بِكَسْرِ النُّونِ وَتَشْدِيدِ الْيَاءِ (مِنْ مَاءِ الْعِنَبِ إذَا غَلَا) مِنْ غَلَا يَغْلِي غَلْيًا وَغَلَيَانًا أَيْ صَارَ أَسْفَلُهُ أَعْلَى (وَاشْتَدَّ) أَيْ قَوِيَ بِحَيْثُ تَصِيرُ مُسْكِرًا (وَالْقَذْفُ بِالزَّبَدِ) بِالتَّحْرِيكِ أَيْ رَمْيُهُ بِحَيْثُ لَا يَبْقَى فِيهِ شَيْءٌ مِنْ الزَّبَدِ فَيَصْفُو وَيَرِقُّ (شَرْطٌ) عِنْدَ الْإِمَامِ لِأَنَّ الْغَلَيَانَ بِدَايَةُ الشِّدَّةِ وَالْقَذْفِ بِالزَّبَدِ، وَالسُّكُونُ كَمَالُ الشِّدَّةِ إذْ بِهِ يَتَمَيَّزُ الصَّافِي عَنْ الْكَدِرِ (خِلَافًا لَهُمَا) لِأَنَّ عِنْدَهُمَا وَعِنْدَ الْأَئِمَّةِ الثَّلَاثَةِ لَا يُشْتَرَطُ فِيهِ الْقَذْفُ بِالزَّبَدِ لِأَنَّهُ يُسَمَّى خَمْرًا قَبْلَ الْقَذْفِ.
وَفِي الْمِنَحِ وَالْغَلَيَانُ وَالشِّدَّةُ شَرْطٌ بِالْإِجْمَاعِ.
وَفِي النِّهَايَةِ وَلَا يُحَدُّ بِدُونِ الْقَذْفِ احْتِيَاطًا بِهِ قَالَ ابْنُ الشَّيْخِ فِي شَرْحِ الْوِقَايَةِ وَخَصَّ اسْمَ الْخَمْرِ بِالنِّيِّ مِنْ مَاءِ الْعِنَبِ إذَا صَارَ مُسْكِرًا بِاتِّفَاقِ أَهْلِ اللُّغَةِ وَاسْتُعْمِلَ فِيهِ وَقَالَ بَعْضُ النَّاسِ لَفْظُ الْخَمْرِ اسْمٌ لِكُلِّ مُسْكِرٍ نِيًّا كَانَ أَوْ مَطْبُوخًا مِنْ مَاءِ عِنَبٍ أَوْ غَيْرِهِ لِأَنَّهُ مُشْتَقٌّ مِنْ مُخَامَرَةِ الْعَقْلِ وَهُوَ مَوْجُودٌ فِي كُلِّ مُسْكِرٍ وَأُجِيبَ عَنْهُ إنَّمَا سُمِّيَ هَذَا خَمْرًا لِتَخَمُّرِهِ وَهُوَ الشِّدَّةُ وَالْقُوَّةُ أَوْ لِاخْتِمَارِهِ وَهُوَ تَغَيُّرُ رِيحِهِ لَا لِلْمُخَامَرَةِ وَلَوْ سُلِّمَ إنَّمَا سُمِّيَ لِمُخَامَرَتِهِ الْعَقْلَ وَذَا لَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ كُلَّ مَا يُخَامِرُ الْعَقْلَ يُسَمَّى خَمْرًا كَالنَّجْمِ لِأَنَّهُ اسْمٌ خَاصٌّ بِالْكَوَاكِبِ لِظُهُورِهِ وَهَذَا لَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ كُلَّ مَا ظَهَرَ يُسَمَّى نَجْمًا مَعَ أَنَّ الْمُنَاسَبَةَ فِي الْوَضْعِ تُعْتَبَرُ تَارَةً كَمَا فِي النَّجْمِ وَالْخَمْرِ وَقَدْ لَا تُعْتَبَرُ تَارَةً كَمَا فِي الْحَجَرِ وَالْجِدَارِ.
(وَ) يَحْرُمُ (الطِّلَاءُ) بِكَسْرِ الطَّاءِ وَتَخْفِيفِ اللَّامِ وَمَدِّ الْأَلْفِ (وَهُوَ مَا طُبِخَ مِنْهُ) أَيْ مِنْ مَاءِ الْعِنَبِ (فَذَهَبَ أَقَلُّ مِنْ ثُلُثَيْهِ) كَمَا فِي الْوِقَايَةِ وَالْكَنْزِ لَكِنْ فِي التَّبْيِينِ نَقْلًا عَنْ الْمُحِيطِ الطِّلَاءُ اسْمٌ لِلْمُثَلَّثِ وَهُوَ مَا إذَا طُبِخَ مِنْ مَاءِ الْعِنَبِ حَتَّى ذَهَبَ ثُلُثَاهُ وَبَقِيَ ثُلُثُهُ وَصَارَ مُسْكِرًا وَهُوَ الصَّوَابُ لِمَا رُوِيَ أَنَّ كِبَارَ الصَّحَابَةِ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ - كَانُوا يَشْرَبُونَ مِنْ الطِّلَاءِ مَا ذَهَبَ ثُلُثَاهُ وَبَقِيَ ثُلُثُهُ عَلَى مَا يَجِيءُ مِنْ قَرِيبٍ وَيُؤَيِّدُ الْمُحِيطُ تَفْسِيرَ الْجَوْهَرِيِّ إيَّاهُ بِمَا ذَهَبَ ثُلُثَاهُ.
وَفِي الْهِدَايَةِ كَمَا فِي الْمَتْنِ اعْتَبَرَ الذَّاهِبَ أَقَلَّ مِنْ ثُلُثَيْهِ وَيُسَمَّى الْبَاذَقُ أَيْضًا سَوَاءٌ كَانَ الذَّاهِبُ قَلِيلًا أَوْ كَثِيرًا بَعْدَ أَنْ لَمْ يَكُنْ الذَّاهِبُ ثُلُثَيْنِ (فَإِنْ ذَهَبَ نِصْفُهُ) بِالطَّبْخِ وَبَقِيَ النِّصْفُ (سُمِّيَ مُنَصَّفًا وَإِنْ طُبِخَ بِأَدْنَى طَبْخَةٍ سُمِّيَ بَاذِقًا) اسْمٌ لِمَا يُطْبَخُ مِنْ مَاءِ الْعِنَبِ حَتَّى يَذْهَبَ أَقَلُّ مِنْ ثُلُثَيْهِ سَوَاءٌ كَانَ أَقَلَّ مِنْ الثُّلُثِ أَوْ النِّصْفِ بَعْدَمَا صَارَ مُسْكِرًا (إذَا غَلَا وَاشْتَدَّ) وَقَذَفَ بِالزَّبَدِ عَلَى الِاخْتِلَافِ لِأَنَّهُ رَقِيقٌ مُلِذٌّ مُطْرِبٌ يَدْعُو قَلِيلُهُ إلَى كَثِيرِهِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute