للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فِي الْيَدِ الْوَاحِدَةِ نِصْفُ الدِّيَةِ وَالْيَدُ اسْمٌ لِهَذِهِ الْجَارِحَةِ إلَى الْمَنْكِبِ فَلَا يُزَادُ عَلَى تَقْدِيرِ الشَّرْعِ وَلَهُمَا أَنَّ الْيَدَ آلَةٌ بَاطِشَةٌ وَالْبَطْشُ يَتَعَلَّقُ بِالْكَفِّ وَالْأَصَابِعِ دُونَ الذِّرَاعِ فَلَمْ يُجْعَلْ الذِّرَاعُ تَبَعًا فِي حَقِّ التَّضْمِينِ وَلِأَنَّهُ لَا وَجْهَ لَأَنْ يَكُونَ تَبَعًا لِلْأَصَابِعِ لِأَنَّ بَيْنَهُمَا عُضْوًا كَامِلًا وَلَا إلَى أَنْ يَكُونَ تَبَعًا لِلْكَفِّ لِأَنَّهُ تَابِعٌ وَلَا تَبَعَ لِلتَّبَعِ كَمَا فِي الْهِدَايَةِ.

(وَفِي) قَطْعِ (كَفٍّ فِيهَا أُصْبُعٌ عُشْرُ الدِّيَةِ وَإِنْ) كَانَ (فِيهَا إصْبَعَانِ فَخُمْسُهَا وَلَا شَيْءَ فِي الْكَفِّ) وَهَذَا عِنْدَ الْإِمَامِ لِأَنَّ الْأَصَابِعَ أَصْلٌ حَقِيقَةً لِأَنَّ مَنْفَعَةَ الْيَدِ وَهِيَ الْقَبْضُ وَالْبَسْطُ وَالْبَطْشُ قَائِمَةٌ بِهَا وَكَذَا حُكْمًا لِأَنَّهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - جَعَلَ الدِّيَةَ بِمُقَابَلَةِ الْأَصَابِعِ حَيْثُ «أَوْجَبَ فِي الْيَدِ نِصْفَ الدِّيَةِ وَجَعَلَ فِي كُلِّ إصْبَعٍ عَشْرًا مِنْ الْإِبِلِ» وَمِنْ ضَرُورَتِهِ أَنْ يَكُونَ كُلُّهَا بِمُقَابَلَةِ أَصَابِعِ كُلِّ الْكَفِّ وَالْأَصْلُ أَوْلَى بِالِاعْتِبَارِ وَإِنْ قَلَّ وَلَا يَظْهَرُ التَّابِعُ بِمُقَابَلَةِ الْأَصْلِ فَلَا يُعَارَضُ حَتَّى يُصَارَ إلَى التَّرْجِيحِ بِالْكَثْرَةِ وَلَئِنْ تَعَارَضَا فَالتَّرْجِيحُ بِالْأَصْلِ حَقِيقَةً وَحُكْمًا أَوْلَى مِنْ التَّرْجِيحِ بِالْكَثْرَةِ (وَعِنْدَهُمَا يَجِبُ الْأَكْثَرُ مِنْ أَرْشِ الْكَفِّ وَدِيَةِ الْإِصْبَعِ وَالْإِصْبَعَيْنِ وَيَدْخُلُ الْأَقَلُّ فِيهِ) أَيْ فِي الْأَكْثَرِ لِأَنَّهُ لَا وَجْهَ لِلْجَمْعِ بَيْنَ الْأَرْشَيْنِ لِأَنَّ الْكُلَّ شَيْءٌ وَاحِدٌ وَلَا إلَى إهْدَارِ أَحَدِهِمَا لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ أَصْلٌ مِنْ وَجْهٍ فَرَجَّحْنَا بِالْكَثْرَةِ (وَإِنْ) كَانَ (فِيهَا) أَيْ فِي الْكَفِّ (ثَلَاثُ أَصَابِعَ فِدْيَةُ الْأَصَابِعِ) وَلَا شَيْءَ فِي الْكَفِّ إجْمَاعًا لِأَنَّ الْأَصَابِعَ أُصُولٌ وَلِلْأَكْثَرِ حُكْمُ الْكُلِّ فَاسْتُتْبِعَتْ الْكَفُّ كَمَا إذَا كَانَتْ الْأَصَابِعُ قَائِمَةً (وَهِيَ) أَيْ دِيَةُ هَذِهِ الْأَصَابِعِ الثَّلَاثَةِ (ثَلَاثَةُ أَعْشَارِ) الدِّيَةِ (إجْمَاعًا) يَعْنِي لُزُومَ دِيَةِ الْأَصَابِعِ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ كَمَا أَنَّ الْأَوَّلَ مُخْتَلَفٌ فِيهِ.

(وَفِي الْإِصْبَعِ الزَّائِدَةِ حُكُومَةٌ) أَيْ حُكُومَةُ عَدْلٍ تَشْرِيفًا لِلْآدَمِيِّ لِأَنَّهَا جُزْءٌ لِلْآدَمِيِّ وَلَكِنْ لَا مَنْفَعَةَ فِيهَا وَلَا زِينَةَ.

(وَكَذَا) أَيْ يَلْزَمُ (فِي الشَّارِبِ) حُكُومَةُ عَدْلٍ فِي الصَّحِيحِ لِأَنَّهُ تَابِعٌ لِلِّحْيَةِ فَصَارَ طَرَفًا مِنْ أَطْرَافِ اللِّحْيَةِ.

(وَلِحْيَةُ الْكَوْسَجِ) أَيْ يَلْزَمُ فِيهَا حُكُومَةُ عَدْلٍ قَالَ الزَّيْلَعِيُّ: بِخِلَافِ لِحْيَةِ الْكَوْسَجِ حَيْثُ لَا يَجِبُ فِيهَا شَيْءٌ لِأَنَّ اللِّحْيَةَ لَا يَبْقَى فِيهَا أَثَرُ الْحَلْقِ فَلَا يَلْحَقُهَا الشَّيْنُ بِالْحَلْقِ بَلْ بِبَقَاءِ الشَّعَرَاتِ يَلْحَقُهُ ذَلِكَ فَيَكُونُ نَظِيرَ مَنْ قَلَّمَ ظُفْرَ غَيْرِهِ بِغَيْرِ إذْنِهِ.

(وَ) تَجِبُ فِي (ثَدْيِ الرَّجُلِ) حُكُومَةُ عَدْلٍ.

(وَ) كَذَا فِي (ذَكَرِ الْخَصِيِّ وَالْعِنِّينِ وَلِسَانِ الْأَخْرَسِ وَالْيَدِ الشَّلَّاءِ وَالْعَيْنِ الْعَوْرَاءِ وَالرِّجْلِ الْعَرْجَاءِ وَالسِّنِّ السَّوْدَاءِ) فَإِنَّهُ لَا يَجِبُ فِي هَذِهِ الْأَشْيَاءِ الدِّيَةُ لِعَدَمِ فَوَاتِ جِنْسِ الْمَنْفَعَةِ وَعَدَمِ جَمَالِ السِّنِّ السَّوْدَاءِ وَلَكِنْ يَجِبُ فِيهَا حُكُومَةُ الْعَدْلِ تَشْرِيفًا لِلْآدَمِيِّ لِأَنَّهَا أَجْزَاءٌ مِنْهُ.

وَقَالَ الشَّافِعِيُّ: تَجِبُ دِيَةٌ كَامِلَةٌ فِي ذَكَرِ الْخَصِيِّ وَالْعَيْنِ لِقَوْلِهِ «- عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -: وَفِي الذَّكَرِ الدِّيَةُ مِنْ غَيْرِ فَصْلٍ» وَلَنَا أَنَّ الْمَنْفَعَةَ وَهِيَ الْإِيلَاجُ وَالْإِنْزَالُ وَالْإِحْبَالُ هِيَ الْمُعْتَبَرَةُ مِنْ هَذَا الْعُضْوِ فَإِذَا عَدِمَتْ لَا يَجِبُ فِيهَا الدِّيَةُ

<<  <  ج: ص:  >  >>