للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فِي هَذِهِ الْمَحَلَّةِ الْقَسَامَةَ وَالدِّيَةَ عَلَى أَهْلِهَا لَمْ نَجِدْ بُدًّا مِنْ أَنْ نُوجِبَ إذَا وُجِدَ النِّصْفُ الْآخَرُ فِي مَحَلَّةٍ أُخْرَى الْقَسَامَةَ وَالدِّيَةَ عَلَى أَهْلِهَا وَتَكْرَارُ الْقَسَامَةِ وَالدِّيَةِ فِي قَتْلٍ وَاحِدٍ غَيْرُ مَشْرُوعٍ وَالْأَصْلُ فِيهِ أَنَّ الْمَوْجُودَ إنْ كَانَ بِحَالٍ لَوْ وُجِدَ الْبَاقِي تَجْرِي فِيهِ الْقَسَامَةُ لَا تَجِبُ فِيهِ، وَإِنْ كَانَ بِحَالٍ لَوْ وُجِدَ الْبَاقِي لَا تَجْرِي فِيهِ الْقَسَامَةُ تَجِبُ وَالْمَعْنَى مَا بَيَّنَّا.

(وَإِنْ وُجِدَ) الْقَتِيلُ (عَلَى دَابَّةٍ يَسُوقُهَا) أَيْ الدَّابَّةَ (رَجُلٌ فَالدِّيَةُ عَلَى عَاقِلَتِهِ) أَيْ عَاقِلَةِ السَّائِقِ سَوَاءٌ كَانَ السَّائِقُ مَالِكًا لِلدَّابَّةِ أَوْ غَيْرَ مَالِكٍ لَا عَلَى أَهْلِ الْمَحَلَّةِ؛ لِأَنَّهُ فِي يَدِهِ لَا فِي أَيْدِيهِمْ.

(وَكَذَا) أَيْ يَضْمَنُ عَاقِلَةَ الْقَائِدِ أَوْ عَاقِلَةَ الرَّاكِبِ (لَوْ كَانَ يَقُودُهَا أَوْ رَاكِبَهَا) ؛ لِأَنَّهُ فِي يَدِهِ فَصَارَ كَمَا إذَا كَانَ فِي دَارِهِ.

(وَإِنْ اجْتَمَعُوا) أَيْ السَّائِقُ وَالْقَائِدُ وَالرَّاكِبُ (فَعَلَيْهِمْ) أَيْ تَجِبُ الدِّيَةُ عَلَيْهِمْ؛ لِأَنَّهُ فِي أَيْدِيهِمْ فَصَارَ كَمَا إذَا وُجِدَ فِي دَارِهِمْ وَلَا يُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونُوا مَالِكِينَ لِلدَّابَّةِ بِخِلَافِ الدَّارِ، وَالْفَرْقُ أَنَّ تَدْبِيرَ الدَّابَّةِ إلَيْهِمْ، وَإِنْ لَمْ يَكُونُوا مَالِكِينَ لَهَا وَتَدْبِيرَ الدَّارِ إلَى مَالِكِهَا وَإِنْ لَمْ يَكُنْ سَاكِنًا فِيهَا، وَقِيلَ الْقَسَامَةُ وَالدِّيَةُ عَلَى مَالِكِ الدَّابَّةِ فَعَلَى هَذَا لَا فَرْقَ بَيْنَهَا وَبَيْنَ الدَّارِ.

(وَإِنْ وُجِدَ) قَتِيلٌ (عَلَى دَابَّةٍ بَيْنَ قَرْيَتَيْنِ فَعَلَى أَقْرَبِهِمَا) أَيْ أَقْرَبِ الْقَرْيَتَيْنِ إلَى الْقَتِيلِ الَّذِي وُجِدَ عَلَى ظَهْرِ الدَّابَّةِ الَّتِي مَرَّتْ بَيْنَ الْقَرْيَتَيْنِ لِمَا رُوِيَ أَنَّهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «أَمَرَ فِي قَتِيلٍ وُجِدَ بَيْنَ قَرْيَتَيْنِ بِأَنْ يُذَرَّعَ فَوُجِدَ أَقْرَبَ إلَى أَحَدِهِمَا بِشِبْرٍ فَقَضَى عَلَيْهِمْ بِالْقَسَامَةِ وَالدِّيَةِ» وَاشْتُرِطَ سَمَاعُ الصَّوْتِ مِنْ الْقَرْيَتَيْنِ وَلَمْ يُقَيِّدْهُ الْمُصَنِّفُ هُنَا بِهَذَا الْقَيْدِ تَبَعًا لِلْكَنْزِ قَالَ شَارِحُهُ الزَّيْلَعِيُّ هَذَا مَحْمُولٌ عَلَى مَا إذَا كَانُوا بِحَيْثُ يُسْمَعُ مِنْهُمْ الصَّوْتُ وَأَمَّا إذَا كَانُوا بِحَيْثُ لَا يُسْمَعُ مِنْهُمْ الصَّوْتُ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِمْ؛ لِأَنَّهُمْ إذَا كَانُوا بِحَيْثُ يُسْمَعُ مِنْهُمْ الصَّوْتُ يُمْكِنُهُمْ الْغَوْثُ فَيُنْسَبُونَ إلَى التَّقْصِيرِ فِي النُّصْرَةِ، وَإِنْ كَانُوا بِحَيْثُ لَا يُسْمَعُ مِنْهُمْ الصَّوْتُ فَلَا يُنْسَبُونَ إلَى التَّقْصِيرِ فِي النُّصْرَةِ انْتَهَى. وَقَدْ صَرَّحَ بِهَذَا الْقَيْدِ فِي الْوَلْوَالِجِيَّةِ حَيْثُ قَالَ، وَلَوْ وُجِدَ الْقَتِيلُ بَيْنَ الْقَرْيَتَيْنِ يُنْظَرُ إلَى أَيِّهِمَا أَقْرَبُ وَإِنَّمَا تَجِبُ الْقَسَامَةُ وَالدِّيَةُ عَلَى أَقْرَبِ الْقَرْيَتَيْنِ إذَا كَانَ بِحَالٍ يُسْمَعُ مِنْهُ الصَّوْتُ، أَمَّا إذَا كَانَ بِحَالٍ لَا يُسْمَعُ مِنْهُ الصَّوْتُ لَا تَجِبُ عَلَى وَاحِدَةٍ مِنْ الْقَرْيَتَيْنِ، وَيُرَاعَى حَالُ الْمَكَانِ الَّذِي وُجِدَ فِيهِ الْقَتِيلُ إنْ كَانَ مَمْلُوكًا تَجِبُ الْقَسَامَةُ عَلَى الْمُلَّاكِ وَالدِّيَةُ عَلَى عَاقِلَتِهِمْ، وَإِنْ كَانَ مُبَاحًا لَكِنَّهُ فِي أَيْدِي الْمُسْلِمِينَ تَجِبُ الدِّيَةُ فِي بَيْتِ الْمَالِ، وَفِيهَا أَيْضًا وَلَوْ وُجِدَ قَتِيلٌ فِي أَرْضِ رَجُلٍ إلَى جَانِبِ قَرْيَةٍ لَيْسَ صَاحِبُ الْأَرْضِ مِنْ أَهْلِ الْقَرْيَةِ فَهُوَ عَلَى صَاحِبِ الْأَرْضِ لَا الْعِبْرَةُ لِلْمِلْكِ وَالْوِلَايَةِ.

(وَإِنْ وُجِدَ) قَتِيلٌ (فِي دَارِ نَفْسِهِ فَعَلَى عَاقِلَتِهِ) أَيْ تَجِبُ الدِّيَةُ عَلَى عَاقِلَةِ الْقَتِيلِ لِوَرَثَتِهِ عِنْدَ الْإِمَامِ (وَعِنْدَهُمَا لَا شَيْءَ فِيهِ) ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا وُجِدَ قَتِيلًا فِي دَارِ نَفْسِهِ جُعِلَ كَأَنَّهُ

<<  <  ج: ص:  >  >>