كَالْخَمْرِ وَلِهَذَا يَجْتَمِعُ عَلَيْهِ الْفُسَّاقُ فَيَحْرُمُ شُرْبُهُ دَفْعًا لِمَا يَتَعَلَّقُ بِهِ الْفَسَادُ وَقَالَ الْأَوْزَاعِيُّ إنَّهُ مُبَاحٌ وَهُوَ قَوْلُ بَعْضِ الْمُعْتَزِلَةِ لِأَنَّهُ مَشْرُوبٌ طَيِّبٌ وَلَيْسَ بِخَمْرٍ.
(وَ) يَحْرُمُ (السَّكَرُ) وَفِي الْمَغْرِبِ بِفَتْحَتَيْنِ عَصِيرُ الرُّطَبِ وَلِهَذَا قَالَ (وَهُوَ الْأَحْمَزَ مِنْ مَاءِ الرُّطَبِ) .
وَفِي الْمِنَحِ وَاشْتِقَاقُهُ مِنْ سَكَرَتْ الرِّيحُ إذَا سَكَنَتْ فَسَّرَهُ الْجَوْهَرِيُّ بِنَبِيذِ التَّمْرِ.
وَفِي الْهِدَايَةِ السَّكَرُ هُوَ الْأَحْمَزَ مِنْ مَاءِ التَّمْرِ أَيْ الرُّطَبِ.
وَفِي الْعِنَايَةِ إنَّمَا فَسَّرَ التَّمْرَ بِالرُّطَبِ لِأَنَّ الْمُتَّخَذَ مِنْ مَاءِ التَّمْرِ اسْمُهُ نَبِيذُ التَّمْرِ لَا السَّكَرِ وَهُوَ حَلَالٌ عَلَى قَوْلِ الشَّيْخَيْنِ فَبَيْنَ قَوْلِ الْجَوْهَرِيِّ وَالْفُقَهَاءِ نَوْعُ مُخَالَفَةٍ فَلْيُتَأَمَّلْ وَإِنَّمَا يَحْرُمُ (إذَا غَلَا وَاشْتَدَّ) وَقَذَفَ بِالزَّبَدِ وَقِيلَ حَلَالٌ.
وَقَالَ شَرِيكُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ هُوَ مُبَاحٌ وَإِنْ قَذَفَ بِالزَّبَدِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَمِنْ ثَمَرَاتِ النَّخِيلِ وَالأَعْنَابِ تَتَّخِذُونَ مِنْهُ سَكَرًا وَرِزْقًا حَسَنًا} [النحل: ٦٧] لِأَنَّ الذِّكْرَ وَقَعَ فِي مَوْضِعِ الْمِنَّةِ وَهِيَ لَا تَتَحَقَّقُ بِالْمُحَرَّمِ قِيلَ فِي جَوَابِهِ إنَّ تَوْصِيفَ الْمَعْطُوفِ بِالْحَسَنِ لَا يَخْلُو عَنْ الدَّلَالَةِ عَلَى أَنَّ فِي الْمَعْطُوفِ عَلَيْهِ فَيُجَامِعُ أَنَّ الِامْتِنَانَ مَشُوبٌ بِالتَّوْبِيخِ هُوَ تَتَّخِذُونَ سَكَرًا وَتَدَعُونَ رِزْقًا حَسَنًا.
(وَ) يَحْرُمُ (نَقِيعُ الزَّبِيبِ) وَهِيَ الْأَحْمَزَ مِنْ مَاءِ الزَّبِيبِ (إذَا غَلَا وَاشْتَدَّ) وَيَتَأَتَّى فِيهِ خِلَافُ الْأَوْزَاعِيِّ (وَاشْتَرَطَ قَذْفَ الزَّبَدِ فِيهِنَّ) أَيْ فِي النَّقِيعِ وَالسَّكَرِ وَالطِّلَاءِ (عَلَى مَا فِي الْخَمْرِ) أَيْ عَلَى الْخِلَافِ الْوَاقِعِ فِيهَا (وَالْكُلُّ) مِنْ الطِّلَاءِ وَالْمُنَصَّفِ وَالْبَاذِقِ وَالسَّكَرِ وَالنَّقِيعِ (حَرَامٌ) لِحَدِيثِ «كُلُّ مُسْكِرٍ حَرَامٌ» وَلَعَلَّهُ لِإِخْلَالِهِ بِسَلَامَةِ الْعَقْلِ (وَحُرْمَتُهَا) أَيْ حُرْمَةُ هَذِهِ الْأَشْيَاءِ (دُونَ) حُرْمَةِ (الْخَمْرِ فَنَجَاسَةُ الْخَمْرِ غَلِيظَةٌ) رِوَايَةً وَاحِدَةً كَالْبَوْلِ لِثُبُوتِ حُرْمَتِهَا بِدَلِيلٍ مَقْطُوعٍ (وَنَجَاسَةُ هَذِهِ) الْأَشْيَاءِ (مُخْتَلَفٌ فِي غِلْظَتِهَا وَخِفَّتِهَا) فَإِنَّ نَجَاسَتَهَا خَفِيفَةٌ فِي رِوَايَةٍ.
(وَيُكَفَّرُ مُسْتَحِلُّ الْخَمْرِ) لِإِنْكَارِهِ الدَّلِيلَ الْقَطْعِيَّ (دُونَ هَذِهِ) الْأَشْيَاءِ لِأَنَّ حُرْمَتَهَا غَيْرُ قَطْعِيَّةٍ بَلْ اجْتِهَادِيَّةٌ (وَيُحَدُّ بِشُرْبِ قَطْرَةٍ مِنْ الْخَمْرِ وَإِنْ) وَصْلِيَّةٌ (لَمْ يُسْكِرْ بِخِلَافِ هَذِهِ) الْأَشْيَاءِ أَيْ لَا يُحَدُّ فِيهَا مَا لَمْ يَسْكَرْ مِنْهَا لِأَنَّ الْحَدَّ وَرَدَ فِي النِّيّ خَاصَّةً وَلَا يَتَعَدَّى إلَى الْمَطْبُوخِ (وَيَجُوزُ بَيْعُ هَذِهِ) الْأَشْيَاءِ وَ (وَيَضْمَنُ مُتْلِفُهَا) عِنْدَ الْإِمَامِ (خِلَافًا لَهُمَا) كَمَا مَرَّ فِي الْغَصْبِ (وَفِي الْخَمْرِ عَدَمُ جَوَازِ الْبَيْعِ وَعَدَمُ الضَّمَانِ) عَلَى الْمُتْلِفِ (إجْمَاعٌ) أَمَّا عَدَمُ جَوَازِ الْبَيْعِ لِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «إنَّ الَّذِي حَرَّمَ شُرْبَهَا حَرَّمَ بَيْعَهَا وَأَكْلَ ثَمَنِهَا» وَأَمَّا عَدَمُ الضَّمَانِ فَلِسُقُوطِ تَقَوُّمِهَا فِي حَقِّ الْمُسْلِمِ (وَلَوْ طُبِخَتْ الْخَمْرُ أَوْ غَيْرُهَا) مِنْ الْأَشْرِبَةِ الْمُحَرَّمَةِ (بَعْدَ الِاشْتِدَادِ لَا تَحِلُّ وَإِنْ) وَصْلِيَّةٌ (ذَهَبَ الثُّلُثَانِ) وَبَقِيَ الثُّلُثُ لِأَنَّ الطَّبْخَ لِلْمَنْعِ مِنْ ثُبُوتِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute