عَنْ الْغَائِبِ بِخِلَافِ الْإِرْثِ؛ لِأَنَّ الْمِلْكَ الثَّابِتَ فِيهِ مِلْكُ خِلَافِهِ فَانْتَصَبَ أَحَدُهُمَا خَصْمًا عَنْ الْمَيِّتِ فِيمَا فِي يَدِهِ وَالْآخَرُ عَنْ نَفْسِهِ فَصَارَتْ الْقِسْمَةُ قَضَاءً بِحَضْرَةِ الْمُتَخَاصِمَيْنِ وَصَحَّ الْقَضَاءُ لِقِيَامِ الْبَيِّنَةِ عَلَى خَصْمٍ حَاضِرٍ وَفِي الشِّرَاءِ قَامَتْ عَلَى خَصْمٍ غَائِبٍ فَلَا يُقْبَلُ وَلَا يُقْضَى.
(وَإِذَا انْتَفَعَ كُلُّ) وَاحِدٍ (مِنْ الشُّرَكَاءِ بِنَصِيبِهِ بَعْدَ الْقِسْمَةِ قَسَمَ بِطَلَبِ أَحَدِهِمْ) ؛ لِأَنَّ فِي الْقِسْمَةِ تَكْمِيلَ الْمَنْفَعَةِ وَكَانَتْ حَتْمًا لَازِمًا فِيمَا يَحْتَمِلُهَا.
(وَإِنْ تَضَرَّرَ الْكُلُّ) بِالْقِسْمَةِ كَالْحَمَّامِ وَغَيْرِهِ (لَا يَقْسِمُ إلَّا بِرِضَاهُمْ) ؛ لِأَنَّ الْقِسْمَةَ لِتَكْمِيلِ الْمَنْفَعَةِ.
وَفِي هَذَا تَفْوِيتُهُ فَيَعُودُ عَلَى مَوْضُوعِهِ بِالنَّقْضِ (وَإِنْ انْتَفَعَ الْبَعْضُ) لِكَثْرَةِ نَصِيبِهِ (دُونَ الْبَعْضِ) بَلْ تَضَرَّرَ لِقِلَّةِ حَظِّهِ (قَسَمَ بِطَلَبِ ذِي النَّفْعِ) ؛ لِأَنَّهُ طَالِبُ تَكْمِيلِ مَنْفَعَةِ مِلْكٍ (لَا بِطَلَبِ الْآخَرِ) وَ (هُوَ الْأَصَحُّ) هَذَا قَوْلُ الْخَصَّافِ وَالْإِمَامِ السَّرَخْسِيِّ؛ لِأَنَّهُ لَا فَائِدَةَ لَهُ فَهُوَ مُتَعَنِّتٌ فِي طَلَبِ الْقِسْمَةِ حَيْثُ يَشْتَغِلُ بِمَا لَا يَنْفَعُهُ.
وَفِي الدُّرَرِ نَقْلًا عَنْ الذَّخِيرَةِ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى وَذَكَرَ الْخَصَّافُ عَكْسَهُ؛ لِأَنَّ صَاحِبَ الْكَثِيرِ يَطْلُبُ ضَرَرَ صَاحِبِهِ وَصَاحِبَ الْقَلِيلِ يَرْضَى بِضَرَرِهِ وَذَكَرَ الْحَاكِمُ أَنَّ أَيَّهمَا طَلَبَ الْقِسْمَةَ قَسَمَ الْقَاضِي قَالَ فِي الْخَانِيَّةِ وَهُوَ اخْتِيَارُ الشَّيْخِ الْإِمَامِ الْمَعْرُوفِ بِخُوَاهَرْ زَادَهْ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى.
وَفِي الْمِنَحِ يَنْبَغِي أَنْ يُعَوَّلَ عَلَى مَا جَزَمَ بِهِ عَامَّةُ أَصْحَابِ الْمُتُونِ وَالشُّرُوحِ؛ لِأَنَّهَا هِيَ الْمَوْضُوعَةُ لِنَقْلِ الْمَذْهَبِ فَلَا يُعَارِضُهُ مَا فِي الْفَتَاوَى وَإِنَّمَا يُعَوَّلُ عَلَيْهَا إذَا لَمْ يُعَارِضْهَا كُتُبُ الْأُصُولِ وَهِيَ الْمَوْضُوعَةُ لِنَقْلِ الْمَذْهَبِ وَأَمَّا مَعَ مُعَارَضَتِهَا لَهَا لَا يُلْتَفَتُ إلَيْهَا كَمَا فِي أَنْفَعِ الْوَسَائِلِ.
(وَيَقْسِمُ الْعُرُوضَ مِنْ جِنْسٍ وَاحِدٍ) أَيْ يَقْسِمُ الْقَاضِي عُرُوضًا إذَا اتَّحَدَ جِنْسُهَا بِطَلَبِ بَعْضِ الشُّرَكَاءِ جَبْرًا لِوُجُودِ الْمُعَادَلَةِ بِالْمَالِيَّةِ وَالْمَنْفَعَةِ (وَلَا يَقْسِمُ) الْقَاضِي (الْجِنْسَيْنِ) بِإِعْطَاءِ (بَعْضِهِمَا فِي بَعْضٍ) لِعَدَمِ الِاخْتِلَاطِ بَيْنَهُمَا فَلَا تَكُونُ الْقِسْمَةُ تَمْيِيزًا بَلْ مُعَاوَضَةً وَلَا بُدَّ فِيهَا عَنْ التَّرَاضِي وَهَذَا بِالْإِجْمَاعِ.
(وَلَا) يَقْسِمُ الْقَاضِي (الْجَوَاهِرَ) مُطْلَقًا لِأَنَّ جَهَالَتَهَا مُتَفَاحِشَةٌ لِتَفَاوُتِهَا قِيمَةً وَقِيلَ لَا يَقْسِمُ الْكِبَارَ وَيَقْسِمُ الصِّغَارَ لِقِلَّةِ التَّفَاوُتِ وَقِيلَ لَا يَقْسِمُ الْجَوَاهِرَ إنْ كَانَتْ مُخْتَلِفَةَ الْجِنْسِ كَاللَّآلِئِ وَالْيَوَاقِيتِ.
(وَلَا) يَقْسِمُ (الْحَمَّامَ وَلَا الْبِئْرَ وَلَا الرَّحَى وَلَا الثَّوْبَ الْوَاحِدَ وَلَا الْحَائِطَ بَيْنَ دَارَيْنِ إلَّا بِرِضَاهُمْ) اسْتِثْنَاءً مِنْ قَوْلِهِ وَلَا يَقْسِمُ الْجِنْسَيْنِ إلَى هُنَاكَ أَيْ إلَّا بِرِضَا الشُّرَكَاءِ لِمَا فِيهِ مِنْ إلْحَاقِ الضَّرَرِ بِهِمْ.
(وَكَذَا) لَا يَقْسِمُ (الرَّقِيقَ) لَا بِرِضَاهُمْ عِنْدَ الْإِمَامِ (خِلَافًا لَهُمَا) فَإِنَّ عِنْدَهُمَا يَجُوزُ لِاتِّحَادِ الْجِنْسِ فَصَارَ كَالْإِبِلِ وَالْخَيْلِ وَالْغَنَمِ وَبِهِ قَالَتْ الْأَئِمَّةُ الثَّلَاثَةُ وَلَهُ أَنَّ قِسْمَةَ الرَّقِيقِ لِمَعَانِيهَا الْبَاطِنَةِ مُتَعَذِّرٌ وَلَا وُقُوفَ عَلَيْهَا وَلَا يُمْكِنُ التَّعْدِيلُ فَلَا يَقْسِمُ إلَّا بِتَرَاضٍ بِخِلَافِ الْحَيَوَانَاتِ إذَا كَانَتْ مِنْ جِنْسٍ وَاحِدٍ وَبِخِلَافِ الْمَغْنَمِ؛ لِأَنَّ حَقَّ الْغَانِمِينَ يَتَعَلَّقُ بِالْمَالِيَّةِ لَا بِالْعَيْنِ وَهَذَا الْخِلَافُ فِيمَا