للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

بِالسُّكُونِ فَقُلِبَتْ الْوَاوُ يَاءً وَأُدْغِمَتْ فِي الْيَاءِ وَكُسِرَتْ الْحَاءُ لِثَبَاتِ الْيَاءِ وَيُجْمَعُ عَلَى أَضَاحِيِّ بِتَشْدِيدِ الْيَاءِ قَالَ الْأَصْمَعِيُّ وَفِيهَا أَرْبَعُ لُغَاتٍ أُضْحِيَّةٌ بِضَمِّ الْهَمْزَةِ وَبِكَسْرِهَا وَضَحِيَّةٌ بِفَتْحِ الضَّادِ عَلَى وَزْنِ فَعِيلَةٍ وَيُجْمَعُ عَلَى ضَحَايَا كَهَدِيَّةِ عَلَى هَدَايَا وَضَحَاةٍ وَجَمْعُهُ أَضْحَى كَأَرْطَاةَ وَأَرْطَى.

وَقَالَ الْفَرَّاءُ الْأَضْحَى يُذَكَّرُ وَيُؤَنَّثُ وَفِي الشَّرْعِ هِيَ ذَبْحُ حَيَوَانٍ مَخْصُوصٍ بِنِيَّةِ الْقُرْبَةِ فِي وَقْتٍ مَخْصُوصٍ وَهُوَ يَوْمُ الْأَضْحَى وَشَرَائِطُهَا الْإِسْلَامُ وَالْيَسَارُ الَّذِي يَتَعَلَّقُ بِهِ صَدَقَةُ الْفِطْرِ فَتَجِبُ عَلَى الْأُنْثَى وَسَبَبُهَا الْوَقْتُ وَهُوَ أَيَّامُ النَّحْرِ وَرُكْنُهَا ذَبْحُ مَا يَجُوزُ ذَبْحُهَا وَحُكْمُهَا الْخُرُوجُ عَنْ عُهْدَةِ الْوَاجِبِ فِي الدُّنْيَا وَالْوُصُولِ إلَى الثَّوَابِ فِي الْعُقْبَى (هِيَ) أَيْ الْأُضْحِيَّةُ (وَاجِبَةٌ وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ سُنَّةٌ) مُؤَكَّدَةٌ وَهُوَ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ (وَقِيلَ هُوَ) أَيْ كَوْنُهَا سُنَّةً (قَوْلُهُمَا) يَعْنِي ذَكَرَ الطَّحَاوِيُّ أَنَّهَا وَاجِبَةٌ عِنْدَ الْإِمَامِ سُنَّةٌ عِنْدَهُمَا وَوَجْهُ الْوُجُوبِ قَوْلُهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «مَنْ وَجَدَ سَعَةً وَلَمْ يُضَحِّ فَلَا يَقْرَبَنَّ مُصَلَّانَا» هَذَا وَعِيدٌ يَلْحَقُ بِتَرْكِ الْوَاجِبِ وَوَجْهُ السُّنَّةِ قَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «مَنْ أَرَادَ أَنْ يُضَحِّيَ مِنْكُمْ شَاةً فَلَا يَأْخُذُ مِنْ شَعَرِهِ وَأَظْفَارِهِ شَيْئًا»

إذْ التَّعْلِيقُ بِالْإِدَارَةِ يُنَافِي الْوُجُوبَ لَكِنَّ الْمُرَادَ مِنْ الْإِرَادَةِ الْقَصْدُ الَّذِي هُوَ ضِدُّ السَّهْوِ لَا التَّخْيِيرُ لِأَنَّهُ بَيْنَ الْأَدَاءِ وَالتَّرْكِ فَكَأَنَّهُ صَرَّحَ بِهِ وَقَالَ مَنْ قَصَدَ مِنْهُمْ أَنْ يُضَحِّيَ وَهَذَا لَا يَدُلُّ عَلَى نَفْيِ الْوُجُوبِ فَصَارَ هَذَا نَظِيرَ قَوْلِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «مَنْ أَرَادَ مِنْكُمْ الْجُمُعَةَ فَلْيَغْتَسِلْ» لَمْ يُرِدْ التَّخْيِيرَ هُنَاكَ فَكَذَا هُنَا.

(وَإِنَّمَا تَجِبُ) التَّضْحِيَةُ دُونَ الْأُضْحِيَّةِ لِمَا تَقَرَّرَ مِنْ أَنَّ الْوُجُوبَ مِنْ صِفَاتِ الْفِعْلِ إلَّا أَنَّ الْقُدُورِيَّ وَمَنْ تَبِعَهُ قَالَ: ذَلِكَ تَوْسِعَةٌ وَمَجَازٌ وَالْمُرَادُ بِالْوُجُوبِ الْوُجُوبُ الْعَمَلِيُّ لَا الِاعْتِقَادِيُّ حَتَّى لَا يَكْفُرَ جَاحِدُهَا كَمَا فِي الْمِنَحِ (عَلَى حُرٍّ) فَلَا تَجِبُ عَلَى الْعَبْدِ (مُسْلِمٍ) فَلَا تَجِبُ عَلَى الْكَافِرِ (مُقِيمٍ) فَلَا تَجِبُ عَلَى الْمُسَافِرِ لِقَوْلِ عَلِيٍّ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - لَيْسَ عَلَى مُسَافِرٍ جُمُعَةٌ وَلَا أُضْحِيَّةٌ وَعَنْ مَالِكٍ لَا يُشْتَرَطُ الْإِقَامَةُ وَيَسْتَوِي فِيهِ الْمُقِيمُ بِالْمِصْرِ وَالْقَوِيُّ وَالْبَوَادِي (مُوسِرٍ) ؛ لِأَنَّ الْعِبَادَةَ لَا تَجِبُ إلَّا عَلَى الْقَادِرِ وَهُوَ الْغَنِيُّ دُونَ الْفَقِيرِ وَمِقْدَارُهُ مَا تَجِبُ فِيهِ صَدَقَةُ الْفِطْرِ وَقَوْلُهُ (عَنْ نَفْسِهِ) يَتَعَلَّقُ بِقَوْلِهِ تَجِبُ؛ لِأَنَّهُ أَصْلٌ فِي الْوُجُوبِ عَلَيْهِ (لَا عَنْ طِفْلِهِ) أَيْ أَوْلَادِهِ الصِّغَارِ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ لِكَوْنِهَا قُرْبَةً مَحْضَةً فَلَا تَجِبُ عَلَى الْغَيْرِ بِسَبَبِ الْغَيْرِ (وَقِيلَ) أَيْ فِي رِوَايَةِ الْحَسَنِ عَنْ الْإِمَامِ (تَجِبُ عَنْهُ) أَيْ عَنْ الطِّفْلِ (أَيْضًا) أَيْ كَنَفْسِهِ لِكَوْنِهَا قُرْبَةً مَالِيَّةً وَالطِّفْلُ فِي مَعْنَى نَفْسِهِ فَيَلْحَقُ بِهِ كَمَا فِي صَدَقَةِ الْفِطْرِ (وَقِيلَ يُضَحِّي عَنْهُ) أَيْ عَنْ الطِّفْلِ (أَبُوهُ أَوْ وَصِيُّهُ مِنْ مَالِهِ) إنْ كَانَ لَهُ مَالٌ (فَيُطْعِمُ) الطِّفْلَ (مِنْهَا مَا أَمْكَنَ) الْإِطْعَامُ بِقَدْرِ الْحَاجَةِ (وَيَسْتَبْدِلُ بِالْبَاقِي مَا يَنْتَفِعُ بِهِ

<<  <  ج: ص:  >  >>