّ عِنْدَهُ لَا تَبْطُلُ بِالتَّأْخِيرِ إلَى حُلُولِ الْأَجَلِ؛ لِأَنَّ الطَّلَبَ لَيْسَ بِمَقْصُودٍ لِذَاتِهِ بَلْ لِلْأَخْذِ وَهُوَ لَا يَتَمَكَّنُ مِنْهُ فِي الْحَالِ بِثَمَنٍ مُؤَجَّلٍ فَلَا فَائِدَةَ فِي طَلَبِهِ فِي الْحَالِ وَلَهُمَا أَنَّ حَقَّهُ قَدْ ثَبَتَ وَلِهَذَا لَهُ أَنْ يَأْخُذَ بِثَمَنٍ حَالٍّ وَالسُّكُوتُ عَنْ الطَّلَبِ بَعْدَ ثُبُوتِ حَقِّهِ يُبْطِلُ الشُّفْعَةَ.
(وَلَوْ اشْتَرَى ذِمِّيٌّ بِخَمْرٍ أَوْ خِنْزِيرٍ يَأْخُذُهُ الشَّفِيعُ الذِّمِّيُّ بِمِثْلِ الْخَمْرِ وَقِيمَةِ الْخِنْزِيرِ) ؛ لِأَنَّ هَذَا الْبَيْعَ مُقْتَضًى بِالصِّحَّةِ فِيمَا بَيْنَهُمْ وَحَقُّ الشُّفْعَةِ يَعُمُّ الْمُسْلِمَ وَالذِّمِّيَّ وَالْخَمْرُ لَهُمْ كَالْخَلِّ لَنَا وَالْخِنْزِيرُ كَالشَّاةِ فَيَأْخُذُ الْأَوَّلَ بِالْمِثْلِ وَالثَّانِيَ بِالْقِيمَةِ وَلَوْ أَسْلَمَ الذِّمِّيُّ صَارَ حُكْمُهُ حُكْمَ الْمُسْلِمِ مِنْ الِابْتِدَاءِ فَيَأْخُذُهَا بِالْقِيمَةِ.
(وَ) يَأْخُذُ الشَّفِيعُ (الْمُسْلِمُ بِالْقِيمَةِ فِيهِمَا) أَمَّا الْخِنْزِيرُ فَمِنْ ذَوَاتِ الْقِيَمِ وَأَمَّا الْخَمْرُ فَلِأَنَّ الْمُسْلِمَ عَاجِزٌ عَنْ تَسْلِيمِهَا فَالْتَحَقَ بِغَيْرِ الْمِثْلِ ثُمَّ إنَّ طَرِيقَ مَعْرِفَةِ قِيمَةِ الْخَمْرِ وَالْخِنْزِيرِ بِالرُّجُوعِ إلَى ذِمِّيٍّ أَسْلَمَ أَوْ فَاسِقٍ تَابَ وَفِيمَا فِي الْفَرَائِدِ مِنْ أَنَّهُ بَقِيَ صُورَةٌ وَهِيَ أَنَّهُ لَوْ اشْتَرَى ذِمِّيٌّ بِخِنْزِيرٍ وَكَانَ شَفِيعُهَا مُسْلِمًا وَذِمِّيًّا لَمْ يُبَيِّنُوا حُكْمَهَا كَلَامًا؛ لِأَنَّهُ بُيِّنَ آنِفًا أَنَّ الْمُسْلِمَ يَأْخُذُ بِالْقِيمَةِ وَكَذَا يَأْخُذُ الذِّمِّيُّ بِالْقِيمَةِ؛ لِأَنَّ الْخِنْزِيرَ مِنْ ذَوَاتِ الْقِيَمِ عِنْدَهُمْ فَلَا وَجْهَ عَلَى مَا قَالَهُ تَأَمَّلْ.
(وَلَوْ بَنَى الْمُشْتَرِي) عَلَى الْأَرْضِ الْمَشْفُوعَةِ (أَوْ غَرَسَ) فِيهَا فَحُكِمَ بِالشُّفْعَةِ (أَخَذَهَا الشَّفِيعُ بِالثَّمَنِ وَبِقِيمَتِهَا) أَيْ الْبِنَاءِ وَالْغَرْسِ (مَقْلُوعَيْنِ) وَالْمُرَادُ بِقِيمَتِهِمَا مَقْلُوعَيْنِ قِيمَتُهُمَا مُسْتَحَقُّ الْقَلْعِ (كَمَا فِي الْغَصْبِ أَوْ كُلِّفَ الْمُشْتَرِي قَلْعَهُمَا) أَيْ الْبِنَاءِ وَالْغَرْسِ وَيَأْخُذُ الْأَرْضَ فَارِغَةً بِكُلِّ الثَّمَنِ بِدُونِهِمَا وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ لَا يُكَلِّفُهُ بِالْقَلْعِ بَلْ يَكُونُ بِالْخِيَارِ بَيْنَ أَنْ يَأْخُذَهَا بِالثَّمَنِ وَبِقِيمَةِ الْبِنَاءِ وَالْغَرْسِ وَبَيْنَ أَنْ يَتْرُكَ لِأَنَّ الْمُشْتَرِيَ مُحِقٌّ فِي الْبِنَاءِ وَلَيْسَ بِمُتَعَدٍّ إذَا بَنَى وَغَرَسَ لِثُبُوتِ مِلْكِهِ فِيهِ بِالشِّرَاءِ فَلَا يُعَامَلُ بِأَحْكَامِ الْعُدْوَانِ فَصَارَ كَالْمَوْهُوبِ لَهُ وَالْمُشْتَرِي
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute