بِالْقِسْمَةِ عَلَيْهِمْ وَلَا يَتَعَدَّى إلَى شَرِيكٍ لَهُمْ آخَرَ وَبِهِ قَالَ الشَّافِعِيُّ وَأَحْمَدُ فِي قَوْلٍ (وَغَيْرُ الْعَقَارِ يُقَسَّمُ إجْمَاعًا) ؛ لِأَنَّ فِي قِسْمَتِهِ نَظَرًا لِاحْتِيَاجِهِ إلَى الْحِفْظِ كَمَا مَرَّ.
(وَكَذَا الْعَقَارُ الْمُشْتَرَى) يُقَسَّمُ اتِّفَاقًا؛ لِأَنَّ مَنْ فِي يَدِهِ شَيْءٌ فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَهُ.
وَفِي رِوَايَةٍ لَا يُقَسَّمُ حَتَّى يُقِيمُوا الْبَيِّنَةَ عَلَى الْمِلْكِ لِجَوَازِ أَنْ يَكُونَ فِي أَيْدِيهِمْ وَالْمِلْكُ لِلْغَيْرِ وَالْأَوَّلُ أَصَحُّ (وَالْمَذْكُورُ مُطْلَقُ مِلْكِهِ) أَيْ يُقَسَّمُ اتِّفَاقًا فِيمَا إذَا ادَّعَوْا الْمِلْكَ وَلَمْ يَذْكُرُوا كَيْفِيَّةَ انْتِقَالِهِ إلَيْهِمْ بِقَوْلِهِمْ مِنْ غَيْرِ إقَامَةِ الْبَيِّنَةِ وَذَلِكَ لِأَنَّهُ لَيْسَ فِي الْقِسْمَةِ قَضَاءٌ عَلَى الْغَيْرِ فَإِنَّهُمْ لَمْ يُقِرُّوا بِالْمِلْكِ لِغَيْرِهِمْ فَيَكُونُ مُقْتَصِرًا عَلَيْهِ فَيَجُوزُ.
(وَإِنْ بَرْهَنَا) أَيْ أَقَامَ رَجُلَانِ بَيِّنَةً (أَنَّ الْعَقَارَ فِي أَيْدِيهِمَا) وَطَلَبَا الْقِسْمَةَ (لَا يَقْسِمُ حَتَّى يُبَرْهِنَا) أَيْ حَتَّى يُقِيمَا الْبَيِّنَةَ (أَنَّهُ) أَيْ الْعَقَارَ مِلْكٌ (لَهُمَا) لِاحْتِمَالِ أَنْ يَكُونَ لِغَيْرِهِمَا قَالَ الْعَيْنِيُّ وَغَيْرُهُ فِي شَرْحِ الْكَنْزِ وَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ بِعَيْنِهَا هِيَ الْمَسْأَلَةُ السَّابِقَةُ وَهِيَ قَوْلُهُ وَالْمَذْكُورُ مُطْلَقُ مِلْكِهِ؛ لِأَنَّ الْمُرَادَ فِيهَا أَنْ يَدَّعُوا الْمِلْكَ وَلَمْ يَذْكُرُوا كَيْفَ انْتَقَلَ إلَيْهِمْ وَلَمْ يُشْتَرَطْ فِيهَا إقَامَةُ الْبَيِّنَةِ عَلَى أَنَّهُ مِلْكُهُمْ وَهُوَ رِوَايَةُ الْقُدُورِيِّ وَشَرَطَ هُنَا وَهُوَ رِوَايَةُ الْجَامِعِ الصَّغِيرِ فَإِنْ كَانَ قَصْدُ الشَّيْخِ تَعْيِينَ الرِّوَايَتَيْنِ فَلَيْسَ فِيهِ مَا يَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ وَإِلَّا فَتَقَعُ الْمَسْأَلَةُ مُكَرَّرَةً يُتَحَاشَى عَنْهُ فِي مِثْلِ هَذَا الْمُخْتَصَرِ انْتَهَى.
(وَلَوْ بَرْهَنُوا عَلَى الْمَوْتِ وَعَدَدِ الْوَرَثَةِ وَالْعَقَارُ فِي أَيْدِيهِمْ وَمَعَهُمْ وَارِثٌ غَائِبٌ أَوْ صَبِيٌّ قُسِّمَ) الْعَقَارُ بَيْنَهُمْ بِطَلَبِ الْحَاضِرِينَ هَكَذَا وَقَعَ فِي الْوِقَايَةِ وَالْهِدَايَةِ.
وَفِي الْعِنَايَةِ قِيلَ هَذَا سَهْوٌ وَالصَّحِيحُ فِي أَيْدِيهِمَا؛ لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ فِي أَيْدِيهِمْ لَكَانَ الْبَعْضُ فِي يَدِ الطِّفْلِ أَوْ الْغَائِبِ وَسَيَأْتِي أَنَّهُ إنْ كَانَ لَا يُقَسَّمُ وَأُجِيبَ عَنْهُ بِأَنَّهُ أَطْلَقَ الْجَمْعَ وَأَرَادَ الْمُثَنَّى بِقَرِينَةِ قَوْلِهِ وَارِثَانِ وَأَقَامَا لَكِنَّهُ مُلْتَبِسٌ انْتَهَى هَذِهِ الْقَرِينَةُ وَقَعَتْ فِي عِبَارَةِ الْهِدَايَةِ لَا فِي عِبَارَةِ الْمُصَنِّفِ؛ لِأَنَّهُ قَالَ وَبَرْهَنُوا بِصِيغَةِ الْجَمْعِ فَلَا يُمْكِنُ الْجَوَابُ عَنْهُ تَدَبَّرْ (وَنَصْبُ وَكِيلٍ) لِلْغَائِبِ (أَوْ وَصِيٍّ) لِلصَّبِيِّ (لِقَبْضِ) الْوَكِيلِ (حِصَّةَ الْغَائِبِ أَوْ) لِقَبْضِ الْوَصِيِّ حِصَّةَ (الصَّبِيِّ) ؛ لِأَنَّ فِي هَذَا نَظَرًا لِلْغَائِبِ وَالصَّبِيِّ وَلَا بُدَّ مِنْ إقَامَةِ الْبَيِّنَةِ عِنْدَ الْإِمَامِ وَعِنْدَهُمَا يُقَسِّمُ بِقَوْلِهِمْ كَمَا مَرَّ.
(وَلَوْ كَانَ الْعَقَارُ فِي يَدِ الْغَائِبِ أَوْ شَيْءٌ مِنْهُ) أَيْ مِنْ الْعَقَارِ الْغَائِبِ (أَوْ) كَانَ (فِي يَدِ مُودِعِهِ أَوْ) كَانَ (فِي يَدِ الصَّغِيرِ لَا يُقَسَّمُ) ؛ لِأَنَّ فِي هَذِهِ الْقِسْمَةِ قَضَاءً عَلَى الْغَائِبِ أَوْ الطِّفْلِ بِإِخْرَاجِ شَيْءٍ مِمَّا فِي يَدِهِ مِنْ غَيْرِ خَصْمٍ حَاضِرٍ عَنْهُمَا وَأَمِينُ الْخَصْمِ لَيْسَ بِخَصْمٍ عَنْهُ فِيمَا يُسْتَحَقُّ عَلَيْهِ سَوَاءٌ أُقِيمَتْ الْبَيِّنَةُ هُنَا أَوْ لَا.
(وَكَذَا) لَا يُقَسِّمُ (لَوْ حَضَرَ وَارِثٌ وَاحِدٌ) وَبَرْهَنَ عَلَى الْمَوْتِ وَالْعَدَدُ وَالْبَاقِي غَائِبٌ عَنْ النَّظَرِ أَوْ صَبِيٌّ؛ لِأَنَّ الْوَاحِدَ لَا يَكُونُ مُخَاصِمًا وَمُخَاصَمًا فَلَا بُدَّ مِنْ اثْنَيْنِ (أَوْ كَانُوا مُشْتَرَيْنَ وَغَابَ أَحَدُهُمْ) أَيْ لَا يَقْسِمُ؛ لِأَنَّ الْمِلْكَ الثَّابِتَ مِلْكٌ جَدِيدٌ بِسَبَبٍ بَاشَرَهُ فَلَا يَصْلُحُ الْحَاضِرُ خَصْمًا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute