وَفِي التَّبْيِينِ تَفْصِيلٌ فَلْيُطَالَعْ قَيَّدْنَا بِقَوْلِنَا تُرْجَى حَيَاتُهُ لِأَنَّهُ لَوْ لَمْ تُرْجَ حَيَاتُهُ بِأَنْ قَطَعَ بِالرَّمْيِ الْأَوَّلِ رَأْسَهُ أَوْ بَقَرَ بَطْنَهُ أَوْ نَحْوَهُمَا يَحِلُّ أَكْلُهُ لِأَنَّ الْمَوْتَ مُضَافٌ إلَى الْأَوَّلِ لَا الثَّانِي كَمَا فِي شَرْحِ الْمَجْمَعِ (فَإِنْ لَمْ يُثْخِنْهُ الْأَوَّلُ) وَرَمَاهُ الثَّانِي فَقَتَلَهُ (حَلَّ) أَكْلُهُ لِأَنَّهُ حِينَ رَمَى الثَّانِي كَانَ صَيْدًا لِقُدْرَتِهِ عَلَى الِامْتِنَاعِ (وَهُوَ) أَيْ الصَّيْدُ (لِلثَّانِي) لِأَنَّهُ هُوَ الَّذِي أَخَذَهُ وَأَخْرَجَهُ عَنْ حَيِّزِ الِامْتِنَاعِ وَقَدْ قَالَ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «الصَّيْدُ لِمَنْ أَخَذَ» .
وَفِي التَّبْيِينِ وَلَوْ رَمَيَاهُ مَعًا فَأَصَابَ أَحَدُهُمَا قَبْلَ الْآخَرِ وَأَثْخَنَهُ ثُمَّ أَصَابَهُ الْآخَرُ أَوْ رَمَاهُ أَحَدُهُمَا أَوَّلًا ثُمَّ رَمَاهُ الثَّانِي قَبْلَ أَنْ يُصِيبَهُ الْأَوَّلُ أَوْ بَعْدَمَا أَصَابَهُ قَبْلَ أَنْ يُثْخِنَهُ فَأَصَابَهُ الْأَوَّلُ وَأَثْخَنَهُ أَوْ أَثْخَنَهُ ثُمَّ أَصَابَهُ الثَّانِي فَقَتَلَهُ فَهُوَ لِلْأَوَّلِ وَيُؤْكَلُ.
وَقَالَ زُفَرُ لَا يَحِلُّ أَكْلُهُ وَلَوْ رَمَيَاهُ مَعًا وَأَصَابَاهُ مَعًا فَمَاتَ مِنْهُمَا فَهُوَ بَيْنَهُمَا لِاسْتِوَائِهِمَا فِي السَّبَبِ وَالْبَازِي وَالْكَلْبُ فِي هَذَا كَالسَّهْمِ حَتَّى يَمْلِكَهُ بِإِثْخَانِهِ وَلَا يُعْتَبَرُ إمْسَاكُهُ بِدُونِ الْإِثْخَانِ وَتَمَامُهُ فِيهِ إنْ شِئْتَ فَلْيُرَاجَعْ.
(وَمَنْ أَرْسَلَ كَلْبًا عَلَى صَيْدٍ فَأَدْرَكَهُ فَضَرَبَهُ فَصَرَعَهُ) أَيْ طَرَحَهُ عَلَى الْأَرْضِ (ثُمَّ ضَرَبَهُ فَقَتَلَهُ أُكِلَ وَكَذَا) يُؤْكَلُ (لَوْ أَرْسَلَ كَلْبَيْنِ فَصَرَعَهُ أَحَدُهُمَا وَقَتَلَهُ الْآخَرُ) لِأَنَّ الِامْتِنَاعَ عَنْ الْجَرْحِ بَعْدَ الْجَرْحِ لَا يَدْخُلُ تَحْتَ التَّعْلِيمِ فَجُعِلَ عَفْوًا مَا لَمْ يَكُنْ إرْسَالُ أَحَدِهِمَا بَعْدَمَا أَثْخَنَهُ الْأَوَّلُ.
(وَلَوْ أَرْسَلَ رَجُلَانِ كُلٌّ مِنْهُمَا كَلْبَهُ فَصَرَعَهُ أَحَدُهُمَا وَقَتَلَهُ الْآخَرُ حَلَّ) أَكْلُهُ إذَا كَانَ إرْسَالُ الثَّانِي قَبْلَ أَنْ يُثْخِنَهُ الْأَوَّلُ لِمَا بَيَّنَّا (وَهُوَ) أَيْ الصَّيْدُ (لِلْأَوَّلِ) إنْ كَانَ أَثْخَنَهُ قَبْلَ أَنْ يَجْرَحَهُ الثَّانِي لِأَنَّهُ أَخْرَجَهُ عَنْ حَدِّ الصَّيْدِيَّةِ فَمَلَكَهُ بِهِ وَلَا يَحْرُمُ بِجَرْحِ الثَّانِي بَعْدَمَا أَثْخَنَهُ الْأَوَّلُ لِأَنَّ إرْسَالَ الثَّانِي حَصَلَ إلَى الصَّيْدِ لِكَوْنِهِ قَبْلَ أَنْ يُثْخِنَهُ لِأَنَّ الْمُعْتَبَرَ فِي الْحِلِّ وَالْحُرْمَةِ حَالَةُ الْإِرْسَالِ لِقُدْرَتِهِ عَلَى الِامْتِنَاعِ وَلَا يُعْتَبَرُ بَعْدَهُ لِعَدَمِ قُدْرَتِهِ عَلَيْهِ وَعَنْ هَذَا قَالَ.
(وَلَوْ أَرْسَلَ الثَّانِي بَعْدَ صَرْعِ الْأَوَّلِ حَرُمَ) لِمَا بَيَّنَّا أَنَّ الْإِرْسَالَ إذَا كَانَ بَعْدَ الْخُرُوجِ عَنْ الصَّيْدِيَّةِ لَمْ يَكُنْ مَوْتُهُ ذَكْوَةً لِلْقُدْرَةِ عَلَى ذَكْوَةِ الِاخْتِيَارِ (وَضَمِنَ) الثَّانِي لِلْأَوَّلِ (كَمَا فِي الرَّمْيِ) لِتَلَفِ الصَّيْدِ الْمَمْلُوكِ لِلْأَوَّلِ بِإِرْسَالِ الثَّانِي.
(وَمَنْ سَمِعَ حِسًّا) أَيْ صَوْتًا خَفِيفًا (فَظَنَّهُ إنْسَانًا فَرَمَاهُ أَوْ أَرْسَلَ عَلَيْهِ كَلْبَهُ فَإِذَا هُوَ صَيْدٌ) فَقَتَلَهُ (أُكِلَ) لِأَنَّهُ لَا مُعْتَبَرَ بِظَنِّهِ مَعَ تَعَيُّنِهِ صَيْدًا كَمَا فِي الْهِدَايَةِ وَذَكَرَ فِي الْمُنْتَقَى إذَا سَمِعَ حِسًّا بِاللَّيْلِ فَظَنَّ أَنَّهُ إنْسَانٌ أَوْ دَابَّةٌ فَرَمَاهُ فَإِذَا ذَلِكَ الْمَرْمِيُّ صَيْدٌ أَوْ أَصَابَ صَيْدًا آخَرَ وَقَتَلَهُ لَا يُؤْكَلُ لِأَنَّهُ رَمَاهُ وَهُوَ لَا يُرِيدُ الصَّيْدَ ثُمَّ قَالَ وَلَا يَحِلُّ الصَّيْدُ إلَّا بِوَجْهَيْنِ أَنْ يَرْمِيَهُ وَهُوَ يُرِيدُ الصَّيْدَ وَأَنْ يَكُونَ مَرْمِيُّهُ صَيْدًا سَوَاءٌ كَانَ مِمَّا يُؤْكَلُ أَوْ لَا وَهَذَا أَوْجَهُ لِأَنَّ الرَّمْيَ إلَى الْآدَمِيِّ وَنَحْوِهِ بِقَصْدِهِ لَا يُعَدُّ صَيْدًا فَلَا يُمْكِنُ اعْتِبَارُهُ وَلَوْ أَصَابَ صَيْدًا وَقَدْ قَالَ فِي الْهِدَايَةِ وَإِنْ تَبَيَّنَ أَنَّهُ حِسُّ آدَمِيٍّ لَا يَحِلُّ الْمُصَابُ وَحُمِلَ قَوْلَاهُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute