للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَيْ الْمَوْلَى (يَدْفَعُهُ) أَيْ الْقِنَّ نَفْسَهُ (وَفِي الْمُدَبَّرِ يَدْفَعُ الْقِيمَةَ) أَيْ قِيمَةَ الْمُدَبَّرِ (وَحُكْمُ تَكْرَارِ الرُّجُوعِ وَالدَّفْعِ كَمَا فِي الْمُدَبَّرِ اخْتِلَافًا وَاتِّفَاقًا) فَإِنَّهُ إذَا دَفَعَ الْقِنَّ إلَيْهِمَا رَجَعَ بِنِصْفِ قِيمَتِهِ عَلَى الْغَاصِبِ، وَسُلِّمَ لِلْمَالِكِ عِنْدَ مُحَمَّدٍ وَعِنْدَهُمَا لَا يُسَلَّمُ لَهُ بَلْ يَدْفَعُهُ إلَى الْأَوَّلِ وَإِذَا دَفَعَهُ إلَيْهِ يَرْجِعُ فِي الْفَصْلِ الْأَوَّلِ عَلَى الْغَاصِبِ ثَانِيًا وَفِي الْفَصْلِ الثَّانِي لَا يَرْجِعُ.

(وَلَوْ غَصَبَ رَجُلٌ مُدَبَّرًا مَرَّتَيْنِ فَجَنَى) الْمُدَبَّرُ (عِنْدَهُ) أَيْ الْغَاصِبِ (فِي كُلٍّ مِنْهُمَا) أَيْ فِي كُلٍّ مِنْ الْمَرَّتَيْنِ (غَرِمَ سَيِّدُهُ قِيمَتَهُ لَهُمَا) أَيْ لِوَلِيِّ الْجِنَايَتَيْنِ (وَرَجَعَ بِهَا عَلَى الْغَاصِبِ وَدَفَعَ نِصْفَهَا) أَيْ الْقِيمَةِ (إلَى وَلِيِّ) الْجِنَايَةِ (الْأُولَى وَرَجَعَ بِهِ) أَيْ بِالنِّصْفِ (عَلَيْهِ) أَيْ عَلَى الْغَاصِبِ (ثَانِيًا اتِّفَاقًا) ، وَصُورَةُ الْمَسْأَلَةِ أَنَّهُ غَصَبَ رَجُلٌ مُدَبَّرًا فَجَنَى عِنْدَهُ خَطَأً ثُمَّ رَدَّهُ عَلَى الْمَوْلَى فَغَصَبَهُ ثَانِيًا ثُمَّ جَنَى ذَلِكَ الْمُدَبَّرُ عِنْدَهُ مَرَّةً أُخْرَى يَضْمَنُ الْمَوْلَى قِيمَةَ الْمُدَبَّرِ لِوَلِيِّ الْجِنَايَتَيْنِ بِأَنْ يَجْعَلَ الْقِيمَةَ نِصْفَيْنِ لِمَنْعِهِ رَقَبَتَهُ بِالتَّدْبِيرِ فَتَجِبُ عَلَيْهِ قِيمَةٌ وَاحِدَةٌ بَدَلَ الرَّقَبَةِ ثُمَّ يَرْجِعُ بِتِلْكَ الْقِيمَةِ عَلَى الْغَاصِبِ لِحُصُولِ كُلٍّ مِنْ الْجِنَايَتَيْنِ عِنْدَهُ، ثُمَّ قِيلَ هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ عَلَى الِاخْتِلَافِ السَّابِقِ كَالْمَسْأَلَةِ الْأُولَى، وَقِيلَ عَلَى الِاتِّفَاقِ. وَإِلَى الْقَوْلِ بِالِاخْتِلَافِ أَشَارَ بِقَوْلِهِ (وَقِيلَ فِيهِ خِلَافُ مُحَمَّدٍ) وَالْفَرْقُ لِمُحَمَّدٍ أَنَّ فِي الْأُولَى الَّذِي يَرْجِعُ بِهِ عِوَضٌ عَمَّا سُلِّمَ لِوَلِيِّ الْجِنَايَةِ الْأُولَى؛ لِأَنَّ الثَّانِيَةَ كَانَتْ فِي يَدِ الْمَالِكِ فَلَوْ دُفِعَ إلَيْهِ ثَانِيًا يَتَكَرَّرُ الِاسْتِحْقَاقُ أَمَّا فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ يُمْكِنُ أَنْ يُجْعَلَ عِوَضًا عَنْ الْجِنَايَةِ الثَّانِيَةِ لِحُصُولِهَا فِي يَدِ الْغَاصِبِ فَلَا يُؤَدِّي إلَى مَا ذُكِرَ.

(وَمَنْ) (غَصَبَ صَبِيًّا حُرًّا) أَيْ ذَهَبَ بِهِ بِغَيْرِ إذْنِ وَلِيِّهِ وَذِكْرُهُ بِلَفْظِ الْغَصْبِ مُشَاكِلُهُ إذْ الْغَصْبُ لَا يَتَحَقَّقُ إلَّا فِي الْأَمْوَالِ وَالْحُرُّ لَيْسَ كَذَلِكَ (فَمَاتَ) أَيْ الصَّبِيُّ (فِي يَدِهِ) أَيْ فِي يَدِ الذَّاهِبِ بِهِ (فَجْأَةً أَوْ بِحُمَّى فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَإِنْ) مَاتَ (بِصَاعِقَةٍ) أَوْ نَهْشِ حَيَّةٍ (فَعَلَى عَاقِلَتِهِ) أَيْ الذَّاهِبِ (دِيَتُهُ) أَيْ دِيَةُ الصَّبِيِّ اسْتِحْسَانًا، وَالْقِيَاسُ أَنْ لَا يَضْمَنَ وَهُوَ قَوْلُ زُفَرَ وَالشَّافِعِيِّ؛ لِأَنَّ الْغَصْبَ فِي الْحَدِّ لَا يَتَحَقَّقُ. وَجْهُ الِاسْتِحْسَانِ أَنَّ ضَمَانَهُ لَيْسَ لِكَوْنِهِ غَاصِبًا بَلْ لِتَسَبُّبِهِ لِإِتْلَافِهِ بِنَقْلِهِ إلَى مَكَان فِيهِ الصَّوَاعِقُ وَالْحَيَّاتُ بِخِلَافِ الْمَوْتِ فَجْأَةً أَوْ بِحُمَّى؛ لِأَنَّ ذَلِكَ لَا يَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ الْأَمَاكِنِ حَتَّى لَوْ نَقَلَهُ إلَى مَكَان تَغْلِبُ فِيهِ الْحُمَّى وَالْأَمْرَاضُ كَالطَّاعُونِ وَغَيْرِهِ فَإِنَّهُ يَضْمَنُ وَتَجِبُ الدِّيَةُ عَلَى الْعَاقِلَةِ لِقَتْلِهِ بِالنَّقْلِ تَسَبُّبًا قَالَ فِي الْغَايَةِ: فَإِنْ قِيلَ فَمَا حُكْمُ الْحُرِّ الْكَبِيرِ إذَا نُقِلَ إلَى هَذِهِ الْأَمَاكِنِ تَعَدِّيًا فَأَصَابَهُ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ؟ أُجِيبَ: حُكْمُهُ أَنْ يَنْظُرَ إنْ كَانَ النَّاقِلُ قَيَّدَهُ وَلَمْ يُمْكِنْ التَّحَرُّزُ عَنْهُ ضَمِنَ؛ لِأَنَّ الْمَغْصُوبَ عَجَزَ عَنْ حِفْظِ نَفْسِهِ بِمَا فَعَلَ بِهِ فَيَجِبُ الضَّمَانُ عَلَى الْغَاصِبِ وَإِنْ لَمْ يَمْنَعْهُ مِنْ حِفْظِ نَفْسِهِ لَا يَضْمَنُ؛ لِأَنَّ الْبَالِغَ الْعَاقِلَ إذَا لَمْ يَحْفَظْ نَفْسَهُ مَعَ تَمَكُّنِهِ مِنْ الْحِفْظِ كَانَ التَّلَفُ مُضَافًا إلَى تَقْصِيرِهِ لَا إلَى الْغَاصِبِ فَلَا يَضْمَنُ فَكَانَ حُكْمُ الْحُرِّ الصَّغِيرِ حُكْمَ الْحُرِّ الْكَبِيرِ الْمُقَيَّدِ حَيْثُ لَا يُمْكِنُهُ حِفْظُ

<<  <  ج: ص:  >  >>