للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَالْمَيِّتُ لَيْسَ أَهْلًا لَأَنْ يَمْلِكَ شَيْئًا إلَّا مَا لَهُ إلَيْهِ حَاجَةٌ كَالْمَالِ مَثَلًا وَلِهَذَا يُجَهَّزُ وَتُقْضَى دُيُونُهُ وَتُنَفَّذُ وَصَايَاهُ مِنْ مَالِهِ وَطَرِيقُ ثُبُوتِهِ الْخِلَافَةُ وَعِنْدَهُمَا بِطَرِيقِ الْإِرْثِ وَالْفَرْقُ بَيْنَهُمَا أَنَّ الْوِرَاثَةَ تَسْتَدْعِي سَبْقَ مِلْكِ الْمُورِثِ ثُمَّ الِانْتِقَالَ مِنْهُ إلَى الْوَارِثِ وَالْخِلَافَةُ لَا تَسْتَدْعِي ذَلِكَ فَالْمُرَادُ بِالْخِلَافَةِ هَهُنَا مَا ذَكَرَهُ صَدْرُ الشَّرِيعَةِ أَنْ يَقُومَ شَخْصٌ مَقَامَ غَيْرِهِ فِي إقَامَةِ فِعْلِهِ فَفِي الْقَتْلِ اعْتَدَى الْقَاتِلُ عَلَى الْمَقْتُولِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَى عَلَيْهِ لَكِنَّهُ عَاجِزٌ عَنْ إقَامَتِهِ فَالْوَرَثَةُ قَامُوا مَقَامَهُ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَكُونَ الْمَقْتُولُ مَلَكَهُ ثُمَّ انْتَقَلَ مِنْهُ إلَى الْوَرَثَةِ (فَلَا يَكُونُ أَحَدُهُمْ) أَيْ أَحَدُ الْوَرَثَةِ (خَصْمًا عَنْ الْبَقِيَّةِ فِيهِ) أَيْ فِي إثْبَاتِ فِعْلِ الْقِصَاصِ بِغَيْرِ وَكَالَةٍ مِنْهُمْ فَإِذَا أُقِيمَ الْقِصَاصُ أُقِيمَ بِجَمِيعِهِمْ (بِخِلَافِ الْمَالِ) لِأَنَّ الْمَيِّتَ أَهْلٌ لَأَنْ يَمْلِكَ الْمَالَ وَلِذَا لَوْ نَصَبَ شَبَكَةً وَتَعَلَّقَ بِهِ صَيْدٌ بَعْدَ مَوْتِهِ يَمْلِكُهُ وَعِنْدَهُمَا يَثْبُتُ بِطَرِيقِ الْوِرَاثَةِ (فَلَوْ أَقَامَ أَحَدُ ابْنَيْنِ حُجَّةً بِقَتْلِ أَبِيهِمَا عَمْدًا وَالْآخَرُ غَائِبٌ لَزِمَ إعَادَتُهَا) أَيْ إعَادَةُ الْحُجَّةِ (بَعْدَ عَوْدِ الْغَائِبِ) لِيُتَمَكَّنَ مِنْ الِاسْتِيفَاءِ عِنْدَ الْإِمَامِ وَحَاصِلُهُ أَنَّهُ لَيْسَ لِلْحَاضِرِ أَنْ يَسْتَوْفِيَ الْقِصَاصَ قَبْلَ عَوْدِ الْغَائِبِ بَلْ إذَا أَقَامَ الْحَاضِرُ الْبَيِّنَةَ يُحْبَسُ الْقَاتِلُ لِأَنَّهُ صَارَ مُتَّهَمًا بِالْقَتْلِ وَالْمُتَّهَمُ يُحْبَسُ فَإِنْ عَادَ الْغَائِبُ فَلَيْسَ لَهُمَا أَنْ يَقْتُلَاهُ بِتِلْكَ الْبَيِّنَةِ بَلْ لَا بُدَّ لَهُمَا مِنْ إعَادَةِ الْبَيِّنَةِ (خِلَافًا لَهُمَا) أَيْ قَالَا لَا يَلْزَمُ إعَادَتُهَا بَعْدَ عَوْدِ الْغَائِبِ بَلْ يُحْبَسُ أَيْضًا إذَا أَقَامَ الْحَاضِرُ الْبَيِّنَةَ فَإِذَا عَادَ الْغَائِبُ فَلَهُمَا أَنْ يَقْتُلَاهُ بِتِلْكَ الْبَيِّنَةِ (وَفِي) قَتْلِ (الْخَطَأِ وَالدَّيْنِ لَا تَلْزَمُ) إعَادَةُ الْبَيِّنَةِ إذَا جَاءَ الْغَائِبُ بَعْدَ إقَامَةِ الْحَاضِرِ لِأَنَّ هَذَا لَا يُوجِبُ الْقَوَدَ بَلْ يُوجِبُ الدِّيَةَ فَطَرِيقُ ثُبُوتِهِ الْوِرَاثَةُ إجْمَاعًا وَحَاصِلُ الْكَلَامِ أَنَّ أَحَدَ الْوَرَثَةِ يَنْتَصِبُ خَصْمًا عَنْ الْبَاقِينَ فِيمَا يَدَّعِي مَالًا لِلْمَيِّتِ أَوْ عَلَيْهِ كَمَا إذَا ادَّعَى أَحَدُ الْوَرَثَةِ شَيْئًا مِنْ تَرِكَةِ الْمَيِّتِ عَلَى أَحَدٍ وَأَقَامَ عَلَيْهِ بَيِّنَةً يَثْبُتُ حَقُّ الْجَمِيعِ بِلَا حَاجَةٍ إلَى الدَّعْوَى وَالْإِثْبَاتِ مِنْ الْبَاقِينَ وَكَذَا إذَا ادَّعَى أَحَدٌ عَلَى أَحَدِهِمْ شَيْئًا مِنْ التَّرِكَةِ وَأَقَامَ عَلَيْهِ بَيِّنَةً تَثْبُتُ عَلَى جَمِيعِهِمْ بِلَا حَاجَةٍ إلَى الدَّعْوَى وَالْإِثْبَاتِ عَلَى الْبَاقِينَ.

(وَلَوْ بَرْهَنَ الْقَاتِلُ عَلَى عَفْوِ) الْوَارِثِ (الْغَائِبِ فَالْحَاضِرُ خَصْمٌ) عَنْ الْغَائِبِ (وَيَسْقُطُ الْقَوَدُ) أَيْ لَوْ أَقَامَ الْقَاتِلُ الْبَيِّنَةَ عَلَى الْوَارِثِ الْحَاضِرِ أَنَّ الْوَارِثَ الْغَائِبَ قَدْ عَفَا يَنْتَصِبُ الْحَاضِرُ خَصْمًا عَنْ الْغَائِبِ فَتُقْبَلُ بَيِّنَةُ الْعَفْوِ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ يَدَّعِي عَلَى الْحَاضِرِ سُقُوطَ حَقِّهِ فِي الْقِصَاصِ وَانْتِقَالَهُ إلَى الْمَالِ فَإِذَا قَضَى عَلَيْهِ يَصِيرُ الْغَائِبُ مَقْضِيًّا عَلَيْهِ تَبَعًا وَيَسْقُطُ الْقَوَدُ عَنْ الْقَاتِلِ لِعَدَمِ التَّجَزُّؤِ وَيَنْقَلِبُ إلَى الدِّيَةِ.

(وَكَذَا لَوْ قُتِلَ عَبْدٌ لِرَجُلَيْنِ وَأَحَدُهُمَا غَائِبٌ) فَأَقَامَ الْقَاتِلُ بَيِّنَةً عَلَى الْحَاضِرِ أَنَّ شَرِيكَهُ الْغَائِبَ قَدْ عَفَا عَنْهُ يَنْتَصِبُ الْحَاضِرُ خَصْمًا وَيَسْقُطُ الْقَوَدُ لِمَا بُيِّنَ آنِفًا.

(وَلَوْ شَهِدَ وَلِيَّا قِصَاصٍ بِعَفْوِ أَخِيهِمَا لَغَتْ)

<<  <  ج: ص:  >  >>