للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَكَذَا لَوْ عَفَا عَنْ الشَّجَّةِ وَمَا يَحْدُثُ مِنْهَا فَهُوَ عَفْوٌ عَنْ النَّفْسِ وَلَوْ عَفَا عَنْ الشَّجَّةِ خَطَأً فَهُوَ عَفْوٌ مُعْتَبَرٌ مِنْ الثُّلُثِ وَلَوْ عَفَا عَنْ الشَّجَّةِ عَمْدًا فَهُوَ عَفْوٌ مَجَّانًا.

(وَإِنْ قَطَعَتْ امْرَأَةٌ يَدَ رَجُلٍ فَتَزَوَّجَهَا عَلَى) مُوجَبِ (يَدِهِ ثُمَّ مَاتَ) الْمَقْطُوعُ يَدُهُ (فَعَلَيْهِ مَهْرُ مِثْلِهَا وَعَلَيْهَا الدِّيَةُ فِي مَالِهَا إنْ) قَطَعَتْ (عَمْدًا وَعَلَى عَاقِلَتِهَا إنْ) قَطَعَتْ (خَطَأً) هَذَا عِنْدَ الْإِمَامِ لِأَنَّ الْعَفْوَ عَنْ الْيَدِ أَوْ الْقَطْعِ لَا يَكُونُ عَفْوًا عَنْ مَا يَحْدُثُ مِنْهُ عِنْدَهُ ثُمَّ إنْ كَانَ الْقَطْعُ عَمْدًا كَانَ تَزَوُّجًا عَلَى الْقِصَاصِ فِي الطَّرَفِ وَلَيْسَ بِمَالٍ عَلَى تَقْدِيرِ الِاسْتِيفَاءِ فَعَلَى تَقْدِيرِ السُّقُوطِ أَوْلَى فَلَا يَصْلُحُ لِلْمَهْرِ فَيَجِبُ لَهَا عَلَيْهِ مَهْرُ الْمِثْلِ فَإِنْ قِيلَ قَدْ سَبَقَ أَنَّ الْقِصَاصَ لَا يَجْرِي بَيْنَ الرَّجُلِ وَالْمَرْأَةِ فِي الطَّرَفِ فَكَيْفَ يَصِحُّ تَزَوُّجُهَا عَلَيْهِ أُجِيبُ أَنَّ الْمُوجَبَ الْأَصْلِيَّ لِلْعَمْدِ هُوَ الْقِصَاصُ لِإِطْلَاقِ قَوْله تَعَالَى {وَالْجُرُوحَ قِصَاصٌ} [المائدة: ٤٥] وَإِنَّمَا سَقَطَ لِلتَّعَذُّرِ ثُمَّ تَجِبُ عَلَيْهَا الدِّيَةُ لِأَنَّ التَّزَوُّجَ وَإِنْ تَضَمَّنَ الْعَفْوَ لَكِنَّ الْقِصَاصَ فِي الطَّرَفِ فَإِذَا سَرَى تَبَيَّنَ أَنَّهُ قَتْلٌ وَلَمْ يَتَنَاوَلْهُ الْعَفْوُ فَتَجِبُ الدِّيَةُ لِعَدَمِ صِحَّةِ الْعَفْوِ عَنْ النَّفْسِ وَهُوَ فِي مَالِهَا لِأَنَّهُ عَمْدٌ وَالْعَاقِلَةُ لَا تَتَحَمَّلُهُ فَإِذَا وَجَبَتْ لَهُ الدِّيَةُ وَلَهَا الْمَهْرُ تَقَاصَّا إنْ اسْتَوَيَا وَإِنْ فَضَلَتْ الدِّيَةُ تَرُدُّهُ عَلَى الْوَرَثَةِ وَإِنْ فَضَلَ الْمَهْرُ تَرُدُّهُ الْوَرَثَةُ عَلَيْهَا وَإِنْ كَانَ الْقَطْعُ خَطَأً يَكُونُ تَزَوَّجَهَا عَلَى أَرْشِ الْيَدِ وَإِذَا سَرَى إلَى النَّفْسِ تَبَيَّنَ أَنَّهُ لَا أَرْشَ لِلْيَدِ وَأَنَّ الْمُسَمَّى مَعْدُومٌ فَيَجِبُ مَهْرُ الْمِثْلِ كَمَا إذَا تَزَوَّجَهَا عَلَى مَا فِي يَدِهِ وَلَا شَيْءَ فِيهَا وَالدِّيَةُ وَاجِبَةٌ بِنَفْسِ الْقَتْلِ لِأَنَّهُ خَطَأٌ وَلَا تَقَعُ الْمُقَاصَّةُ لِأَنَّ الدِّيَةَ عَلَى الْعَاقِلَةِ قِيلَ يَنْبَغِي أَنْ تَقَعَ الْمُقَاصَّةُ عَلَى الْقَوْلِ الْمُخْتَارِ فِي الدِّيَةِ وَهُوَ عَدَمُ وُجُوبِهَا عَلَى الْعَاقِلَةِ بَلْ عَلَى الْقَاتِلِ.

(وَإِنْ تَزَوَّجَهَا عَلَى الْيَدِ وَمَا يَحْدُثُ مِنْهَا) يَعْنِي السِّرَايَةَ (أَوْ عَلَى الْجِنَايَةِ ثُمَّ مَاتَ) مِنْ ذَلِكَ الْقَطْعِ (فَعَلَيْهِ مَهْرُ الْمِثْلِ فِي الْعَمْدِ) لِأَنَّ هَذَا تَزَوُّجٌ عَلَى الْقِصَاصِ وَهُوَ لَيْسَ بِمَالٍ فَلَا يَصْلُحُ مَهْرًا كَمَا لَوْ تَزَوَّجَهَا عَلَى خَمْرٍ أَوْ خِنْزِيرٍ (وَيُرْفَعُ عَنْ الْعَاقِلَةِ مِقْدَارُهُ) أَيْ مِقْدَارُ مَهْرِ مِثْلِهَا (فِي الْخَطَأِ) إنْ كَانَ مَهْرُ الْمِثْلِ أَقَلَّ مِنْ الدِّيَةِ (وَالْبَاقِي) مِنْ الدِّيَةِ (وَصِيَّةٌ لَهُمْ) أَيْ لِلْعَاقِلَةِ (فَإِنْ خَرَجَ) الْبَاقِي (مِنْ الثُّلُثِ سَقَطَ وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَخْرُجْ الْبَاقِي مِنْ الثُّلُثِ (فَقَدْرُ مَا يَخْرُجُ مِنْهُ) لِأَنَّهُ تَزَوُّجٌ عَلَى الدِّيَةِ وَهِيَ تَصْلُحُ مَهْرًا إلَّا أَنَّهُ يُعْتَبَرُ بِقَدْرِ مَهْرِ الْمِثْلِ مِنْ جَمِيعِ الْمَالِ لِأَنَّهُ وَإِنْ كَانَ مَرِيضًا مَرَضَ الْمَوْتِ لَكِنَّ التَّزَوُّجَ مِنْ الْحَوَائِجِ الْأَصْلِيَّةِ وَلَا تَصِحُّ فِي حَقِّ الزِّيَادَةِ عَلَى مَهْرِ الْمِثْلِ لِأَنَّهُ مُحَابَاةٌ فَيَكُونُ وَصِيَّةً وَالدِّيَةُ تَجِبُ عَلَى الْعَاقِلَةِ وَقَدْ صَارَتْ مَهْرًا فَيَسْقُطُ كُلُّهَا عَنْهُمْ إنْ كَانَ مَهْرُ مِثْلِهَا مِثْلَ الدِّيَةِ أَوْ أَكْثَرَ.

(وَكَذَا الْحُكْمُ عِنْدَهُمَا فِي صُورَةِ الْأَوْلَى) أَيْ فِيمَا إذَا تَزَوَّجَهَا عَلَى الْيَدِ لِأَنَّ الْعَفْوَ عَنْ الْيَدِ عَفْوٌ عَمَّا يَحْدُثُ مِنْهُ عِنْدَهُمَا فَاتَّفَقَ جَوَابُهُمَا

<<  <  ج: ص:  >  >>