بِالْقَوَدِ إذَا كَانَتْ الدَّعْوَى فِي الْعَمْدِ وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ وَإِنْ نَكَلَ الْمُدَّعِي عَنْ الْيَمِينِ حُلِّفَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِمْ، فَإِنْ حَلَفُوا بَرِئُوا وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِمْ، وَإِنْ نَكَلُوا فَعَلَيْهِمْ الْقِصَاصُ فِي قَوْلِهِ وَالدِّيَةُ فِي قَوْلٍ، وَاللَّوْثُ عِنْدَهُمَا قَرِينَةُ حَالٍ تُوقِعُ فِي الْقَلْبِ صِدْقَ الْمُدَّعِي بِأَنْ يَكُونَ هُنَاكَ عَلَامَةُ الْقَتْلِ عَلَى وَاحِدٍ بِعَيْنِهِ كَالدَّمِ أَوْ ظَاهِرٌ يَشْهَدُ لِلْمُدَّعِي مِنْ عَدَاوَةٍ ظَاهِرَةٍ أَوْ شَهَادَةِ عَدْلٍ أَوْ جَمَاعَةٍ غَيْرِ عُدُولٍ أَنَّ أَهْلَ الْمَحَلَّةِ قَتَلُوهُ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ الظَّاهِرُ شَاهِدًا لَهُ حُلِّفَ أَهْلُ الْمَحَلَّةِ عَلَى مَا قُلْنَا وَالِاخْتِلَافُ فِي مَوْضِعَيْنِ فِي تَحْلِيفِ الْمُدَّعِي أَوَّلًا وَفِي بَرَاءَةِ أَهْلِ الْمَحَلَّةِ بِالْيَمِينِ (فَإِنْ نَقَصَ أَهْلُهَا) أَيْ أَهْلُ الْمَحَلَّةِ (عَنْ الْخَمْسِينَ كُرِّرَتْ الْيَمِينُ) عَلَيْهِمْ (إلَى أَنْ يَتِمَّ) خَمْسُونَ؛ لِأَنَّ الْيَمِينَ وَاجِبٌ بِالنَّصِّ فَيَجِبُ إتْمَامُهَا مَا أَمْكَنَ، وَلَا يُشْتَرَطُ مَعْرِفَةُ الْحِكْمَةِ فِي هَذَا الْعَدَدِ الثَّابِتِ بِالنَّصِّ وَقَدْ رُوِيَ عَنْ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - أَنَّهُ قَضَى بِالْقَسَامَةِ وَعِنْدَهُ تِسْعَةٌ وَأَرْبَعُونَ رَجُلًا فَكَرَّرَ الْيَمِينَ عَلَى رَجُلٍ مِنْهُمْ لِيَتِمَّ بِهِ خَمْسُونَ ثُمَّ قَضَى بِالدِّيَةِ وَعَنْ شُرَيْحٍ وَالنَّخَعِيِّ مِثْلُهُ (وَمَنْ نَكَلَ) مِنْهُمْ عَنْ الْيَمِينِ (حُبِسَ حَتَّى يَحْلِفَ) ؛ لِأَنَّ الْيَمِينَ وَاجِبَةٌ فِيهِ تَعْظِيمًا لِأَمْرِ الدَّمِ وَلِهَذَا يُجْمَعُ فِيهِ بَيْنَ الْيَمِينِ وَالدِّيَةِ بِخِلَافِ النُّكُولِ فِي الْأَمْوَالِ. هَذَا إذَا ادَّعَى الْوَلِيُّ الْقَتْلَ عَلَى جَمِيعِ أَهْلِ الْمَحَلَّةِ أَوْ عَلَى بَعْضٍ مِنْهُمْ غَيْرِ مُعَيَّنٍ وَالدَّعْوَى فِي الْعَمْدِ وَالْخَطَأِ سَوَاءٌ، وَلَوْ ادَّعَى عَلَى وَاحِدٍ مِنْهُمْ بِعَيْنِهِ أَنَّهُ قَتَلَ عَمْدًا أَوْ خَطَأً فَكَذَلِكَ الْحُكْمُ عَلَى مَا ذُكِرَ فِي الْمَبْسُوطِ وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ فِي غَيْرِ رِوَايَةِ الْأُصُولِ أَنَّهُ تَسْقُطُ الْقَسَامَةُ وَالدِّيَةُ عَنْ الْبَاقِينَ فِي الْقِيَاسِ كَمَا لَوْ ادَّعَى عَلَى وَاحِدٍ مِنْ غَيْرِهِمْ.
وَفِي الِاسْتِحْسَانِ تَجِبُ الْقَسَامَةُ وَالدِّيَةُ عَلَى أَهْلِ الْمَحَلَّةِ لِإِطْلَاقِ النُّصُوصِ (وَمَنْ قَالَ مِنْهُمْ) أَيْ مِنْ الْمُسْتَحْلَفِينَ (قَتَلَهُ فُلَانٌ اسْتَثْنَاهُ) ضَمِيرُ الْفَاعِلِ عَائِدٌ إلَى مَنْ وَضَمِيرُ الْمَفْعُولِ إلَى فُلَانٍ (فِي يَمِينِهِ) بِأَنْ يَقُولَ بِاَللَّهِ مَا قَتَلْته وَلَا عَلِمْت لَهُ قَاتِلًا إلَّا فُلَانًا؛ لِأَنَّهُ قَدْ يُرِيدُ إسْقَاطَ الْخُصُومَةِ عَنْ نَفْسِهِ بِقَوْلِهِ قَتَلَهُ فُلَانٌ فَلَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ فَيَحْلِفُ كَمَا ذَكَرْنَا.
(وَإِنْ ادَّعَى الْوَلِيُّ الْقَتْلَ عَلَى غَيْرِهِمْ) أَيْ عَلَى رَجُلٍ مِنْ غَيْرِ أَهْلِ الْمَحَلَّةِ (سَقَطَتْ) الْقَسَامَةُ (عَنْهُمْ) أَيْ مِنْ أَهْلِ الْمَحَلَّةِ، أَمَّا إذَا ادَّعَى عَلَى وَاحِدٍ مِنْ أَهْلِ الْمَحَلَّةِ بِعَيْنِهِ لَا تَبْطُلُ الْقَسَامَةُ وَالدِّيَةُ عَنْ أَهْلِهَا.
وَعَنْ الْإِمَامِ فِي رِوَايَةٍ يَكُونُ ذَلِكَ إبْرَاءً مِنْهُ لِأَهْلِ الْمَحَلَّةِ كَمَا فِي الْخَانِيَّةِ.
(وَلَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُمْ) أَيْ أَهْلِ الْمَحَلَّةِ (بِهِ) أَيْ بِالْقَتْلِ (عَلَى غَيْرِهِمْ) أَيْ عَلَى غَيْرِ أَهْلِ الْمَحَلَّةِ الَّذِي ادَّعَى الْوَلِيُّ الْقَتْلَ عَلَيْهِ هَذَا عِنْدَ الْإِمَامِ (خِلَافًا لَهُمَا) لِبَرَاءَتِهِمْ مِنْ التُّهْمَةِ بِادِّعَاءِ الْوَلِيِّ الْقَتْلَ عَلَى غَيْرِهِمْ كَالْوَصِيِّ إذَا خَرَجَ عَنْ الْوِصَايَةِ بَعْدَمَا قَبِلَهَا ثُمَّ يَشْهَدُ لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ، وَأَصْلُهُ أَنَّ مَنْ صَارَ خَصْمًا فِي حَادِثَةٍ لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ فِيهَا وَمَنْ كَانَ بِعُرْضَةٍ أَنْ يَصِيرَ خَصْمًا وَلَمْ يَنْتَصِبْ خَصْمًا بَعْدُ تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ وَهَذَانِ الْأَصْلَانِ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِمَا عِنْدَ الْكُلِّ غَيْرَ أَنَّهُمَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute