للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْبَيْتِ، وَإِنْ وَقَعَ فِي نَصِيبِ صَاحِبِهِ كَانَ لَهُ مِثْلُ نِصْفِ الْبَيْتِ؛ لِأَنَّهُ يَجِبُ تَنْفِيذُهَا فِي الْبَدَلِ عِنْدَ تَعَذُّرِ تَنْفِيذِهَا فِي عَيْنِ الْمُوصَى بِهِ، وَلَهُمَا أَنَّهُ أَوْصَى بِمَا يَسْتَقِرُّ مِلْكُهُ فِيهِ بِالتَّسْمِيَةِ؛ لِأَنَّ الظَّاهِرَ أَنَّهُ يَقْصِدُ الْإِيصَاءَ بِمِلْكٍ مُنْتَفَعٍ بِهِ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ عَلَى الْكَمَالِ وَذَلِكَ يَكُونُ بِالْقِسْمَةِ؛ لِأَنَّ الِانْتِفَاعَ بِالْمُشَاعِ قَاصِرٌ وَقَدْ اسْتَقَرَّ مِلْكُهُ فِي جَمِيعِ الْبَيْتِ إذَا وَقَعَ فِي نَصِيبِهِ فَتَنْفُذُ الْوَصِيَّةُ فِي جَمِيعِهِ، وَمَعْنَى الْمُبَادَلَةِ فِي الْقِسْمَةِ تَابِعٌ وَالْمَقْصُودُ تَكْمِيلُ الْمَنْفَعَةِ وَلِهَذَا يُجْبَرُ عَلَى الْقِسْمَةِ فِيهِ وَلَا تَبْطُلُ الْوَصِيَّةُ إذَا وَقَعَ الْبَيْتُ كُلُّهُ فِي نَصِيبِ شَرِيكِهِ، وَلَوْ كَانَتْ مُبَادَلَةً لَبَطَلَتْ (وَالْإِقْرَارُ كَالْوَصِيَّةِ) يَعْنِي إذَا أَقَرَّ بِبَيْتٍ مُعَيَّنٍ مِنْ دَارٍ مُشْتَرَكَةٍ كَانَ مِثْلَ الْوَصِيَّةِ بِهِ حَتَّى يُؤْمَرَ بِتَسْلِيمِهِ كُلِّهِ إنْ وَقَعَ الْبَيْتُ فِي نَصِيبِ الْمُقِرِّ عِنْدَهُمَا، وَإِنْ وَقَعَ فِي نَصِيبِ غَيْرِهِ يُؤْمَرُ بِتَسْلِيمِ قَدْرِ ذَرْعِهِ وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ يُؤْمَرُ بِتَسْلِيمِ نِصْفِهِ إنْ وَقَعَ فِي نَصِيبِ الْمُقِرِّ وَقَدْرِ نِصْفِ ذَرْعِهِ إنْ وَقَعَ فِي نَصِيبِ الْغَيْرِ (وَقِيلَ لَا خِلَافَ فِيهِ) أَيْ فِي الْإِقْرَارِ (لِمُحَمَّدٍ) بَلْ هُوَ مُوَافِقٌ لِلشَّيْخَيْنِ (وَهُوَ) أَيْ عَدَمُ الْخِلَافِ بَيْنَ مُحَمَّدٍ وَالشَّيْخَيْنِ هُوَ (الْمُخْتَارُ) وَالْفَرْقُ لِمُحَمَّدٍ عَلَى هَذِهِ الرِّوَايَةِ أَنَّ الْإِقْرَارَ بِمِلْكِ الْغَيْرِ صَحِيحٌ حَتَّى أَنَّ مَنْ أَقَرَّ بِمِلْكِ الْغَيْرِ لِغَيْرِهِ ثُمَّ مَلَكَهُ يُؤْمَرُ بِالتَّسْلِيمِ إلَى الْمُقَرِّ لَهُ وَالْوَصِيَّةُ بِمِلْكِ الْغَيْرِ لَا تَصِحُّ حَتَّى لَوْ مَلَكَهُ بِوَجْهٍ مِنْ الْوُجُوهِ ثُمَّ مَاتَ لَا تَنْفُذُ فِيهِ الْوَصِيَّةُ.

(وَإِنْ أَوْصَى بِأَلْفِ عَيْنٍ مِنْ مَالِ غَيْرِهِ فَلِرَبِّهَا) أَيْ لِرَبِّ الْأَلْفِ (الْإِجَازَةُ بَعْدَ مَوْتِ الْمُوصِي وَلَهُ الْمَنْعُ بَعْدَ الْإِجَازَةِ) ؛ لِأَنَّهُ تَبَرُّعٌ بِمَالِ الْغَيْرِ فَيَتَوَقَّفُ عَلَى إجَازَةِ صَاحِبِهِ فَإِذَا أَجَازَ كَانَ مِنْهُ ابْتِدَاءَ تَبَرُّعٍ فَلَهُ أَنْ يَمْتَنِعَ مِنْ التَّسْلِيمِ كَسَائِرِ التَّبَرُّعَاتِ (بِخِلَافِ الْوَرَثَةِ لَوْ أَجَازُوا مَا زَادَ عَلَى الثُّلُثِ) فَإِنَّهُ لَيْسَ لَهُمْ أَنْ يَمْتَنِعُوا مِنْ التَّسْلِيمِ بَعْدَهَا؛ لِأَنَّ الْوَصِيَّةَ فِي نَفْسِهَا صَحِيحَةٌ لِمُصَادَفَتِهَا مِلْكَهُ وَإِنَّمَا امْتَنَعَتْ لِحَقِّ الْوَرَثَةِ فَإِذَا أَجَازُوهَا سَقَطَ حَقُّهُمْ فَتَنْفُذُ مِنْ جِهَةِ الْمُوصِي.

(وَإِنْ أَقَرَّ أَحَدُ الِابْنَيْنِ بَعْدَ الْقِسْمَةِ بِوَصِيَّةِ أَبِيهِ بِالثُّلُثِ فَعَلَيْهِ) أَيْ الْمُقِرِّ (دَفْعُ ثُلُثِ نَصِيبِهِ) اسْتِحْسَانًا.

وَقَالَ زُفَرُ يُعْطِيهِ نِصْفَ مَا فِي يَدِهِ قِيَاسًا؛ لِأَنَّ إقْرَارَهُ بِالثُّلُثِ تَضَمَّنَ إقْرَارَهُ بِمُسَاوَاتِهِ إيَّاهُ وَالتَّسْوِيَةُ فِي إعْطَاءِ النِّصْفِ لِيَبْقَى لَهُ النِّصْفُ فَصَارَ كَمَا إذَا أَقَرَّ أَحَدُهُمَا بِأَخٍ ثَالِثٍ لَهُمَا.

وَجْهُ الِاسْتِحْسَانِ أَنَّهُ أَقَرَّ لَهُ بِثُلُثٍ شَائِعٍ فِي كُلِّ التَّرِكَةِ فَكَانَ مُقِرًّا لَهُ بِثُلُثِ كُلِّ جُزْءٍ مِنْ التَّرِكَةِ فَيَلْزَمُهُ ثُلُثُ ذَلِكَ وَلَا يَلْزَمُهُ أَكْثَرُ مِنْ ذَلِكَ وَلِأَنَّهُ لَوْ أَخَذَ نِصْفَ مَا فِي يَدِهِ لَزَادَ حَقُّهُ عَلَى الثُّلُثِ؛ لِأَنَّهُ رُبَّمَا يُقِرُّ الِابْنُ الْآخَرُ بِهِ أَيْضًا فَيَأْخُذُ نِصْفَ مَا فِي يَدِهِ فَيَصِيرُ نِصْفَ التَّرِكَةِ، وَهَذَا بِخِلَافِ مَا لَوْ أَقَرَّ أَحَدُهُمَا بِدَيْنٍ لِغَيْرِهِ فَإِنَّهُ يُعْطِيهِ كُلَّ مَا فِي يَدِهِ إذَا كَانَ الدَّيْنُ مُسْتَغْرِقًا لِمَا فِي يَدِهِ؛ لِأَنَّ الدَّيْنَ مُقَدَّمٌ عَلَى الْمِيرَاثِ فَقَدْ أَقَرَّ أَنَّ رَبَّ الدَّيْنِ أَحَقُّ مِنْهُ بِمَا فِي يَدِهِ، وَأَمَّا الْمُوصَى لَهُ فَهُوَ الشَّرِيكُ الْوَارِثُ فَصَارَ مُقِرًّا بِأَنَّهُ شَرِيكُهُ وَشَرِيكُ أَخِيهِ فِي الثُّلُثِ فَلَمْ يُسَلَّمْ لَهُ شَيْءٌ إلَّا أَنْ يُسَلَّمَ لِلْوَارِثِ

<<  <  ج: ص:  >  >>