الَّذِينَ كُتِبَتْ أَسْمَاؤُهُمْ فِي الدِّيوَانِ.
وَفِي الْقَامُوسِ وَالدِّيوَانُ يُكْسَرُ وَيُفْتَحُ مُجْتَمَعُ الصُّحُفِ وَالْكِتَابُ يُكْتَبُ فِيهِ أَهْلُ الْجَيْشِ وَأَهْلُ الْعَطِيَّةِ وَأَوَّلُ مَنْ وَضَعَهُ عُمَرُ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - جَمْعُهُ دَوَاوِينَ وَدَيَاوِينَ انْتَهَى. وَالْأَصْلُ فِي إيجَابِ الدِّيَةِ عَلَى الْعَاقِلَةِ بِالْخَطَأِ وَشِبْهِ الْعَمْدِ «قَوْلُهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - لِأَوْلِيَاءِ الضَّارِبَةِ قُومُوا فَدُوهُ» (إنْ كَانَ الْقَاتِلُ مِنْهُمْ) وَالْعَاقِلَةُ عِنْدَ الشَّافِعِيِّ الْعَشِيرَةُ؛ لِأَنَّهُ كَانَ عَلَيْهِمْ فِي عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَلَا نَسْخَ بَعْدَهُ؛ لِأَنَّهُ لَا يَكُونُ إلَّا بِوَحْيٍ عَلَى لِسَانِ نَبِيٍّ وَلَا نَبِيَّ بَعْدَهُ وَلِأَنَّهُ صِلَةٌ وَالْأَقَارِبُ أَحَقُّ بِالصِّلَاتِ كَالْإِرْثِ وَالنَّفَقَاتِ، وَلَنَا أَنَّ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - فَرَضَ الْعَقْلَ عَلَى أَهْلِ الدِّيوَانِ بِمَحْضَرٍ مِنْ الصَّحَابَةِ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ - وَلَمْ يُنْكِرْ عَلَيْهِ مُنْكِرٌ مِنْهُمْ فَكَانَ ذَلِكَ إجْمَاعًا مِنْهُمْ، فَإِنْ قِيلَ كَيْفَ يُظَنُّ بِهِمْ الْإِجْمَاعُ عَلَى خِلَافِ مَا قَضَى رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -؟ قُلْنَا هَذَا إجْمَاعٌ عَلَى وِفَاقِ مَا قَضَى بِهِ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَإِنَّهُمْ عَلِمُوا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إنَّمَا قَضَى عَلَى الْعَشِيرَةِ بِاعْتِبَارِ النُّصْرَةِ وَقَدْ كَانَ قُوَّةُ الْمَرْءِ وَنُصْرَتُهُ يَوْمئِذٍ بِعَشِيرَتِهِ ثُمَّ لَمَّا دَوَّنَ عُمَرُ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - الدَّوَاوِينَ صَارَتْ الْقُوَّةُ وَالنُّصْرَةُ بِالدِّيوَانِ فَلِهَذَا قَضَى بِالدِّيَةِ عَلَى أَهْلِ الدِّيوَانِ (تُؤْخَذُ مِنْ عَطَايَاهُمْ فِي ثَلَاثِ سِنِينَ) مِنْ وَقْتِ الْقَضَاءِ بِالدِّيَةِ وَالتَّقْدِيرُ بِثَلَاثِ سِنِينَ مَرْوِيٌّ عَنْهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - وَمَحْكِيٌّ عَنْ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - وَلِأَنَّ الْأَخْذَ مِنْ الْعَطَاءِ لِلتَّخْفِيفِ وَالْعَطَاءُ يَخْرُجُ فِي كُلِّ سَنَةٍ مَرَّةً.
(فَإِنْ خَرَجَتْ ثَلَاثُ عَطَايَا فِي) مُدَّةٍ (أَقَلَّ) مِنْ ثَلَاثِ سِنِينَ (أَوْ) فِي مُدَّةٍ (أَكْثَرَ) مِثْلُ أَنْ تَخْرُجَ عَطَايَاهُمْ فِي سِتَّةِ سِنِينَ مَثَلًا (أُخِذَ مِنْهَا) أَيْ مِنْ الْعَطَايَا، وَحَاصِلُهُ أَنَّهُ إذَا خَرَجَتْ لِلْعَاقِلَةِ ثَلَاثُ عَطَايَا فِي سَنَةٍ وَاحِدَةٍ يُؤْخَذُ مِنْهَا كُلُّ الدِّيَةِ لِوُجُودِ مَحَلِّ أَدَاءِ الدِّيَةِ فَلَا فَائِدَةَ فِي التَّأْخِيرِ، وَإِذَا خَرَجَتْ فِي سِتِّ سِنِينَ يُؤْخَذُ مِنْهُمْ فِي كُلِّ سَنَةٍ سُدُسُ الدِّيَةِ إذْ الْمَقْصُودُ أَنْ يَكُونَ الْمَأْخُوذُ مِنْ الْأَعْطِيَةِ لَا مِنْ أُصُولِ أَمْوَالِهِمْ وَذَلِكَ يَحْصُلُ بِالْأَخْذِ مِنْ عَطَايَاهُمْ فِي ثَلَاثِ سِنِينَ أَوْ أَقَلَّ مِنْهَا أَوْ أَكْثَرَ وَهَذَا إذَا كَانَتْ الْعَطَايَا فِي السِّنِينَ الْمُسْتَقْبَلَةِ بَعْدَ الْقَضَاءِ بِالدِّيَةِ حَتَّى لَوْ اجْتَمَعَتْ فِي السِّنِينَ الْمَاضِيَةِ قَبْلَ الْقَضَاءِ بِالدِّيَةِ ثُمَّ خَرَجَتْ بَعْدَ الْقَضَاءِ لَا يُؤْخَذُ مِنْهَا؛ لِأَنَّ الْوُجُوبَ بِالْقَضَاءِ.
(وَمَنْ لَمْ يَكُنْ مِنْهُمْ) أَيْ مِنْ أَهْلِ الدِّيوَانِ (فَعَاقِلَتُهُ قَبِيلَتُهُ) ؛ لِأَنَّ نُصْرَتَهُ بِهِمْ وَهِيَ الْمُعْتَبَرَةُ فِي هَذَا الْبَابِ (يُؤْخَذُ مِنْهُمْ فِي ثَلَاثِ سِنِينَ) أَيْضًا (مِنْ كُلِّ وَاحِدٍ) مِنْهُمْ (ثَلَاثَةُ دَرَاهِمَ أَوْ أَرْبَعَةُ) دَرَاهِمَ (كُلَّ سَنَةٍ دِرْهَمٌ) قَوْلُهُ كُلَّ بِالنَّصْبِ عَلَى الظَّرْفِيَّةِ خَبَرٌ مُقَدَّمٌ وَدِرْهَمٌ مُبْتَدَأٌ مُؤَخَّرٌ (أَوْ) كُلَّ سَنَةٍ (دِرْهَمٌ وَثُلُثُ) دِرْهَمٍ (لَا أَزْيَدَ) وَ (هُوَ الْأَصَحُّ) لِمُرَاعَاةِ مَعْنَى التَّخْفِيفِ فِيهِ (وَقِيلَ) يُؤْخَذُ مِنْ كُلِّ وَاحِدٍ (فِي كُلِّ سَنَةٍ ثَلَاثَةُ دَرَاهِمَ أَوْ أَرْبَعَةُ) دَرَاهِمَ فَيَكُونُ الْمَأْخُوذُ مِنْ كُلِّ وَاحِدٍ فِي ثَلَاثِ سِنِينَ تِسْعَةُ دَرَاهِمَ أَوْ اثْنَيْ عَشَرَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute