الْمَوْعُودِ أَنَّ الْمُسْتَقْرِضَ إذَا سَمَّى شَيْئًا وَرَهَنَ بِهِ هَلَكَ الرَّهْنُ قَبْلَ الْإِقْرَاضِ ضَمِنَ الْأَقَلَّ مِنْ الْقِيمَةِ وَمِنْ الْمُسَمَّى وَإِنْ لَمْ يَكُنْ سَمَّى شَيْئًا اخْتَلَفَ فِيهِ الْإِمَامُ الثَّانِي وَمُحَمَّدٌ لَكِنْ قَدْ قَرَرْنَاهُ نَقْلًا عَنْ التَّنْوِيرِ أَنَّ الْمَقْبُوضَ عَلَى سَوْمِ الرَّهْنِ إذَا لَمْ يُبَيِّنْ الْمِقْدَارَ لَيْسَ بِمَضْمُونٍ فِي الْأَصَحِّ تَتَبَّعْ.
(وَ) يَصِحُّ الرَّهْنُ (بِرَأْسِ مَالِ السَّلَمِ وَثَمَنِ الصَّرْفِ) قَبْلَ الِافْتِرَاقِ وَلَمْ يَصِحَّ عِنْدَ زُفَرَ وَهُوَ قَوْلُ الْأَئِمَّةِ الثَّلَاثَةِ لِأَنَّهُ اسْتِبْدَالٌ وَرُدَّ بِأَنَّ الِاسْتِبْدَالَ أَخْذٌ صُورَةً وَمَعْنًى وَالِاسْتِيفَاءُ فِي الرَّهْنِ أَخْذُهُ مَعْنًى فَإِنَّ الْعَيْنَ أَمَانَةٌ وَالْمَضْمُونُ هُوَ الْمَالِيَّةُ كَمَا فِي الْقُهُسْتَانِيِّ (وَبِالْمُسَلَّمِ فِيهِ) قَبْلَ الِافْتِرَاقِ وَبَعْدَهُ وَعَنْ زُفَرَ فِيهِ رِوَايَتَانِ ثُمَّ أَشَارَ إلَى مَا يَظْهَرُ فِيهِ فَائِدَةُ جَوَازِ الرَّهْنِ بِالْأَشْيَاءِ الْمَذْكُورَةِ بِالْفَاءِ بِقَوْلِهِ (فَإِنْ هَلَكَ) الرَّهْنُ (فِي مَجْلِسِ الْعَقْدِ قَبْلَ الِافْتِرَاقِ فَقَدْ اسْتَوْفَى) أَيْ صَارَ الْمُرْتَهِنُ مُسْتَوْفِيًا (حُكْمًا) لِوُجُودِ الْقَبْضِ وَاتِّحَادِ الْجِنْسِ مِنْ حَيْثُ الْمَالِيَّةُ فَيَتِمُّ السَّلَمُ وَالصَّرْفُ.
(وَإِنْ افْتَرَقَا) أَيْ الْمُتَعَاقِدَانِ (قَبْلَ النَّقْدِ) أَيْ قَبْلَ نَقْدِ رَأْسِ الْمَالِ وَثَمَنِ الصَّرْفِ (وَ) قَبْلَ (الْهَلَاكِ) أَيْ هَلَاكِ الرَّهْنِ (بَطَلَ الْعَقْدُ) فِيهِمَا لِعَدَمِ الْقَبْضِ حَقِيقَةً لَا حُكْمًا فَإِنَّ الْمُرْتَهِنَ لَمْ يَصِرْ قَابِضًا لِحَقِّهِ إلَّا بِالْهَلَاكِ (وَالرَّهْنُ بِالْمُسَلَّمِ فِيهِ رَهْنٌ بِبَدَلِهِ إذَا فُسِخَ) أَيْ لَوْ تَفَاسَخَا السَّلَمَ وَبِالْمُسْلَمِ فِيهِ رَهْنٌ يَكُونُ ذَلِكَ رَهْنًا بِرَأْسِ الْمَالِ اسْتِحْسَانًا حَتَّى يَحْبِسَهُ بِهِ وَالْقِيَاسُ أَنْ لَا يَحْبِسَهُ بِهِ لِأَنَّهُ دَيْنٌ آخَرُ وَجَبَ بِسَبَبٍ آخَرَ وَهُوَ الْقَبْضُ وَالْمُسْلَمُ فِيهِ وَجَبَ بِالْعَقْدِ فَلَا يَكُونُ الرَّهْنُ بِأَحَدِهِمَا رَهْنًا بِالْآخَرِ كَمَا لَوْ كَانَ عَلَيْهِ دَيْنَانِ دَرَاهِمُ وَدَنَانِيرُ وَبِأَحَدِهِمَا رَهْنٌ فَقَضَى الَّذِي بِهِ الرَّهْنُ أَوْ أَبْرَأَهُ مِنْهُ لَيْسَ لَهُ حَبْسُهُ بِالدَّيْنِ الْآخَرِ وَجْهُ الِاسْتِحْسَانِ أَنَّهُ ارْتَهَنَ لِحَقِّهِ الْوَاجِبِ بِسَبَبِ الْعَقْدِ الَّذِي جَرَى بَيْنَهُمَا وَهُوَ الْمُسْلَمُ فِيهِ عِنْدَ عَدَمِ الْفَسْخِ وَرَأْسُ الْمَالِ عِنْدَ الْفَسْخِ فَيَكُونُ مَحْبُوسًا بِهِ لِأَنَّهُ بَدَلُهُ فَقَامَ مَقَامَهُ إذْ الرَّهْنُ بِالشَّيْءِ يَكُونُ رَهْنًا بِبَدَلِهِ كَمَا إذَا ارْتَهَنَ بِالْمَغْصُوبِ فَهَلَكَ الْمَغْصُوبُ صَارَ رَهْنًا بِقِيمَتِهِ (وَهَلَاكُهُ) أَيْ هَلَاكُ الرَّهْنِ (بَعْدَ الْفَسْخِ هَلَاكٌ بِالْأَصْلِ) أَيْ هَلَكَ الرَّهْنُ بَعْدَ التَّفَاسُخِ هَلَكَ الرَّهْنُ بِالْمُسْلَمِ فِيهِ لِأَنَّهُ رَهَنَهُ بِهِ وَإِنْ كَانَ مَحْبُوسًا بِغَيْرِهِ وَهُوَ رَأْسُ الْمَالِ كَمَنْ بَاعَ عَبْدًا وَسَلَّمَ الْمَبِيعَ وَأَخَذَ بِالثَّمَنِ رَهْنًا ثُمَّ تَقَايَلَا الْبَيْعَ لَهُ أَنْ يَحْبِسَهُ لِأَخْذِ الْمَبِيعِ لِأَنَّ الثَّمَنَ بَدَلُهُ وَلَوْ هَلَكَ الْمَرْهُونُ يَهْلِكُ بِالثَّمَنِ.
(وَيَصِحُّ) الرَّهْنُ (بِالْأَعْيَانِ الْمَضْمُونَةِ بِنَفْسِهَا أَيْ بِالْمِثْلِ أَوْ الْقِيمَةِ كَالْمَغْصُوبِ وَالْمَهْرِ وَبَدَلِ الْخُلْعِ وَبَدَلِ الصُّلْحِ عَنْ دَمٍ عَمْدٍ) فَإِنَّ هَذِهِ الْأَشْيَاءَ يَجِبُ تَسْلِيمُ عَيْنِهَا عِنْدَ قِيَامِهَا إذْ لَا يَجُوزُ الْبَدَلُ عِنْدَ وُجُودِ الْأَصْلِ وَعِنْدَ هَلَاكِهَا يَجِبُ الْإِتْيَانُ بِمِثْلِهَا إنْ كَانَ لَهَا مِثْلٌ وَبِقِيمَتِهَا إنْ لَمْ يَكُنْ لَهَا مِثْلٌ فَإِذَا هَلَكَ الرَّهْنُ عِنْدَ قِيَامِ الْعَيْنِ فِي يَدِ الرَّاهِنِ يُقَالُ لَهُ سَلِّمْ الْعَيْنَ وَخُذْ مِنْ الْمُرْتَهِنِ الْأَقَلَّ مِنْ قِيمَةِ الْعَيْنِ وَمِنْ قِيمَةِ الرَّهْنِ لِأَنَّ الرَّهْنَ مَضْمُونٌ عِنْدَنَا وَإِذَا هَلَكَ الْعَيْنُ قَبْلَ هَلَاكِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute