للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(غَنَمًا ثُمَّ مَاتَ صَحَّتْ) وَصِيَّتُهُ (فِي) الْقَوْلِ (الصَّحِيحِ) ؛ لِأَنَّهَا لَوْ كَانَتْ بِلَفْظِ الْمَالِ تَصِحُّ فَكَذَا إذَا كَانَتْ بِاسْمِ نَوْعِهِ وَهَذَا؛ لِأَنَّ وُجُودَهُ قَبْلَ مَوْتِهِ فَضْلٌ إذْ الْمُعْتَبَرُ وُجُودُهُ عِنْدَ الْمَوْتِ وَإِنَّمَا قَالَ فِي الصَّحِيحِ احْتِرَازًا عَنْ قَوْلِ بَعْضِ الْمَشَايِخِ أَنَّ الْوَصِيَّةَ بَاطِلَةٌ؛ لِأَنَّهُ أَضَافَ إلَى مَالٍ خَاصٍّ فَصَارَ بِمَنْزِلَةِ التَّعْيِينِ.

(وَإِنْ أَوْصَى بِشَاةٍ مِنْ مَالِهِ وَلَا شَاةَ لَهُ فَلَهُ) أَيْ لِلْمُوصَى لَهُ (قِيمَتُهَا) أَيْ الشَّاةِ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا قَالَ مِنْ مَالِي عَلَى أَنَّ غَرَضَهُ الْوَصِيَّةُ بِمَالِيَّةِ الشَّاةِ إذْ مَالِيَّتُهَا تُوجَدُ فِي مُطْلَقِ الْمَالِ.

(وَتَبْطُلُ) الْوَصِيَّةُ (لَوْ) أَوْصَى (بِشَاةٍ مِنْ غَنَمِهِ وَلَا غَنَمَ لَهُ) ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا قَالَ مِنْ غَنَمِي دَلَّ عَلَى أَنَّ غَرَضَهُ عَيْنُ الشَّاةِ حَيْثُ جَعَلَهَا جُزْءًا مِنْ الْغَنَمِ بِخِلَافِ مَا إذَا أَضَافَهَا إلَى الْمَالِ، وَلَوْ أَوْصَى بِشَاةٍ وَلَمْ يُضِفْهَا إلَى مَالِهِ وَلَا غَنَمَ لَهُ لَا تَصِحُّ؛ لِأَنَّ الْمُصَحَّحَ إضَافَتُهَا إلَى الْمَالِ وَبِدُونِ الْإِضَافَةِ إلَى الْمَالِ يُعْتَبَرُ صُورَةُ الشَّاةِ وَمَعْنَاهَا وَقِيلَ تَصِحُّ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا ذَكَرَ الشَّاةَ وَلَيْسَ فِي مِلْكِهِ شَاةٌ عُلِمَ أَنَّ مُرَادَهُ الْمَالِيَّةُ.

(وَإِنْ أَوْصَى بِثُلُثِ مَالِهِ لِأُمَّهَاتِ أَوْلَادِهِ وَهُنَّ) أَيْ أُمَّهَاتُ أَوْلَادِهِ (ثَلَاثٌ وَلِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ فَلَهُنَّ) أَيْ لِأُمَّهَاتِ أَوْلَادِهِ (ثَلَاثَةُ أَخْمَاسِهِ وَلِكُلِّ فَرِيقٍ) مِنْ الْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ (خُمُسٌ) عِنْدَ الشَّيْخَيْنِ (وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ) لِأُمَّهَاتِ أَوْلَادِهِ (ثَلَاثَةُ أَسْبَاعِهِ وَلِكُلِّ فَرِيقٍ سُبْعَانِ) فَيُقْسَمُ عَلَى سَبْعَةِ أَسْهُمٍ لِلْفُقَرَاءِ سَهْمَانِ وَلِلْمَسَاكِينِ سَهْمَانِ وَلِأُمَّهَاتِ أَوْلَادِهِ ثَلَاثَةُ أَسْهُمٍ، وَأَصْلُهُ أَنَّ الْوَصِيَّةَ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ تَتَنَاوَلُ الْوَاحِدَ مِنْهُمْ عِنْدَ الشَّيْخَيْنِ؛ لِأَنَّ اسْمَ الْجِنْسِ يَتَنَاوَلُ الْوَاحِدَ وَيُحْتَمَلُ الْكُلُّ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {لا يَحِلُّ لَكَ النِّسَاءُ مِنْ بَعْدُ} [الأحزاب: ٥٢] وَقَدْ تَعَذَّرَ صَرْفُهُ إلَى الْكُلِّ فَيَتَعَيَّنُ الْوَاحِدُ وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ أَنَّهَا تَتَنَاوَلُ الْجَمْعَ وَأَدْنَاهُ اثْنَانِ فَصَاعِدًا فِي الْوَصَايَا وَالْوَصِيَّةُ لِأُمَّهَاتِ الْأَوْلَادِ جَائِزَةٌ؛ لِأَنَّهَا إيجَابٌ مُضَافٌ إلَى مَا بَعْدَ الْمَوْتِ وَهُنَّ بَعْدَ الْمَوْتِ حَرَائِرُ وَأَنَّهُمَا جِنْسَانِ بِدَلِيلِ عَطْفِ أَحَدِهِمَا عَلَى الْآخَرِ فِي النَّصِّ وَمُقْتَضَاهُ الْمُغَايَرَةُ فَيَصِيرُ عَدَدُ الْمُسْتَحِقِّينَ خَمْسَةً عِنْدَهُمَا، وَعِنْدَهُ سَبْعَةٌ كَمَا فِي الْكَافِي.

(وَإِنْ أَوْصَى بِثُلُثِ مَالِهِ لِزَيْدٍ وَلِلْفُقَرَاءِ فَلَهُ) أَيْ لِزَيْدٍ (نِصْفُهُ) أَيْ نِصْفُ الثُّلُثِ (وَلَهُمْ) أَيْ لِلْفُقَرَاءِ (نِصْفُهُ وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ لَهُ) أَيْ لِزَيْدٍ (ثُلُثُهُ) أَيْ ثُلُثُ الثُّلُثِ (وَلَهُمْ) أَيْ لِلْفُقَرَاءِ (ثُلُثَاهُ) أَيْ ثُلُثَا الثُّلُثِ.

(وَإِنْ أَوْصَى بِمِائَةٍ لِزَيْدٍ وَمِائَةٍ لِعَمْرٍو ثُمَّ قَالَ لِبَكْرٍ أَشْرَكْتُك مَعَهُمَا فَلَهُ) أَيْ لِبَكْرٍ (ثُلُثُ مَا) اسْتَقَرَّ (لِكُلِّ) وَاحِدٍ مِنْ زَيْدٍ وَعَمْرٍو مِنْ الْمِائَةِ؛ لِأَنَّ الشَّرِكَةَ لِلْمُسَاوَاةِ لُغَةً وَلِهَذَا حُمِلَ قَوْله تَعَالَى {فَهُمْ شُرَكَاءُ فِي الثُّلُثِ} [النساء: ١٢] عَلَى الْمُسَاوَاةِ وَقَدْ أَمْكَنَ إثْبَاتُ الْمُسَاوَاةِ بَيْنَ الْكُلِّ فِي الْأُولَى لِاسْتِوَاءِ الْمَالَيْنِ فَيَأْخُذُ مِنْ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا ثُلُثَ الْمِائَةِ فَتَمَّ لَهُ ثُلُثَا الْمِائَةِ وَيَأْخُذُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا ثُلُثَيْ الْمِائَةِ.

(وَلَوْ) أَوْصَى (بِمِائَةٍ لِزَيْدٍ وَخَمْسِينَ لِعَمْرٍو) ثُمَّ قَالَ لِبَكْرٍ أَشْرَكْتُك مَعَهُمَا (فَلِبَكْرٍ نِصْفُ مَا لِكُلٍّ مِنْهُمَا) ؛ لِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُ الْمُسَاوَاةُ بَيْنَ الْكُلِّ هُنَا لِتَفَاوُتِ الْمَالَيْنِ فَحَمَلْنَاهُ عَلَى مُسَاوَاةِ الثَّالِثِ مَعَ كُلٍّ مِنْهُمَا بِمَا سَمَّاهُ لَهُ فَيَأْخُذُ النِّصْفَ مِنْ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْ الْمَالَيْنِ.

وَفِي الْمِنَحِ، وَلَوْ أَوْصَى لِرَجُلٍ بِجَارِيَةٍ

<<  <  ج: ص:  >  >>