للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

دِرْهَمًا وَإِنَّمَا كَانَ الْقَوْلُ الْأَوَّلُ أَصَحَّ لِخُرُوجِ هَذَا الْقَوْلِ مِنْ حَدِّ التَّخْفِيفِ وَبُلُوغِهِ حَدَّ الْجِزْيَةِ فِي الثَّانِي وَقُرْبِهِ مِنْهُ فِي الْأَوَّلِ وَعِنْدَ الشَّافِعِيِّ يَجِبُ عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ نِصْفُ دِينَارٍ (فَإِنْ لَمْ تَتَّسِعْ الْقَبِيلَةُ لِذَلِكَ ضُمَّ إلَيْهِمْ أَقْرَبُ الْقَبَائِلِ) إلَيْهِمْ (نَسَبًا) الْأَقْرَبُ فَالْأَقْرَبُ (عَلَى تَرْتِيبِ الْعَصَبَاتِ) وَهُمْ الْإِخْوَةُ ثُمَّ بَنُوهُمْ ثُمَّ الْأَعْمَامُ ثُمَّ بَنُوهُمْ، وَأَمَّا الْآبَاءُ وَالْأَبْنَاءُ فَقِيلَ يَدْخُلُونَ؛ لِأَنَّهُمْ أَقْرَبُ وَقِيلَ لَا يَدْخُلُونَ؛ لِأَنَّ الضَّمَّ لِنَفْيِ الْحَرَجِ حَتَّى لَا يُصِيبَ كُلَّ وَاحِدٍ أَكْثَرُ مِنْ ثَلَاثَةٍ أَوْ أَرْبَعَةٍ، وَهَذَا الْمَعْنَى إنَّمَا يَكُونُ عِنْدَ الْكَثْرَةِ وَالْآبَاءُ وَالْأَبْنَاءُ لَا يَكْثُرُونَ، ثُمَّ إنَّهُمْ قَالُوا إنَّ هَذَا الْجَوَابَ إنَّمَا يَسْتَقِيمُ فِي حَقِّ الْعَرَبِ الْمَحْفُوظَةِ أَنْسَابُهُمْ فَأَمْكَنَ إيجَابُ الْعَقْلِ عَلَى أَقْرَبِ الْقَبَائِلِ مِنْ حَيْثُ النَّسَبُ، وَأَمَّا الْعَجَمُ فَلَا يَسْتَقِيمُ هَذَا الْجَوَابُ فِيهِمْ لِتَضْيِيعِهِمْ أَنْسَابَهُمْ فَلَا يُمْكِنُ إيجَابُ الدِّيَةِ عَلَى أَقْرَبِ الْقَبَائِلِ إلَيْهِمْ نَسَبًا، وَإِذَا لَمْ يُمْكِنْ فَقَدْ اخْتَلَفُوا فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ فَقَالَ بَعْضُهُمْ يُعْتَبَرُ الْمَحَالُّ وَالْقُرَى الْأَقْرَبُ فَالْأَقْرَبُ وَقَالَ بَعْضُهُمْ يَجِبُ الْبَاقِي فِي مَالِ الْجَانِي.

وَفِي الْبَزَّازِيَّةِ إذْ لَمْ يَكُنْ لِلْقَاتِلِ عَاقِلَةٌ فَالدِّيَةُ فِي بَيْتِ الْمَالِ وَهُوَ ظَاهِرُ الرِّوَايَةِ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى (وَالْقَاتِلُ كَأَحَدِهِمْ) ؛ لِأَنَّهُ الْمُبَاشِرُ لِلْقَتْلِ فَلَا مَعْنَى لِإِخْرَاجِهِ مِنْ الْعَقْلِ وَمُؤَاخَذَةِ غَيْرِهِ.

وَقَالَ الشَّافِعِيُّ لَا يَجِبُ عَلَى الْقَاتِلِ شَيْءٌ؛ لِأَنَّهُ إذَا لَمْ يَجِبْ عَلَيْهِ الْكُلُّ فَلَا يَجِبُ عَلَيْهِ الْبَعْضُ إذْ الْجُزْءُ لَا يُخَالِفُ الْكُلَّ. قُلْنَا إيجَابُ الْكُلِّ إجْحَافٌ بِهِ وَلَا كَذَلِكَ إيجَابُ الْبَعْضِ وَعَدَمُ وُجُوبِ الْكُلِّ لَا يَنْفِي وُجُوبَ الْبَعْضِ.

(وَإِنْ كَانَ) أَيْ الْقَاتِلُ (مِمَّنْ) أَيْ قَوْمٍ (يَتَنَاصَرُونَ بِالْحِرَفِ) جَمْعُ حِرْفَةٍ (أَوْ بِالْحِلْفِ) بِكَسْرِ الْحَاءِ وَهُوَ التَّحَالُفُ عَلَى التَّنَاصُرِ (فَعَاقِلَتُهُ أَهْلُ حِرْفَتِهِ أَوْ) أَهْلُ (حِلْفِهِ) لِمَا بَيْنَهُمْ مِنْ التَّنَاصُرِ.

(وَعَاقِلَةُ الْمُعْتَقِ) بِفَتْحِ التَّاءِ (وَ) عَاقِلَةُ (مَوْلَى الْمُوَالَاةِ مَوْلَاهُ وَعَاقِلَتُهُ) يَعْنِي أَنَّ كُلًّا مِنْ الْمُعْتَقِ وَمَوْلَى الْمُوَالَاةِ عَاقِلَتُهُ مَوْلَاهُ وَعَاقِلَةُ مَوْلَاهُ؛ لِأَنَّ النُّصْرَةَ بِهِمْ وَلِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «مَوْلَى الْقَوْمِ مِنْهُمْ» .

وَفِي مَوْلَى الْمُوَالَاةِ خِلَافُ الشَّافِعِيِّ.

(وَعَاقِلَةُ وَلَدِ الْمُلَاعَنَةِ عَاقِلَةُ أُمِّهِ) ؛ لِأَنَّ نِسْبَتَهُ إلَيْهِمْ فَيَنْتَصِرُونَهُ (فَإِنْ ادَّعَاهُ الْأَبُ بَعْدَمَا عَقَلُوا) أَيْ عَاقِلَةَ الْأُمِّ (عَنْهُ) أَيْ عَنْ وَلَدِ الْمُلَاعَنَةِ (رَجَعُوا عَلَى عَاقِلَتِهِ) أَيْ عَاقِلَةِ الْأَبِ (بِمَا غَرِمُوا) فِي ثَلَاثِ سِنِينَ مِنْ يَوْمِ يَقْضِي الْقَاضِي لِعَاقِلَةِ الْأُمِّ عَلَى عَاقِلَةِ الْأَبِ؛ لِأَنَّهُ تَبَيَّنَ أَنَّ الدِّيَةَ لَمْ تَكُنْ وَاجِبَةً عَلَيْهِمْ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا أَكْذَبَ الْأَبُ نَفْسَهُ ظَهَرَ أَنَّ النَّسَبَ كَانَ مِنْ الْأَبِ؛ لِأَنَّ النَّسَبَ يَثْبُتُ مِنْهُ مِنْ وَقْتِ الْعُلُوقِ لَا مِنْ وَقْتِ الدَّعْوَةِ، فَتَبَيَّنَ بِهِ أَنَّ عَقْلَ جِنَايَتِهِ كَانَ عَلَى عَاقِلَةِ أَبِيهِ وَأَنَّ قَوْمَ الْأُمِّ تَحَمَّلُوا عَنْ قَوْمِ الْأَبِ مُضْطَرِّينَ فِي ذَلِكَ بِإِلْزَامِ الْقَاضِي وَإِنَّمَا يَرْجِعُونَ فِي ثَلَاثِ سِنِينَ؛ لِأَنَّهُمْ أَدَّوْا هَكَذَا.

(وَإِنَّمَا تَعْقِلُ الْعَاقِلَةُ مَا وَجَبَ بِنَفْسِ الْقَتْلِ) وَهُوَ مَا يَجِبُ بِالْخَطَأِ أَوْ شِبْهِ الْعَمْدِ أَوْ التَّسَبُّبِ (فَلَا تَعْقِلُ جِنَايَةَ عَمْدٍ وَلَا جِنَايَةَ عَبْدٍ وَلَا مَا لَزِمَ بِصُلْحٍ

<<  <  ج: ص:  >  >>