سُمِّيَتْ بِذَلِكَ تَفَاؤُلًا كَمَا سُمِّيَ اللَّدِيغُ سَلِيمًا (وَالسِّمْحَاقِ) بِكَسْرِ السِّينِ الْمُهْمَلَةِ وَسُكُونِ الْمِيمِ وَالْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ (وَهِيَ جِلْدَةٌ) رَقِيقَةٌ (فَوْقَ الْعَظْمِ) تَحْتَ اللَّحْمِ (تَصِلُ إلَيْهَا) أَيْ إلَى تِلْكَ الْجِلْدَةِ الرَّقِيقَةِ (الشَّجَّةُ حُكُومَةُ عَدْلٍ) لَا بِإِجْمَاعٍ مُبْتَدَأٌ مُؤَخَّرٌ خَبَرُهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ قَوْلِهِ وَفِي كُلٍّ مِنْ الْحَارِصَةِ إلَى آخِرِ مَا ذَكَرَهُ وَسَيَأْتِي تَفْسِيرُ حُكُومَةِ عَدْلٍ وَإِنَّمَا وَجَبَتْ لِأَنَّهُ لَيْسَ فِي كُلٍّ مِنْهَا أَرْشٌ مُقَدَّرٌ شَرْعًا وَلَا يُمْكِنُ الْإِهْدَارُ فَوَجَبَ الِاعْتِبَارُ بِحُكْمِ الْعَدْلِ وَهُوَ مَأْثُورٌ عَنْ إبْرَاهِيمَ النَّخَعِيِّ وَعُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ (وَعَنْ مُحَمَّدٍ فِيهَا) أَيْ فِيمَا ذُكِرَ مِنْ أَنْوَاعِ الشِّجَاجِ (الْقِصَاصُ) إذَا كَانَ عَمْدًا (كَالْمُوضِحَةِ) وَقَدْ تَقَدَّمَ أَنَّهَا ظَاهِرُ الرِّوَايَةِ فِي أَوَّلِ الْمُفَصَّلِ (وَالشِّجَاجُ يَخْتَصُّ بِالْوَجْهِ وَالرَّأْسِ وَالْجَائِفَةُ بِالْجَوْفِ وَالْجَنْبِ وَالظَّهْرِ) وَمَا كَانَ فِي غَيْرِهِمَا يُسَمَّى جِرَاحَةً لِأَنَّ الْوَارِدَ فِيمَا يَخْتَصُّ بِالْوَجْهِ وَالرَّأْسِ وَالْجَوْفِ وَالْجَنْبِ وَالظَّهْرِ وَلِأَنَّهُ إنَّمَا وَرَدَ الْحُكْمُ لِمَعْنَى الشَّيْنِ وَهُوَ فِي الرَّأْسِ وَالْوَجْهِ وَلِهَذَا قَالَ (وَمَا سِوَى ذَلِكَ) أَيْ مَا فِي الْوَجْهِ وَالرَّأْسِ وَالْجَوْفِ وَالْجَنْبِ وَالظَّهْرِ (جِرَاحَاتٌ) .
وَفِي الْهِدَايَةِ وَأَمَّا اللَّحْيَانِ فَقَدْ قِيلَ: لَيْسَا مِنْ الْوَجْهِ وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ حَتَّى لَوْ وُجِدَ فِيمَا فِيهِ أَرْشٌ مُقَدَّرٌ لَا يَجِبُ الْمُقَدَّرُ وَهَذَا لِأَنَّ الْوَجْهَ مُشْتَقٌّ مِنْ الْمُوَاجَهَةِ وَلَا مُوَاجَهَةَ لِلنَّاظِرِ فِيهِمَا إلَّا أَنَّ عِنْدَنَا هُمَا مِنْ الْوَجْهِ لِاتِّصَالِهِمَا بِهِ مِنْ غَيْرِ فَاصِلَةٍ وَقَدْ يَتَحَقَّقُ مَعْنَى الْمُوَاجَهَةِ أَيْضًا (وَفِيهَا) أَيْ فِي الْجِرَاحَاتِ (حُكُومَةُ عَدْلٍ وَهِيَ) أَيْ حُكُومَةُ الْعَدْلِ عَلَى مَا قَالَهُ الطَّحَاوِيُّ (أَنْ يَقُومَ) الْمَجْرُوحُ (عَبْدًا بِلَا هَذَا الْأَثَرِ وَمَعَهُ) أَيْ مَعَ هَذَا الْأَثَرِ ثُمَّ يُنْظَرُ إلَى تَفَاوُتِ مَا بَيْنَ الْقِيمَتَيْنِ (فَمَا نَقَصَ مِنْ قِيمَتِهِ وَجَبَ بِنِسْبَتِهِ مِنْ دِيَتِهِ) مَثَلًا يُفْرَضُ أَنَّ هَذَا الْحُرَّ عَبْدٌ وَقِيمَتُهُ بِلَا هَذَا الْأَثَرِ أَلْفُ دِرْهَمٍ وَمَعَ ذَلِكَ الْأَثَرِ تِسْعُمِائَةٍ فَالتَّفَاوُتُ بَيْنَهُمَا مِائَةُ دِرْهَمٍ وَهُوَ عُشْرُ الْأَلْفِ فَيُؤْخَذُ هَذَا التَّفَاوُتُ مِنْ الدِّيَةِ وَهِيَ عَشْرَةُ آلَافِ دِرْهَمٍ فَعَشَرَةُ أَلْفِ دِرْهَمٍ فَهُوَ حُكُومَةُ عَدْلٍ، وَ (بِهِ يُفْتَى) أَيْ بِمَا ذُكِرَ مِنْ هَذَا التَّفْسِيرِ بِحُكُومَةِ الْعَدْلِ وَقَيَّدَ يُفْتِي احْتِرَازًا مَا ذَكَرَهُ الْكَرْخِيُّ وَهُوَ أَنْ يَنْظُرَ مِقْدَارَ هَذِهِ الشَّجَّةِ مِنْ الْمُوضِحَةِ فَيَجِبُ بِقَدْرِ ذَلِكَ مِنْ نِصْفِ عُشْرِ الدِّيَةِ لِأَنَّ مَا لَا نَصَّ فِيهِ يُرَدُّ إلَى الْمَنْصُوصِ عَلَيْهِ قِيلَ: قَوْلُ الْكَرْخِيِّ أَصَحُّ مِمَّا قَالَهُ الطَّحَاوِيُّ لِأَنَّ عَلِيًّا - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - اعْتَبَرَ بِهَذَا الطَّرِيقِ فِيمَنْ قُطِعَ طَرَفُ سِنِّهِ.
(وَفِي) قَطْعِ (أَصَابِعِ الْيَدِ) الْوَاحِدَةِ (وَحْدَهَا أَوْ مَعَ الْكَفِّ نِصْفُ الدِّيَةِ) لِأَنَّ الْأَرْشَ لَا يَزِيدُ بِسَبَبِ الْكَفِّ لِأَنَّهَا تَابِعَةٌ بَلْ الْوَاجِبُ فِي كُلِّ إصْبَعٍ عَشْرٌ مِنْ الْإِبِلِ فَيَكُونُ فِي الْخَمْسِ خَمْسُونَ وَهُوَ نِصْفُ الدِّيَةِ.
(وَ) فِي قَطْعِ الْأَصَابِعِ (مَعَ نِصْفِ السَّاعِدِ نِصْفُ الدِّيَةِ وَحُكُومَةُ عَدْلٍ) وَهُوَ رِوَايَةٌ عَنْ أَبِي يُوسُفَ وَعَنْهُ أَنَّ مَا زَادَ عَلَى أَصَابِعِ الْيَدِ وَالرِّجْلِ فَهُوَ تَبَعٌ إلَى الْمَنْكِبِ وَإِلَى الْفَخِذِ لِأَنَّ الشَّرْعَ أَوْجَبَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute