كَالْعَيْنِ الْقَائِمَةِ بِلَا ضَوْءٍ وَالْيَدِ الشَّلَّاءِ.
(وَكَذَا) تَجِبُ حُكُومَةُ عَدْلٍ (فِي عَيْنِ الطِّفْلِ وَلِسَانِهِ وَذَكَرِهِ إذَا لَمْ تُعْلَمْ صِحَّةُ ذَلِكَ) أَيْ صِحَّةُ كُلٍّ مِنْهَا (بِمَا يَدُلُّ عَلَى إبْصَارِهِ وَتَحَرُّكِ ذَكَرِهِ وَكَلَامِهِ) لِأَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْ هَذِهِ الْأَشْيَاءِ الْمَنْفَعَةُ فَإِذَا لَمْ تُعْلَمْ صِحَّتُهَا لَا يَجِبُ الْأَرْشُ الْكَامِلُ بِالشَّكِّ وَالظَّاهِرُ لَا يَصْلُحُ حُجَّةً لِلْإِلْزَامِ بِخِلَافِ الْمَارِنِ وَالْأُذُنِ الشَّاخِصَةِ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ هُوَ الْجَمَالُ وَقَدْ فَوَّتَهُ عَلَى الْكَمَالِ وَكَذَلِكَ لَوْ اسْتَهْلَكَ الصَّبِيُّ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِكَلَامٍ وَإِنَّمَا هُوَ مُجَرَّدُ صَوْتٍ وَإِنْ عُلِمَتْ الصِّحَّةُ فِيهِ بِمَا ذَكَرَهُ فَحُكْمُهُ حُكْمُ الْبَالِغِ فِي الْعَمْدِ وَالْخَطَأِ.
(وَإِنْ شَجَّ) رَجُلٌ (رَجُلًا) مُوضِحَةً (فَذَهَبَ عَقْلُهُ أَوْ شَعْرُ رَأْسِهِ) وَلَمْ يَنْبُتْ (دَخَلَ أَرْشُ الْمُوضِحَةِ فِي الدِّيَةِ) لِأَنَّ فَوَاتَ الْعَقْلِ يُبْطِلُ مَنْفَعَةَ جَمِيعِ الْأَعْضَاءِ إذْ لَا يُنْتَفَعُ بِدُونِهِ فَصَارَ كَمَا إذَا أَوْضَحَهُ فَمَاتَ وَأَرْشُ الْمُوضِحَةِ يَجِبُ بِفَوَاتِ جُزْءٍ مِنْ الشَّعْرِ وَقَدْ تَعَلَّقَا جَمِيعًا بِسَبَبٍ وَاحِدٍ وَهُوَ فَوَاتُ الشَّعْرِ فَيَدْخُلُ الْجُزْءُ فِي الْكُلِّ كَمَنْ قَطَعَ إصْبَعَ رَجُلٍ فَشُلَّتْ بِهِ يَدُهُ كُلُّهَا.
(وَإِنْ ذَهَبَ سَمْعُهُ أَوْ بَصَرُهُ أَوْ كَلَامُهُ لَا يَدْخُلُ) أَرْشُ الْمُوضِحَةِ فِي الدِّيَةِ لِأَنَّ كُلًّا مِنْهَا جِنَايَةٌ فِيمَا دُونَ النَّفْسِ وَالْمَنْفَعَةُ مُخْتَصَّةٌ فَأَشْبَهَ الْأَعْضَاءَ الْمُخْتَلِفَةَ بِخِلَافِ الْعَقْلِ لِأَنَّ مَنْفَعَتَهُ عَائِدَةٌ إلَى جَمِيعِ الْأَعْضَاءِ كَمَا مَرَّ هَذَا عِنْدَ الطَّرَفَيْنِ وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ أَنَّ الشَّجَّةَ تَدْخُلُ فِي دِيَةِ السَّمْعِ وَالنُّطْقِ وَلَا تَدْخُلُ فِي دِيَةِ الْبَصَرِ قِيلَ هَذَا إذَا كَانَ خَطَأً أَمَّا إذَا شَجَّ رَجُلًا مُوضِحَةً عَمْدًا فَذَهَبَ مِنْ ذَلِكَ سَمْعُهُ وَبَصَرُهُ فَلَا قِصَاصَ فِي شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ عِنْدَ الْإِمَامِ وَلَكِنْ يَجِبُ أَرْشُ الْمُوضِحَةِ وَدِيَةُ السَّمْعِ وَالْبَصَرِ وَعِنْدَهُمَا يَجِبُ الْقِصَاصُ فِي الشَّجَّةِ وَيَجِبُ الدِّيَةُ فِي السَّمْعِ وَالْبَصَرِ.
(وَإِنْ ذَهَبَ بِهَا) أَيْ بِالْمُوضِحَةِ (عَيْنَاهُ فَلَا قِصَاصَ وَيَجِبُ أَرْشُهَا) أَيْ أَرْشُ الشَّجَّةِ (وَأَرْشُ الْعَيْنَيْنِ) عِنْدَ الْإِمَامِ (وَعِنْدَهُمَا) يَجِبُ (الْقِصَاصُ فِي الْمُوضِحَةِ وَالدِّيَةُ فِي الْعَيْنَيْنِ) وَالْأَصْلُ فِي ذَلِكَ عِنْدَهُ أَنَّ الْفِعْلَ إذَا أَوْجَبَ مَالًا فِي الْبَعْضِ سَقَطَ الْقِصَاصُ سَوَاءٌ كَانَا عُضْوَيْنِ أَوْ عُضْوًا وَاحِدًا وَعِنْدَهُمَا فِي الْعُضْوَيْنِ يَجِبُ الْقِصَاصُ مَعَ وُجُوبِ الْمَالِ وَإِنْ كَانَ عُضْوًا وَاحِدًا لَا يَجِبُ.
(وَلَا قِصَاصَ فِي أُصْبُعٍ قُطِعَتْ فَشُلَّتْ أُخْرَى) جَنْبَهَا بَلْ يَجِبُ الْأَرْشُ عِنْدَ الْإِمَامِ لِأَنَّ الْقِصَاصَ غَيْرُ وَاجِبٍ لِعَدَمِ الْمُمَاثَلَةِ لِأَنَّ قَطْعَ الثَّانِي عَلَى وَجْهٍ يُوجِبُ شَلَّ الْأُخْرَى غَيْرُ مُمْكِنٍ (وَعِنْدَهُمَا) وَهُوَ قَوْلُ زُفَرَ وَالْحَسَنِ (يُقْتَصُّ فِي الْمَقْطُوعَةِ وَتَجِبُ الدِّيَةُ فِي الْأُخْرَى) الَّتِي شُلَّتْ لِأَنَّ الْقِصَاصَ وَاجِبٌ بِالنُّصُوصِ.
(وَلَوْ قَطَعَ مِفْصَلَهَا) أَيْ مِفْصَلَ الْإِصْبَعِ (الْأَعْلَى فَشُلَّ مَا بَقِيَ) مِنْ الْمَفَاصِلِ كَمَا فِي الرَّمْزِ شَرْحِ الْكَنْزِ وَقَوْلُ صَاحِبِ الْهِدَايَةِ وَغَيْرِهِ فَشُلَّتْ مَا بَقِيَ مِنْ الْإِصْبَعِ مَحَلُّ تَأَمُّلٍ تَدَبَّرْ (فَلَا قِصَاصَ بَلْ الدِّيَةُ فِيمَا قُطِعَ وَحُكُومَةٌ) أَيْ حُكُومَةُ عَدْلٍ (فِيمَا شُلَّ) وَإِنَّمَا وَجَبَتْ الدِّيَةُ لِأَنَّهُ مُقَدَّرٌ شَرْعًا وَتَلْزَمُ الْحُكُومَةُ فِيمَا بَقِيَ لِانْتِفَاءِ تَقْدِيرِ الشَّرْعِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute