مَعَ بَقَائِهِ) كَالثَّوْبِ وَالْخُفِّ فَلَا يَسْتَبْدِلُ بِمَا يَنْتَفِعُ بِهِ بِالِاسْتِهْلَاكِ كَالْخُبْزِ وَالْإِدَامِ؛ لِأَنَّ الْوَاجِبَ هُوَ إرَاقَةُ الدَّمِ فَالتَّصَدُّقُ بِاللَّحْمِ تَبَرُّعٌ وَهُوَ لَا يَجْرِي فِي مَالِ الصَّبِيِّ فَيَنْبَغِي أَنْ يُطْعِمَ الطِّفْلَ وَيَدَّخِرَ لَهُ وَيَسْتَبْدِلَ الْبَاقِي بِالْأَشْيَاءِ الَّتِي يَنْتَفِعُ الطِّفْلُ بِهَا مَعَ بَقَاءِ أَعْيَانِهَا اعْتِبَارًا بِجِلْدِ الْأُضْحِيَّةِ
وَفِي الْهِدَايَةِ وَإِنْ كَانَ لِلصَّغِيرِ مَالٌ يُضَحِّي عَنْهُ أَبُوهُ أَوْ وَصِيُّهُ مِنْ مَالِهِ عِنْدَ الشَّيْخَيْنِ وَقَالَ مُحَمَّدٌ وَزُفَرُ وَالشَّافِعِيُّ مِنْ مَالِ نَفْسِهِ لَا مِنْ مَالِ الصَّغِيرِ فَالْخِلَافُ فِي هَذَا كَالْخِلَافِ فِي صَدَقَةِ الْفِطْرِ وَقِيلَ لَا تَجُوزُ التَّضْحِيَةُ مِنْ مَالِهِ الصَّغِيرِ فِي قَوْلِهِمْ جَمِيعًا لِمَا قَرَّرْنَاهُ قُبَيْلَهُ وَالْأَصَحُّ أَنْ يُضَحِّيَ مِنْ مَالِهِ يَأْكُلُ مِنْهُ مَا أَمْكَنَهُ وَيَبْتَاعُ بِمَا بَقِيَ مَا يَنْتَفِعُ بِعَيْنِهِ.
(وَهِيَ) أَيْ الْأُضْحِيَّةُ (شَاةٌ) تَجُوزُ مِنْ فَرْدٍ فَقَطْ (أَوْ بَدَنَةٌ) تَجُوزُ مِنْ وَاحِدٍ أَيْضًا (أَوْ سُبْعٌ) بِضَمِّ السِّينِ بِمَعْنَى وَاحِدٍ مِنْ السَّبْعِ (بَدَنَةٌ) بَيَانٌ لِلْقَدْرِ الْوَاجِبِ وَالْقِيَاسُ أَنْ لَا تَجُوزَ الْبَدَنَةُ إلَّا عَنْ وَاحِدٍ؛ لِأَنَّ الْإِرَاقَةَ وَاحِدَةٌ وَهِيَ الْقُرْبَةُ وَالْقُرْبَةُ لَا تَتَجَزَّأُ إلَّا أَنَّا تَرَكْنَاهُ بِالْأَثَرِ وَهُوَ مَا رُوِيَ عَنْ جَابِرٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - أَنَّهُ قَالَ «نَحَرْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الْبَقَرَةَ عَنْ سَبْعَةٍ وَالْبَدَنَةَ عَنْ سَبْعَةٍ» وَلَا نَصَّ فِي الشَّاةِ فَيَبْقَى عَلَى أَصْلِ الْقِيَاسِ ثُمَّ أَرَادَ تَفْسِيرَ قَوْلِهِ أَوْ سُبْعَ بَدَنَةٍ فَقَالَ (بِأَنْ اشْتَرَكَ) الْمُضَحِّي (مَعَ سِتَّةِ فِي بَقَرَةٍ أَوْ بَعِيرٍ وَكُلُّ) وَاحِدٍ مِنْهُمْ (يُرِيدُ الْقُرْبَةَ وَهُوَ) أَيْ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ (مِنْ أَهْلِهَا) أَيْ أَهْلِ الْقُرْبَةِ بِكَوْنِهِمْ مُسْلِمِينَ (وَلَمْ يَنْقُصْ نَصِيبُ أَحَدِهِمَا عَنْ سُبْعِ) ثُمَّ فَرَّعَهُ فَقَالَ (فَلَوْ أَرَادَ أَحَدُهُمْ بِنَصِيبِهِ اللَّحْمَ أَوْ كَانَ كَافِرًا أَوْ نَصِيبُهُ) أَيْ نَصِيبُ أَحَدِهِمْ (أَقَلُّ مِنْ سُبْعٍ لَا يَجُوزُ عَنْ وَاحِدٍ مِنْهُمْ) لِمَا مَرَّ أَنَّ وَصْفَ الْقُرْبَةِ لَا يَتَجَزَّأُ حَتَّى إذَا مَاتَ رَجُلٌ وَتَرَكَ امْرَأَةً وَابْنًا وَبَقَرَةً فَضَحَّيَاهَا يَوْمَ الْعِيدِ لَا يَجُوزُ فِي نَصِيبِ الْمَرْأَةِ؛ لِأَنَّهُ أَقَلُّ مِنْ السُّبْعِ وَكَذَا لَا يَجُوزُ فِي نَصِيبِ الِابْنِ لِانْعِدَامِ وَصْفِ الْقُرْبَةِ فِي الْبَعْضِ.
وَقَالَ مَالِكٌ تَجُوزُ الْبَدَنَةُ عَنْ أَهْلِ بَيْتٍ وَاحِدٍ وَإِنْ كَانُوا أَكْثَرَ مِنْ سَبْعَةٍ وَلَا تَجُوزُ عَنْ أَهْلِ بَيْتَيْنِ وَإِنْ كَانُوا أَقَلَّ مِنْهَا (وَيَجُوزُ اشْتِرَاكُ أَقَلَّ مِنْ سَبْعَةٍ وَلَوْ) كَانَتْ الْبَدَنَةُ بَيْنَ (اثْنَيْنِ) نِصْفَيْنِ فِي الْأَصَحِّ قَالَ الْعَيْنِيُّ فِي شَرْحِ الْكَنْزِ وَتَجُوزُ عَنْ سِتَّةٍ أَوْ خَمْسَةٍ أَوْ أَرْبَعَةٍ أَوْ ثَلَاثَةٍ ذَكَرَهُ مُحَمَّدٌ فِي الْأَصْلِ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا جَازَ عَنْ السَّبْعَةِ فَعَنْ دُونِهِ أَوْلَى وَلَا تَجُوزُ عَنْ الثَّمَانِيَةِ لِعَدَمِ النَّقْلِ فِيهِ (وَيُقَسَّمُ لَحْمُهَا) أَيْ إذَا جَازَ عَلَى الشَّرِكَةِ فَيُقَسَّمُ اللَّحْمُ (وَزْنًا) بَيْنَ الشُّرَكَاءِ؛ لِأَنَّهُ مَوْزُونٌ (لَا جُزَافًا) لِأَنَّ فِي الْقِسْمَةِ مَعْنَى التَّمْلِيكِ فَلَا يَجُوزُ جُزَافًا عِنْدَ وُجُودِ الْجِنْسِ وَالْوَزْنِ وَلَا يَجُوزُ التَّحْلِيلُ؛ لِأَنَّهُ فِي مَعْنَى الْهِبَةِ وَهِبَةُ الْمُشَاعِ فِيمَا يُقَسَّمُ لَا تَجُوزُ (إلَّا إذَا خُلِطَ) وَضُمَّ (بِهِ) أَيْ بِاللَّحْمِ (مِنْ أَكَارِعِهِ أَوْ جِلْدِهِ) أَيْ يَكُونُ فِي كُلِّ جَانِبٍ شَيْءٌ مِنْ اللَّحْمِ وَمِنْ الْأَكَارِعِ أَوْ يَكُونُ فِي كُلِّ جَانِبٍ شَيْءٌ مِنْ اللَّحْمِ وَبَعْضِ الْجِلْدِ أَوْ يَكُونُ فِي جَانِبٍ لَحْمٌ وَأَكَارِعُ وَفِي آخَرَ لَحْمٌ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute