للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَلِآخَرَ بِجَارِيَةٍ أُخْرَى ثُمَّ قَالَ لِآخَرَ أَشْرَكْتُك مَعَهُمَا، فَإِنْ كَانَتْ قِيمَةُ الْجَارِيَتَيْنِ مُتَفَاوِتَةً كَانَتْ لَهُ نِصْفُ كُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا بِالْإِجْمَاعِ، وَإِنْ كَانَتْ قِيمَتُهَا عَلَى السَّوَاءِ فَلَهُ ثُلُثُ كُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا عِنْدَهُمَا وَعِنْدَ الْإِمَامِ نِصْفُ كُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا بِنَاءً عَلَى مَا تَقَدَّمَ مِنْ أَنَّهُ لَا يَرَى قِسْمَةَ الرَّقِيقِ فَيَكُونُ الْجِنْسَانِ مُخْتَلِفَيْنِ وَهُمَا يَرَيَانِهَا فَصَارَ كَالدَّرَاهِمِ الْمُتَسَاوِيَةِ انْتَهَى.

(وَإِنْ قَالَ لِفُلَانٍ عَلَيَّ دَيْنٌ فَصَدِّقُوهُ) عَلَى صِيغَةِ الْأَمْرِ (فَإِنَّهُ يُصَدَّقُ إلَى الثُّلُثِ) أَيْ إذَا ادَّعَى الْمُقَرُّ لَهُ الدَّيْنَ أَكْثَرَ مِنْ الثُّلُثِ وَكَذَّبَهُ الْوَرَثَةُ وَهَذَا اسْتِحْسَانٌ، وَالْقِيَاسُ أَنْ لَا يُصَدَّقَ؛ لِأَنَّهُ أَمَرَهُمْ بِخِلَافِ حُكْمِ الشَّرْعِ وَهُوَ تَصْدِيقُ الْمُدَّعِي بِلَا حُجَّةٍ وَلِأَنَّ قَوْلَهُ لِفُلَانٍ عَلَيَّ دَيْنٌ إقْرَارٌ بِالْمَجْهُولِ وَالْإِقْرَارُ بِالْمَجْهُولِ وَإِنْ كَانَ صَحِيحًا لَكِنَّهُ لَا يُحْكَمُ بِهِ إلَّا بِالْبَيَانِ وَقَدْ فَاتَ.

وَجْهُ الِاسْتِحْسَانِ أَنَّهُ سَلَّطَهُ عَلَى مَالِهِ بِمَا أَوْصَى وَهُوَ يَمْلِكُ هَذَا التَّسْلِيطَ بِمِقْدَارِ الثُّلُثِ بِأَنْ يُوصِيَهُ لَهُ ابْتِدَاءً فَيَصِحُّ تَسْلِيطُهُ أَيْضًا بِالْإِقْرَارِ لَهُ بِمَجْهُولٍ وَالْمَرْءُ قَدْ يَحْتَاجُ إلَى ذَلِكَ بِأَنْ يَعْرِفَ أَصْلَ الْحَقِّ عَلَيْهِ وَلَا يَعْرِفَ قَدْرَهُ فَيَسْعَى فِي فِكَاكِ رَقَبَتِهِ بِهَذَا الطَّرِيقِ فَتَحْصُلُ وَصِيَّتُهُ فِي حَقِّ التَّنْفِيذِ وَإِنْ كَانَ دَيْنًا فِي حَقِّ الْمُسْتَحِقِّ وَجُعِلَ التَّقْدِيرُ فِيهَا إلَى الْمُوصَى لَهُ فَلِهَذَا يُصَدَّقُ فِي الثُّلُثِ دُونَ الزِّيَادَةِ (فَإِنْ أَوْصَى مَعَ ذَلِكَ) الْإِقْرَارِ بِالْمَجْهُولِ (بِوَصَايَا عُزِلَ ثُلُثٌ لَهَا) أَيْ لِأَرْبَابِ الْوَصَايَا (وَثُلُثَانِ لِلْوَرَثَةِ) ؛ لِأَنَّ مِيرَاثَهُمْ مَعْلُومٌ، وَكَذَا الْوَصَايَا مَعْلُومَةٌ وَالدَّيْنُ مَجْهُولٌ فَلَا يُزَاحَمُ الْمَعْلُومُ (وَيُقَالُ لِكُلٍّ) مِنْ الْمُوصَى لَهُمْ وَالْوَرَثَةِ (صَدِّقُوهُ) أَيْ فُلَانًا الْمُقَرَّ لَهُ (فِيمَا شِئْتُمْ) ؛ لِأَنَّ هَذَا دَيْنٌ فِي حَقِّ الْمُسْتَحَقِّ بِالنَّظَرِ إلَى إقْرَارِ الْمَالِكِ، وَصِيَّةٌ فِي حَقِّ التَّنْفِيذِ مِنْ الثُّلُثِ فَإِذَا أَقَرَّ كُلُّ فَرِيقٍ بِشَيْءٍ ظَهَرَ أَنَّ فِي التَّرِكَةِ دَيْنًا شَائِعًا فِي النَّصِيبَيْنِ فَيُؤْمَرُ أَصْحَابُ الْوَصَايَا وَالْوَرَثَةُ بِبَيَانِهِ فَإِذَا بَيَّنُوا شَيْئًا (فَيُؤْخَذُ أَصْحَابُ الْوَصَايَا بِثُلُثِ مَا أَقَرُّوا بِهِ) وَمَا بَقِيَ مِنْ الثُّلُثِ لَهُمْ (وَ) يُؤْخَذُ (الْوَرَثَةُ بِثُلُثَيْ مَا أَقَرُّوا بِهِ) تَنْفِيذًا لِإِقْرَارِ كُلِّ فَرِيقٍ فِي قَدْرِ حَقِّهِ (وَيَحْلِفُ كُلٌّ) مِنْ أَصْحَابِ الْوَصَايَا وَالْوَرَثَةِ (عَلَى الْعِلْمِ بِدَعْوَى) الْمُقَرِّ لَهُ (الزِّيَادَةَ عَلَى مَا أَقَرُّوا) وَمَعْنَى قَوْلِهِ عَلَى الْعِلْمِ أَيْ عَلَى عَدَمِ الْعِلْمِ بِمَا ادَّعَاهُ الْمُقَرُّ لَهُ مِنْ الزِّيَادَةِ عَلَى إقْرَارِهِمْ وَإِنَّمَا كَانَ تَحْلِيفًا؛ لِأَنَّهُ تَحْلِيفٌ عَلَى فِعْلِ الْغَيْرِ قَالَ الزَّيْلَعِيُّ هَذَا مُشْكِلٌ مِنْ حَيْثُ إنَّ الْوَرَثَةَ كَانُوا يُصَدِّقُونَهُ إلَى الثُّلُثِ وَلَا يَلْزَمُهُمْ أَنْ يُصَدِّقُوهُ فِي أَكْثَرَ مِنْ الثُّلُثِ وَهُنَا لَزِمَهُمْ أَنْ يُصَدِّقُوهُ فِي أَكْثَرَ مِنْ الثُّلُثِ؛ لِأَنَّ أَصْحَابَ الْوَصَايَا أَخَذُوا الثُّلُثَ عَلَى تَقْدِيرِ أَنْ تَكُونَ الْوَصَايَا تَسْتَغْرِقُ الثُّلُثَ كُلَّهُ وَلَمْ يَبْقَ فِي أَيْدِيهِمْ مِنْ الثُّلُثِ شَيْءٌ فَوَجَبَ أَنْ لَا يَلْزَمَهُمْ تَصْدِيقُهُ انْتَهَى.

(وَإِنْ أَوْصَى بِعَيْنٍ لِوَارِثِهِ وَلِأَجْنَبِيٍّ فَلِلْأَجْنَبِيِّ نِصْفُهَا) أَيْ نِصْفُ الْعَيْنِ (وَلَا شَيْءَ لِلْوَارِثِ) ؛ لِأَنَّهُ أَوْصَى بِمَا يَمْلِكُ وَبِمَا لَا يَمْلِكُ

<<  <  ج: ص:  >  >>