للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَالْمَفْهُومُ مِنْ كَلَامِ صَاحِبِ التَّسْهِيلِ أَنَّ قَوْلَ الْإِمَامِ كَقَوْلِ أَبِي يُوسُفَ فِي اشْتِرَاطِهِ الْبُعْدَ حَيْثُ قَالَ اعْتَبَرَ مُحَمَّدٌ عَدَمَ الِارْتِفَاقِ لَا الْبُعْدِ خِلَافًا لَهُمَا (مَنْ أَحْيَاهَا) أَيْ الْمَوَاتَ (بِإِذْنِ الْإِمَامِ) أَوْ نَائِبِهِ (وَلَوْ) وَصْلِيَّةٌ (ذِمِّيًّا مَلَكَهَا) أَيْ مَلَكَ الْمُحْيِي الْمَوَاتَ (وَبِلَا إذْنِهِ) أَيْ بِلَا إذْنِ الْإِمَامِ أَوْ نَائِبِهِ (لَا) يَمْلِكُهَا عِنْدَ الْإِمَامِ (خِلَافًا لَهُمَا) فَإِنَّ عِنْدَهُمَا يَمْلِكُهَا بِدُونِ الْإِذْنِ لِأَنَّهَا كَانَتْ مُبَاحَةً وَيَدُهُ سَبَقَتْ إلَيْهَا بِالْخُصُوصِ فَيَمْلِكُهُ كَمَا فِي الْحَطْبِ وَالصَّيْدِ وَبِهِ قَالَتْ الْأَئِمَّةُ الثَّلَاثَةُ إلَّا عِنْدَ مَالِكٍ لَوْ تَشَاحَّا أَهْلُ الْعَامِرِ يُعْتَبَرُ الْإِذْنُ وَإِلَّا لَا وَلِلْإِمَامِ أَنَّ الْأَرْضَ مَغْنُومَةٌ لِاسْتِيلَاءِ الْمُسْلِمِينَ عَلَيْهَا فَلَمْ يَكُنْ لِأَحَدٍ أَنْ يَخْتَصَّ بِدُونِ إذْنِ الْإِمَامِ كَسَائِرِ الْمَغَانِمِ.

وَفِي الْقُهُسْتَانِيِّ وَإِنْ كَانَ مُسْتَأْمَنًا فَلَا يَمْلِكُهَا أَصْلًا بِالِاتِّفَاقِ.

وَفِي التَّبْيِينِ وَلَوْ تَرَكَهَا بَعْدَ الْإِحْيَاءِ وَزَرَعَهَا غَيْرُهُ قِيلَ الثَّانِي أَحَقُّ بِهَا لِأَنَّ الْأَوَّلَ مَلَكَ اسْتِغْلَالَهَا دُونَ رَقَبَتِهَا وَالْأَصَحُّ أَنَّ الْأَوَّلَ أَحَقُّ بِهَا لِأَنَّهُ مَلَكَ رَقَبَتَهَا بِالْإِحْيَاءِ فَلَا يَخْرُجُ عَنْ مِلْكِهِ بِالتَّرْكِ وَلَوْ أَحْيَا أَرْضًا مَيِّتَةً ثُمَّ أَحَاطَ الْأَحْيَاءُ بِجَوَانِبِهَا الْأَرْبَعَةِ مِنْ أَرْبَعَةِ نَفَرٍ عَلَى التَّعَاقُبِ تَعَيَّنَ طَرِيقُ الْأَوَّلِ فِي الْأَرْضِ لِرَابِعَةٍ فِي الْمَرْوِيِّ عَنْ مُحَمَّدٍ لِأَنَّهُ لَمَّا أَحْيَا الْجَوَانِبَ الثَّلَاثَةَ تَعَيَّنَ الْجَانِبُ الرَّابِعُ لِلِاسْتِطْرَادِ وَيَمْلِكُ الذِّمِّيُّ بِالْإِحْيَاءِ كَالْمُسْلِمِ لِأَنَّهُمَا لَا يَخْتَلِفَانِ فِي سَبَبِ الْمِلْكِ انْتَهَى.

(وَلَا يَجُوزُ إحْيَاءُ مَا قَرُبَ مِنْ الْعَامِرِ بَلْ يُتْرَكُ مَرْعًى لِأَهْلِ الْقَرْيَةِ وَمَطْرَحًا لِحَصَائِدِهِمْ) لِتَحَقُّقِ حَاجَتِهِمْ إلَيْهِ تَحْقِيقًا أَوْ تَقْدِيرًا فَصَارَ كَالنَّهْرِ وَالطَّرِيقِ وَعَلَى هَذَا قَالُوا لَيْسَ لِلْإِمَامِ أَنْ يَقْطَعَ بِهِ مَا لَا غِنَاءَ لِلْمُسْلِمِينَ عَنْهُ كَالْمِلْحِ وَالْآبَارِ الَّتِي يُسْتَقَى مِنْهَا كَمَا فِي التَّبْيِينِ لَكِنْ بَيْنَ هَذَا وَبَيْنَ مَا نُقِلَ آنِفًا عَنْهُ وَهُوَ قَوْلُهُ وَيَجُوزُ إحْيَاءُ مَا لَا يَنْتَفِعُونَ بِهِ وَإِنْ كَانَ قَرِيبًا مِنْ الْعَامِرِ أَوْ قَوْلُ الْمُصَنِّفِ وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ أَنْ لَا يَنْتَفِعَ بِهَا الْعَامِرُ وَلَوْ قَرِيبَةً مِنْهُ مُخَالَفَةً لِأَنَّ مُقْتَضَاهُمَا أَنْ يَجُوزَ إحْيَاءُ مَا قَرُبَ مِنْ الْعَامِرِ عَلَى تَقْدِيرِ عَدَمِ انْتِفَاعِهِمْ بِهَا تَتَبَّعْ.

(وَلَا) يَجُوزُ إحْيَاءُ (مَا) أَيْ مَحَلٍّ (عَدَلَ) أَيْ رَجَعَ (عَنْهُ مَاءُ الْفُرَاتِ وَنَحْوِهَا) كَدِجْلَةَ وَالشَّطِّ وَغَيْرِهِمَا (وَاحْتُمِلَ عَوْدُهُ) إلَيْهِ لِحَاجَةِ الْعَامَّةِ إلَى كَوْنِهِ نَهْرًا (فَإِنْ) الظَّاهِرُ وَإِنْ بِالْوَاوِ (لَمْ يُحْتَمَلْ) عَوْدُهُ إلَى مَكَانِهِ وَلَمْ يَكُنْ عَلَى قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ حَرِيمًا لِعَامِرٍ (جَازَ) إحْيَاؤُهُ لِكَوْنِهِ مُلْحَقًا بِالْمَوَاتِ.

(وَمَنْ حَجَرَ أَرْضًا ثَلَاثَ سِنِينَ وَلَمْ يَعْمُرْهَا) أَيْ الْأَرْضَ (أُخِذَتْ) الْأَرْضُ (مِنْهُ) أَيْ غَيْرِ الْحَجْرِ (وَدُفِعَتْ إلَى غَيْرِهِ) أَيْ غَيْرِ الْمُحْجِرِ لِأَنَّ الدَّفْعَ كَانَ إلَى الْأَوَّلِ لِيَعْمُرَهَا فَتَحْصُلُ الْمَنْفَعَةُ لِلْمُسْلِمِينَ مِنْ حَيْثُ الْعُشْرِ وَالْخَرَاجِ فَإِذَا لَمْ تَحْصُلْ يَدْفَعُهُ إلَى غَيْرِهِ تَحْصِيلًا لِلْمَقْصُودِ وَلِأَنَّ التَّحْجِيرَ لَيْسَ بِإِحْيَاءٍ فِي الصَّحِيحِ لِأَنَّ الْإِحْيَاءَ جَعْلُهَا صَالِحَةً لِلزِّرَاعَةِ وَالتَّحْجِيرَ لِلْإِعْلَامِ بِوَضْعِ الْأَحْجَارِ حَوْلَهَا أَنَّهُ قَصَدَ إحْيَاءَهَا لِكَوْنِهِ مِنْ الْحَجَرِ بِالْحَرَكَةِ وَقِيلَ اشْتِقَاقُهُ مِنْ الْحَجْرِ بِالسُّكُونِ هُوَ الْمَنْعُ لِأَنَّ مَنْ أَعْلَمَ فِي قِطْعَةِ أَرْضٍ مِنْ الْمَوَاتِ عَلَامَةً بِوَضْعِ الْأَحْجَارِ أَوْ الشَّوْكِ

<<  <  ج: ص:  >  >>