للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لِأَنَّ الْغَصْبَ قَاطِعٌ لِلسِّرَايَةِ لِأَنَّهُ سَبَبُ الْمِلْكِ كَالْبَيْعِ فَصُيِّرَ كَأَنَّهُ هَلَكَ بِآفَةٍ سَمَاوِيَّةٍ فَتَجِبُ قِيمَتُهُ إنْ قُطِعَ.

(وَإِنْ قَطَعَ سَيِّدُهُ) أَيْ الْعَبْدِ يَدَهُ (عِنْدَ الْغَاصِبِ فَمَاتَ) مِنْ الْقَطْعِ (بَرِئَ الْغَاصِبُ) مِنْ الضَّمَانِ لِأَنَّ السِّرَايَةَ مُضَافَةٌ إلَى الْبِدَايَةِ فَصَارَ الْمَوْلَى مُتْلِفًا فَيَصِيرُ مُسْتَرِدًّا. وَكَيْفَ لَا يَكُونُ كَذَلِكَ وَقَدْ اسْتَوْلَى عَلَيْهِ بِحَيْثُ قَطَعَ يَدَهُ وَهُوَ اسْتِرْدَادٌ فَبَرِئَ الْغَاصِبُ مِنْ الضَّمَانِ.

(وَلَوْ غَصَبَ) عَبْدٌ (مَحْجُورٌ) عَبْدًا مَحْجُورًا (مِثْلَهُ فَمَاتَ) الْمَغْصُوبُ (فِي يَدِهِ) أَيْ الْغَاصِبِ (ضَمِنَ) لِأَنَّ الْمَحْجُورَ عَلَيْهِ مُؤَاخَذٌ بِأَفْعَالِهِ وَهَذَا مِنْهَا فَيَضْمَنُ حَتَّى لَوْ ثَبَتَ الْغَصْبُ بِالْبَيِّنَةِ يُبَاعُ فِيهِ بِالْحَالِ بِخِلَافِ أَقْوَالِهِ حَتَّى لَوْ أَقَرَّ بِالْغَصْبِ لَا يُبَاعُ بَلْ يُؤْخَذُ بِهِ بَعْدَ الْعِتْقِ.

(وَلَوْ غُصِبَ) عَلَى صِيغَةِ الْمَفْعُولِ (مُدَبَّرٌ فَجَنَى) ذَلِكَ الْمُدَبَّرُ (عِنْدَ غَاصِبِهِ ثُمَّ) رَدَّهُ إلَى مَوْلَاهُ فَجَنَى (عِنْدَ سَيِّدِهِ أَوْ بِالْعَكْسِ) بِأَنْ جَنَى عِنْدَ سَيِّدِهِ جِنَايَةً ثُمَّ جَنَى عِنْدَ غَاصِبِهِ جِنَايَةً أُخْرَى (ضَمِنَ سَيِّدُهُ قِيمَتَهُ لَهُمَا) أَيْ لِوَلِيِّ الْجِنَايَتَيْنِ فَيَكُونُ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ؛ لِأَنَّ جِنَايَةَ الْمُدَبَّرِ وَإِنْ كَثُرَتْ قِيمَةٌ وَاحِدَةٌ وَإِنَّمَا كَانَتْ الْقِيمَةُ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ لِاسْتِوَائِهِمَا فِي السَّبَبِ (وَرَجَعَ) السَّيِّدُ (بِنِصْفِهَا) أَيْ بِنِصْفِ الْقِيمَةِ الَّتِي ضَمِنَهَا (عَلَى الْغَاصِبِ) ؛ لِأَنَّهُ ضَمِنَ الْقِيمَةَ بِالْجِنَايَتَيْنِ نِصْفَهَا بِسَبَبٍ كَانَ عِنْدَ الْغَاصِبِ وَنِصْفَهَا بِسَبَبٍ آخَرَ وُجِدَ عِنْدَهُ، فَيَرْجِعُ عَلَى الْغَاصِبِ بِالسَّبَبِ الَّذِي لَحِقَهُ مِنْ جِهَةِ الْغَاصِبِ فَصَارَ كَأَنَّهُ لَمْ يَرُدَّ نِصْفَ الْعَبْدِ (وَدَفَعَهُ إلَى رَبِّ) الْجِنَايَةِ (الْأُولَى فِي الصُّورَةِ الْأُولَى) وَهِيَ مَا إذَا جَنَى الْمُدَبَّرُ عِنْدَ غَاصِبِهِ ثُمَّ عِنْدَ مَوْلَاهُ (ثُمَّ رَجَعَ بِهِ ثَانِيًا عَلَيْهِ) أَيْ عَلَى الْغَاصِبِ؛ لِأَنَّ حَقَّ الْأُولَى فِي جَمِيعِ الْقِيمَةِ؛ لِأَنَّهُ حِينَ جَنَى فِي حَقِّهِ لَا يُزَاحِمُهُ أَحَدٌ وَإِنَّمَا انْتَقَصَ بِاعْتِبَارِ مُزَاحَمَةِ الثَّانِي، فَإِذَا وَجَدَ الْأَوَّلُ شَيْئًا مِنْ بَدَلِ الْعَبْدِ فِي يَدِ الْمَوْلَى فَارِغًا يَأْخُذُهُ لِيَتِمَّ حَقُّهُ، فَإِذَا أَخَذَهُ مِنْهُ يَرْجِعُ الْمَوْلَى ثَانِيًا بِمَا أَخَذَهُ مِنْهُ عَلَى الْغَاصِبِ؛ لِأَنَّهُ اُسْتُحِقَّ مِنْ يَدِهِ بِسَبَبٍ كَانَ عِنْدَ الْغَاصِبِ. وَهَذَا عِنْدَ الشَّيْخَيْنِ (وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ لَا يَدْفَعُهُ) أَيْ نِصْفَ الْقِيمَةِ الَّذِي رَجَعَ بِهِ عَلَى الْغَاصِبِ لِوَلِيِّ الْجِنَايَةِ الْأُولَى بَلْ هُوَ مُسَلَّمٌ لِلْمَوْلَى إذْ هُوَ عِوَضُ مَا أَخَذَهُ وَلِيُّ الْجِنَايَةِ الْأُولَى فَلَا يَدْفَعُهُ إلَيْهِ كَيْ لَا يُؤَدِّي إلَى اجْتِمَاعِ الْبَدَلِ وَالْمُبْدَلِ مِنْهُ فِي مِلْكِ شَخْصٍ وَاحِدٍ (وَلَا يَرْجِعُ ثَانِيًا) ؛ لِأَنَّ الَّذِي يَرْجِعُ بِهِ الْمَوْلَى عَلَى الْغَاصِبِ عِوَضُ مَا سُلِّمَ لِوَلِيِّ الْجِنَايَةِ الْأُولَى فَلَا يَرْجِعُ كَيْ لَا يَتَكَرَّرَ الِاسْتِحْقَاقُ (وَفِي الصُّورَةِ الثَّانِيَةِ) وَهِيَ مَا إذَا جَنَى الْمُدَبَّرُ عِنْدَ مَوْلَاهُ جِنَايَةً ثُمَّ عِنْدَ غَاصِبِهِ أُخْرَى (يَدْفَعُهُ) أَيْ يَدْفَعُ الْمَوْلَى مَا رَجَعَ بِهِ عَلَى الْغَاصِبِ إلَى وَلِيِّ الْجِنَايَةِ الْأُولَى (وَلَا يَرْجِعُ) الْمَوْلَى عَلَى الْغَاصِبِ (ثَانِيًا) بِمَا دَفَعَهُ إلَى وَلِيِّ الْجِنَايَةِ الْأُولَى (بِالْإِجْمَاعِ) لِأَنَّ الْجِنَايَةَ الْأُولَى صَدَرَتْ مِنْ الْمُدَبَّرِ وَهُوَ فِي يَدِ الْمَوْلَى (وَالْقِنُّ فِي الْفَصْلَيْنِ) أَيْ فِيمَا إذَا جَنَى عِنْدَ غَاصِبِهِ ثُمَّ عِنْدَ مَوْلَاهُ (كَالْمُدَبَّرِ إلَّا) أَنَّ الْفَرْقَ بَيْنَهُمَا (أَنَّهُ)

<<  <  ج: ص:  >  >>