للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الرَّهْنِ يَصِيرُ الرَّهْنُ رَهْنًا صَحِيحًا بِقِيمَةِ الْعَيْنِ الْمَضْمُونَةِ ثُمَّ إذَا هَلَكَ الرَّهْنُ يَهْلِكُ بِالْأَقَلِّ مِنْ الْقِيمَةِ وَمِنْ قِيمَةِ الرَّهْنِ.

(وَ) يَصِحُّ الرَّهْنُ بِهِ ب (بَدَلِ الصُّلْحِ عَنْ إنْكَارٍ وَإِنْ) وَصْلِيَّةٌ (أَقَرَّ الْمُدَّعِي بِعَدَمِ الدَّيْنِ) صُورَتُهُ لَوْ ادَّعَى رَجُلٌ عَلَى رَجُلٍ دَيْنًا أَلْفَ دِرْهَمٍ مَثَلًا فَأَنْكَرَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ فَصَالَحَهُ عَلَى خَمْسِمِائَةٍ عَلَى الْإِنْكَارِ وَأَعْطَاهُ بِهَا رَهْنًا يُسَاوِي خَمْسَمِائَةٍ فَهَلَكَ الرَّهْنُ عِنْدَ الْمُرْتَهِنِ ثُمَّ تَصَادَقَا أَنْ لَا دَيْنَ عَلَيْهِ فَإِنَّ الْمُرْتَهِنَ يَضْمَنُ قِيمَتَهُ خَمْسَمِائَةٍ لِلرَّاهِنِ بِاعْتِبَارِ الظَّاهِرِ وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ خِلَافُهُ أَيْ لَيْسَ عَلَيْهِ أَنْ يَرُدَّ شَيْئًا.

(وَلَوْ رَهَنَ الْأَبُ لِدَيْنِهِ عَبْدَ طِفْلِهِ جَازَ) لِأَنَّهُ يَمْلِكُ إيدَاعَهُ وَهَذَا أَنَظَرُ مِنْهُ فِي حَقِّ الصَّبِيِّ لِأَنَّهُ إذَا هَلَكَ يَهْلِكُ مَضْمُونًا الْوَدِيعَةُ أَمَانَةٌ وَلَوْ كَانَ الْوَلَدُ كَبِيرًا لَا يَجُوزُ لِلْأَبِ أَنْ يَرْهَنَ مَالَهُ بِدَيْنٍ عَلَى نَفْسِهِ إلَّا بِإِذْنِهِ.

(وَكَذَا الْوَصِيُّ) أَيْ الْوَصِيُّ مِثْلُ الْأَبِ فِي الْحُكْمِ الْمَذْكُورِ وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ وَزُفَرَ أَنَّهُمَا لَا يَمْلِكَانِ ذَلِكَ وَهُوَ الْقِيَاسُ لِأَنَّ الرَّهْنَ إيفَاءٌ حُكْمًا فَلَا يَمْلِكَانِ كَالْإِيفَاءِ حَقِيقَةً وَجْهُ الِاسْتِحْسَانِ أَنَّ فِي حَقِيقَةِ الْإِيفَاءِ إزَالَةَ مِلْكِ الصَّغِيرِ مِنْ غَيْرِ عِوَضٍ يُقَابِلُهُ فِي الْحَالِ وَالرَّهْنُ حِفْظُ مَالِ الصَّغِيرِ فِي الْحَالِ مَعَ بَقَاءِ مِلْكِهِ فِيهِ (فَإِنْ هَلَكَ) الْعَبْدُ الرَّهْنُ (لَزِمَهُمَا) أَيْ الْأَبَ وَالْوَصِيَّ (مِثْلُ مَا سَقَطَ بِهِ) أَيْ بِالرَّهْنِ (مِنْ دَيْنِهِمَا) أَيْ مِنْ دَيْنِ الْأَبِ وَالْوَصِيِّ وَلَا يَضْمَنَانِ الْفَضْلَ إنْ كَانَتْ قِيمَةُ الرَّهْنِ أَكْثَرَ مِنْ الدَّيْنِ لِأَنَّهُ أَمَانَةٌ عِنْدَ الْمُرْتَهِنِ وَلَهُمَا وِلَايَةُ الْإِيدَاعِ وَذَكَرَ التُّمُرْتَاشِيُّ أَنَّ قِيمَةَ الرَّهْنِ إذَا كَانَتْ أَكْثَرَ مِنْ الدَّيْنِ يَضْمَنُ الْأَبُ بِقَدْرِ الدَّيْنِ وَالْوَصِيُّ بِقَدْرِ الْقِيمَةِ لِأَنَّ لِلْأَبِ أَنْ يَنْتَفِعَ بِمَالِ الصَّبِيِّ بِخِلَافِ الْوَصِيِّ.

وَفِي الذَّخِيرَةِ التَّسْوِيَةُ بَيْنَهُمَا فِي الْحُكْمِ وَقَالَ لَا يَضْمَنَانِ الْفَضْلَ لِمَا مَرَّ مِنْ أَنَّهُ أَمَانَةٌ وَكَذَا لَوْ سَلَّطَا الْمُرْتَهِنَ عَلَى الْبَيْعِ لِأَنَّهُ مُوَكَّلٌ عَلَى بَيْعِهِ وَهُمَا يَمْلِكَانِهِ.

(وَلَوْ رَهَنَهُ) أَيْ مَتَاعَ الصَّغِيرِ (الْأَبُ مِنْ نَفْسِهِ أَوْ مِنْ ابْنٍ آخَرَ صَغِيرٍ لَهُ) أَيْ لِلْأَبِ (أَوْ مِنْ عَبْدٍ لَهُ) أَيْ لِلْأَبِ (تَاجِرٍ لَا دَيْنَ عَلَيْهِ صَحَّ) لِأَنَّ الْأَبَ لِوُفُورِ شَفَقَتِهِ نَزَلَ مَنْزِلَةَ شَخْصَيْنِ وَأُقِيمَتْ عِبَارَتُهُ مَقَامَ عِبَارَتَيْنِ فِي هَذَا الْعَقْدِ كَمَا فِي بَيْعِهِ مَالَ الصَّغِيرِ مِنْ نَفْسِهِ فَتَوَلَّى طَرَفَيْ الْعَقْدِ (بِخِلَافِ الْوَصِيِّ) أَيْ لَوْ ارْتَهَنَهُ الْوَصِيُّ مِنْ نَفْسِهِ أَوْ مِنْ هَذَيْنِ أَوْ رَهَنَ عَيْنًا لَهُ مِنْ الْيَتِيمِ بِحَقٍّ لِلْيَتِيمِ عَلَيْهِ لَمْ يَجُزْ لِأَنَّهُ وَكِيلٌ مَحْضٌ وَالْوَاحِدُ لَا يَتَوَلَّى طَرَفَيْ الْعَقْدِ فِي الرَّهْنِ كَمَا لَا يَتَوَلَّاهُمَا فِي الْبَيْعِ وَهُوَ قَاصِرُ الشَّفَقَةِ وَلَا يَعْدِلُ عَنْ الْحَقِيقَةِ فِي حَقِّهِ إلْحَاقًا لَهُ بِالْأَبِ وَالرَّهْنِ مِنْ ابْنِهِ الصَّغِيرِ وَمِنْ عَبْدِهِ التَّاجِرِ الَّذِي لَيْسَ عَلَيْهِ دَيْنٌ بِمَنْزِلَةِ الرَّهْنِ مِنْ نَفْسِهِ أَيْ الْوَصِيِّ بِخِلَافِ ابْنِهِ الْكَبِيرِ وَأَبِيهِ أَيْ أَبِ الْوَصِيِّ وَعَبْدِهِ الَّذِي عَلَيْهِ دَيْنٌ لِأَنَّهُ لَا وِلَايَةَ لَهُ عَلَيْهِمْ بِخِلَافِ الْوَكِيلِ بِالْبَيْعِ إذَا بَاعَ مِنْ هَؤُلَاءِ لِأَنَّهُ مُتَّهَمٌ فِيهِ وَلَا تُهْمَةَ فِي الرَّهْنِ لِأَنَّ لَهُ حُكْمًا وَاحِدًا.

(وَإِنْ اسْتَدَانَ الْوَصِيُّ لِلْيَتِيمِ فِي كِسْوَتِهِ أَوْ طَعَامِهِ وَرَهَنَ بِهِ مَتَاعَهُ) أَيْ مَتَاعَ الْيَتِيمِ (صَحَّ) لِأَنَّ الِاسْتِدَانَةَ جَائِزَةٌ لِلْحَاجَةِ وَالرَّهْنَ.

<<  <  ج: ص:  >  >>