للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مِنْ الْإِبْطَالِ بِخِلَافِ وَرَثَةِ الْحَرْبِيِّ؛ لِأَنَّ حَقَّهُمْ غَيْرُ مَعْصُومٍ فَلِذَلِكَ لَمْ يَمْنَعْ حَقُّهُمْ صِحَّةَ الْوَصِيَّةِ بِالْجَمِيعِ كَمَا فِي شُرُوحِ الْجَامِعِ الصَّغِيرِ.

(وَتَصِحُّ) الْوَصِيَّةُ (لِلْحَمْلِ وَبِهِ) أَيْ بِالْحَمْلِ (إنْ كَانَ بَيْنَهَا) أَيْ بَيْنَ الْوَصِيَّةِ (وَبَيْنَ وِلَادَتِهِ) أَيْ الْحَمْلِ (أَقَلُّ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ) مِنْ وَقْتِ الْوَصِيَّةِ، أَمَّا الْأَوَّلُ فَلِأَنَّ الْوَصِيَّةَ أُخْتُ الْمِيرَاثِ؛ لِأَنَّهَا اسْتِخْلَافٌ مِنْ وَجْهٍ إذْ الْمُوصَى لَهُ يَخْلُفُهُ فِي بَعْضِ مَالِهِ كَالْإِرْثِ وَلِهَذَا لَا يَحْتَاجَانِ إلَى الْقَبْضِ، وَالْجَنِينُ يَصْلُحُ خَلِيفَةً فِي الْإِرْثِ فَكَذَا فِي الْوَصِيَّةِ إلَّا أَنَّهَا تَرْتَدُّ بِالرَّدِّ؛ لِأَنَّ فِيهَا مَعْنَى التَّمْلِيكِ بِخِلَافِ الْإِرْثِ فَإِنَّهُ اسْتِخْلَافٌ مُطْلَقٌ وَبِخِلَافِ الْهِبَةِ؛ لِأَنَّهَا تَمْلِيكٌ مَحْضٌ وَلَا وِلَايَةَ لِأَحَدٍ عَلَيْهِ حَتَّى يُمَلِّكَهُ شَيْئًا، فَإِنْ قِيلَ إنَّ الْوَصِيَّةَ شَرْطُهَا الْقَبُولُ وَالْجَنِينُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِهِ فَكَيْفَ تَصِحُّ؟ قُلْنَا الْوَصِيَّةُ تُشْبِهُ الْهِبَةَ وَتُشْبِهُ الْمِيرَاثَ فَلِشَبَهِهَا بِالْهِبَةِ يُشْتَرَطُ الْقَبُولُ إذَا أَمْكَنَ وَلِشَبَهِهَا بِالْمِيرَاثِ يَسْقُطُ الْقَبُولُ إذَا لَمْ يُمْكِنْ عَمَلًا بِالشَّبَهَيْنِ، وَأَمَّا الثَّانِي فَإِنَّهُ تَجْرِي فِيهِ الْوِرَاثَةُ فَتَجْرِي فِيهِ الْوِصَايَةُ لِمَا مَرَّ أَنَّ الْوِصَايَةَ أُخْتُ الْمِيرَاثِ وَقَدْ تَيَقَّنَّا بِوُجُودِهِ يَوْمَ الْمَوْتِ إذَا أَتَتْ بِالْوَلَدِ لِأَقَلَّ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ مِنْ يَوْمِ الْمَوْتِ (وَلَا تَصِحُّ الْهِبَةُ لَهُ) أَيْ لِلْحَمْلِ لِمَا أَنَّ الْهِبَةَ مِنْ شَرْطِهَا الْقَبُولُ وَلَا يُتَصَوَّرُ ذَلِكَ مِنْ الْجَنِينِ وَلَا يَلِي عَلَيْهِ أَحَدٌ حَتَّى يَقْبِضَ عَنْهُ.

(وَإِنْ أَوْصَى بِأُمِّهِ) أَيْ أُمِّ الْحَمْلِ (دُونَهُ) أَيْ الْحَمْلِ (صَحَّتْ الْوَصِيَّةُ وَالِاسْتِثْنَاءُ) ؛ لِأَنَّ اسْمَ الْأَمَةِ وَإِنْ لَمْ يَتَنَاوَلْ الْحَمْلَ لَفْظًا لَكِنَّهُ يُسْتَحَقُّ بِإِطْلَاقِ اللَّفْظِ تَبَعًا لَهَا فَإِذَا أَفْرَدَهَا بِالْوَصِيَّةِ صَحَّ إفْرَادُهَا، فَإِنْ قِيلَ إذَا لَمْ يَتَنَاوَلْهُ اللَّفْظُ فَكَانَ يَنْبَغِي أَنْ لَا يَصِحَّ الِاسْتِثْنَاءُ؛ لِأَنَّهُ إخْرَاجٌ مِمَّا تَنَاوَلَهُ الْمُسْتَثْنَى مِنْهُ قُلْنَا كَفَى بِصِحَّتِهِ التَّزَيِّي بِزِيِّهِ كَمَا فِي اسْتِثْنَاءِ إبْلِيسَ مِنْ الْمَلَائِكَةِ عَلَى الْقَوْلِ الصَّحِيحِ بِأَنَّهُ مِنْ الْجِنِّ. عَلَى أَنَّ صِحَّةَ الِاسْتِثْنَاءِ لَا يَفْتَقِرُ إلَى التَّنَاوُلِ اللَّفْظِيِّ بِدَلِيلِ صِحَّةِ اسْتِثْنَاءِ قَفِيزِ حِنْطَةٍ مِنْ أَلْفِ دِرْهَمٍ وَلِأَنَّ الْأَصْلَ أَنَّ مَا يَصِحُّ إفْرَادُهُ بِالْعَقْدِ يَصِحُّ اسْتِثْنَاؤُهُ وَمَا لَا يَصِحُّ إفْرَادُهُ بِالْعَقْدِ لَا يَصِحُّ اسْتِثْنَاؤُهُ وَيَصِحُّ إفْرَادُ الْحَمْلِ بِالْوَصِيَّةِ فَيَصِحُّ اسْتِثْنَاؤُهُ، غَايَةُ الْأَمْرِ أَنَّهُ يَكُونُ اسْتِثْنَاءً مُنْقَطِعًا بِمَعْنَى لَكِنْ حَيْثُ لَمْ يَدْخُلْ تَحْتَ اللَّفْظِ.

(وَلَا بُدَّ فِي الْوَصِيَّةِ مِنْ الْقَبُولِ) ؛ لِأَنَّ الْإِيصَاءَ تَمْلِيكٌ فَلَا بُدَّ مِنْ الْقَبُولِ (وَيُعْتَبَرُ) الْقَبُولُ (بَعْدَ مَوْتِ الْمُوصِي) ؛ لِأَنَّ أَوَانَ ثُبُوتِ حُكْمِهَا بَعْدَ مَوْتِ الْمُوصِي (وَلَا اعْتِبَارَ بِالرَّدِّ وَالْقَبُولِ فِي حَيَاتِهِ) أَيْ حَيَاةِ الْمُوصِي كَمَا إذَا قَالَ لِامْرَأَتِهِ أَنْتِ طَالِقٌ غَدًا عَلَى دِرْهَمٍ، فَإِنَّ رَدَّهَا وَقَبُولَهَا بَاطِلٌ قَبْلَ الْغَدِ (وَبِهِ) أَيْ بِالْقَبُولِ (تَمْلِكُ) الْوَصِيَّةَ وَلَا تَمْلِكُ قَبْلَهُ؛ لِأَنَّ الْوَصِيَّةَ إثْبَاتُ مِلْكٍ جَدِيدٍ وَلَا يَمْلِكُ أَحَدٌ إثْبَاتَ الْمِلْكِ لِغَيْرِهِ بِلَا اخْتِيَارٍ.

(إلَّا أَنْ يَمُوتَ الْمُوصَى لَهُ بَعْدَ مَوْتِ الْمُوصِي قَبْلَ الْقَبُولِ فَإِنَّهُ) أَيْ الْمُوصَى لَهُ (يَمْلِكُهَا) أَيْ الْوَصِيَّةَ (وَتَصِيرُ لِوَرَثَتِهِ) أَيْ وَرَثَةِ الْمُوصَى لَهُ

<<  <  ج: ص:  >  >>