دُونَ التَّسْمِيَةِ بِخِلَافِ الْخُطْبَةِ حَيْثُ يَجْزِيهِ ذَلِكَ عَنْ الْخُطْبَةِ إذَا نَوَى؛ لِأَنَّ الْمَذْكُورَ ذِكْرَ اللَّهِ تَعَالَى مُطْلَقًا وَفِي الذَّبِيحَةِ الْمَأْمُورُ بِهِ هُوَ الذَّكَرُ عَلَى الْمَذْبُوحِ.
وَفِي الْمِنَحِ وَفِي قَوَاعِدِ صَاحِبِ الْبَحْرِ وَأَمَّا النِّيَّةُ فِي الْخُطْبَةِ لِلْجُمُعَةِ فَشَرَطَ لِصِحَّتِهَا حَتَّى لَوْ عَطَسَ بَعْدَ صُعُودِ الْمِنْبَرِ فَقَالَ الْحَمْدُ لِلَّهِ لِلْعُطَاسِ غَيْرَ قَاصِدٍ لَهَا لَمْ تَصِحَّ.
(وَالسُّنَّةُ نَحْرُ الْإِبِلِ) أَيْ قَطْعُ عُرُوقِهَا الْكَائِنَةِ فِي أَسْفَلِ عُنُقِهَا عِنْدَ صُدُورِهَا؛ لِأَنَّهُ مَوْضِعُ النَّحْرِ عَنْهَا لَا لَحْمَ عَلَيْهِ مَا سِوَى ذَلِكَ مِنْ الْحَلْقِ عَلَيْهِ لَحْمٌ غَلِيظٌ فَالنَّحْرُ أَسْهَلُ مِنْ الذَّبْحِ (وَذَبْحُ الْبَقَرِ وَالْغَنَمِ) ؛ لِأَنَّ أَسْفَلَ الْحَلْقِ وَأَعْلَاهُ سَوَاءٌ فِي اللَّحْمِ مِنْهُمَا وَالذَّبْحُ أَيْسَرُ (وَيُكْرَهُ الْعَكْسُ) أَيْ ذَبْحُ الْإِبِلِ وَنَحْرُ الْبَقَرِ وَالْغَنَمِ لِتَرْكِ السُّنَّةِ الْمُتَوَارِثَةِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تَذْبَحُوا بَقَرَةً} [البقرة: ٦٧] .
وَقَالَ اللَّهُ تَعَالَى {وَفَدَيْنَاهُ بِذِبْحٍ عَظِيمٍ} [الصافات: ١٠٧] وَقَالَ اللَّهُ تَعَالَى {فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ} [الكوثر: ٢] أَيْ انْحَرْ الْجَزُورَ (وَيَحِلُّ) لِوُجُودِ شَرْطِ الْحِلِّ وَهُوَ قَطْعُ الْعُرُوقِ وَإِنْهَارُ الدَّمِ وَالسُّنَّةُ أَنْ يَنْحَرَ الْبَعِيرَ قَائِمًا وَيَذْبَحَ الشَّاةَ مُضْطَجِعَةً وَكَذَا الْبَقَرُ (وَالذَّبْحُ) أَيْ قَطْعُ الْأَوْدَاجِ (بَيْنَ الْحَلْقِ) هُوَ الْحُلْقُومُ عَلَى مَا فِي النِّهَايَةِ (وَاللَّبَّة) بِفَتْحِ اللَّامِ وَالْبَاءِ الْمُشَدَّدَةِ هِيَ الْمَنْحَرُ مِنْ الصَّدْرِ عَلَى مَا فِي الْكَافِي وَالْهِدَايَةِ مُوَافِقًا لِرِوَايَةِ الْمَبْسُوطَةِ.
وَفِي الْخَانِيَّةِ مَحَلُّ الذَّكْوَةِ الْحَلْقُ كُلُّهُ لِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «الذَّكْوَةِ مَا بَيْنَ اللَّبَّةِ وَاللَّحْيَيْنِ» وَهُوَ الْمُوَافِقُ لِرِوَايَةِ الْجَامِعِ الصَّغِيرِ إنَّهُ لَا بَأْسَ بِالذَّبْحِ فِي الْحَلْقِ أَعْلَاهُ وَأَسْفَلَهُ وَأَوْسَطَهُ وَعَنْ هَذَا قَالَ (أَعْلَى الْحَلْقِ أَوْ أَسْفَلَهُ أَوْ أَوْسَطَهُ) فَيَكُونُ عَطْفُ بَيَانٍ لِقَوْلِهِ بَيْنَ قَالَ أَبُو الْمَكَارِمِ.
وَفِي الْكَافِي إنَّ مَا بَيْنَهُمَا هُوَ الْحَلْقُ كُلُّهُ وَقَدْ سَبَقَ أَنَّ الْحَلْقَ وَهُوَ الْحُلْقُومُ فَظَهَرَ فَسَادُ مَا فِي الْكِفَايَةِ مِنْ أَنَّ مُقْتَضَى رِوَايَةِ الْجَامِعِ أَنَّ الذَّبْحَ لَوْ وَقَعَ فِي أَعْلَى مِنْ الْحُلْقُومِ كَانَ الْمَذْبُوحُ حَلَالًا لِكَوْنِهِ مَا بَيْنَ اللَّبَّةِ وَاللَّحْيَيْنِ وَقَدْ صَرَّحَ فِي الذَّخِيرَةِ أَنَّ الذَّبْحَ إذَا وَقَعَ فِي أَعْلَى مِنْ الْحُلْقُومِ لَا يَحِلُّ انْتَهَى لَكِنْ قَالَ الْقُهُسْتَانِيُّ وَالْحَلْقُ فِي الْأَصْلِ الْحُلْقُومُ اُسْتُعْمِلَ فِي بَعْضِ الْعُنُقِ بِعَلَاقَةِ الْجُزْئِيَّةِ لِقَرِينَةِ رِوَايَةِ الْمَبْسُوطِ وَالذَّخِيرَةِ وَكَلَامِ التُّحْفَةِ وَالْعَتَّابِيِّ وَالْكَافِي وَالْمُضْمِرَاتِ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْحَلْقَ يُسْتَعْمَلُ فِي الْعُنُقِ بِعَلَاقَةِ الْجُزْئِيَّةِ بِقَرِينَةِ رِوَايَةِ الْجَامِعِ فَالْمَعْنَى مِنْ مَبْدَأِ الْحَلْقِ وَاللَّبَّةِ فَالْمَذْبَحُ عِنْدَ الْأَوَّلَيْنِ مِنْ الْعُقْدَةِ وَعِنْدَ الْآخَرَيْنِ مِنْ أَصْلِ الْعُنُقِ فَمِنْ الظَّنِّ الْفَاسِدِ إفْسَادُ كَلَامِ الْكِفَايَةِ بِنَاءً عَلَى كَلَامِ الْآخَرَيْنِ مَعَ إنَّهُ حَمَلَهُ عَلَى خِلَافِ مُرَادِهِ حَيْثُ نَقَلَهُ هُوَ هَكَذَا مُقْتَضَى رِوَايَةِ الْجَامِعِ أَنَّ الذَّبْحَ لَوْ وَقَعَ فِي أَعْلَى مِنْ الْحُلْقُومِ كَانَ الْمَذْبُوحُ حَلَالًا وَكَلَامُهُ هَكَذَا هَذِهِ الرِّوَايَةُ تَقْتَضِي أَنْ يَحِلَّ وَإِنْ وَقَعَ الذَّبْحُ فَوْقَ الْحَلْقِ قَبْلَ الْعُقْدَةِ وَلَوْ جَعَلَ بَيْنَ بِمَعْنَى فِي كَمَا فِي الْكَرْمَانِيِّ لَمْ يَسْتَقِمْ كَمَا لَا يَخْفَى (وَقِيلَ لَا يَجُوزُ فَوْقَ الْعُقْدَةِ) وَإِنَّمَا أَتَى بِصِيغَةِ التَّمْرِيضِ لِمُخَالَفَةِ ظَاهِرِ الْحَدِيثِ الَّذِي مَرَّ آنِفًا.
(وَالْعُرُوقِ) أَيْ عُرُوقِ الذَّبْحِ الِاخْتِيَارِيِّ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute