للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مِثْلَاهُ، وَفِي الْعِمَادِيَّةِ ادَّعَى رَجُلٌ دَيْنًا عَلَى مَيِّتٍ فَأَقَرَّ أَحَدُ ابْنَيْهِ قَالَ الْفَقِيهُ أَبُو اللَّيْثِ الِاخْتِيَارُ عِنْدِي أَنْ يُؤْخَذَ مِنْهُ مَا يَخُصُّهُ مِنْ الدَّيْنِ وَهُوَ قَوْلُ الشَّعْبِيِّ وَالْبَصْرِيِّ وَابْنِ أَبِي لَيْلَى وَسُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ وَغَيْرِهِمْ مِمَّنْ تَابَعَهُمْ، وَهَذَا الْقَوْلُ أَبْعَدُ مِنْ الضَّرَرِ.

وَقَالَ بَعْضُ الْمَشَايِخِ يُؤْخَذُ مِنْ حِصَّةِ الْمُقِرِّ جَمِيعُ الدَّيْنِ وَبِهِ يُفْتَى الْيَوْمَ لَكِنْ قَالَ مَشَايِخُنَا هُنَا زِيَادَةُ شَيْءٍ لَا يُشْتَرَطُ فِي الْكُتُبِ وَهُوَ أَنْ يَقْضِيَ الْقَاضِي عَلَيْهِ بِإِقْرَارِهِ إذْ بِمُجَرَّدِ إقْرَارِهِ لَا يَحِلُّ الدَّيْنُ فِي نَصِيبِهِ بَلْ يَحِلُّ بِقَضَاءِ الْقَاضِي عَلَيْهِ، وَنَظِيرُ تِلْكَ الْمَسْأَلَةِ ذُكِرَتْ فِي الزِّيَادَاتِ وَهِيَ أَنَّ أَحَدَ الْوَرَثَةِ إذَا أَقَرَّ بِالدَّيْنِ ثُمَّ شَهِدَ هُوَ وَرَجُلٌ أَنَّ الدَّيْنَ كَانَ عَلَى الْمَيِّتِ فَإِنَّهَا تُقْبَلُ وَتُسْمَعُ شَهَادَةُ الْمُقِرِّ فَلَوْ كَانَ الدَّيْنُ يَحِلُّ فِي نَصِيبِهِ بِمُجَرَّدِ إقْرَارِهِ لَزِمَ أَنْ لَا تُقْبَلَ شَهَادَتُهُ لِمَا فِيهِ مِنْ الْمَغْرَمِ، قَالَ صَاحِبُ الزِّيَادَاتِ وَيَنْبَغِي أَنْ تُحْفَظَ هَذِهِ الزِّيَادَةُ فَإِنَّ فِيهَا فَائِدَةً عَظِيمَةً انْتَهَى.

(وَإِنْ أَوْصَى بِأَمَةٍ فَوَلَدَتْ بَعْدَ مَوْتِهِ) أَيْ الْمُوصِي (فَهُمَا) أَيْ الْأَمَةُ وَوَلَدُهَا (لِلْمُوصَى لَهُ إنْ خَرَجَا مِنْ الثُّلُثِ) ؛ لِأَنَّ الْأُمَّ دَخَلَتْ فِي الْوَصِيَّةِ أَصَالَةً وَالْوَلَدُ تَبَعًا حِينَ كَانَ مُتَّصِلًا بِالْأُمِّ فَإِذَا وَلَدَتْ وَلَدًا قَبْلَ الْقِسْمَةِ وَالتَّرِكَةُ قَبْلَ الْقِسْمَةِ مُبْقَاةٌ عَلَى حُكْمِ مِلْكِ الْمَيِّتِ قَبْلَهَا حَتَّى تُقْضَى دُيُونُهُ وَتَنْفُذُ مِنْهَا وَصَايَاهُ دَخَلَ الْوَلَدُ فِي الْوَصِيَّةِ فَيَكُونَانِ لِلْمُوصَى لَهُ (وَإِلَّا) أَيْ، وَإِنْ لَمْ يَخْرُجَا مِنْ الثُّلُثِ (أَخَذَ) الْمُوصَى لَهُ (الثُّلُثَ مِنْهَا) أَيْ مِنْ الْأُمِّ (ثُمَّ) أُخِذَ (مِنْهُ) أَيْ مِنْ الْوَلَدِ فَيَأْخُذُ الْمُوصَى لَهُ مَا يَخُصُّ الثُّلُثَ مِنْ الْأُمِّ أَوَّلًا، فَإِنْ فَضَلَ شَيْءٌ يَأْخُذُهُ مِنْ الْوَلَدِ عِنْدَ الْإِمَامِ (وَعِنْدَهُمَا يَأْخُذُ مِنْهُمَا) أَيْ مِنْ الْأُمِّ وَالْوَلَدِ (عَلَى السَّوَاءِ) ؛ لِأَنَّ الْوَلَدَ دَخَلَ فِي الْوَصِيَّةِ تَبَعًا حَالَ اتِّصَالِهِ بِهَا فَلَا يَخْرُجُ عَنْ الْوَصِيَّةِ بِالِانْفِصَالِ فَتَنْفُذُ الْوَصِيَّةُ فِيهِمَا عَلَى السَّوَاءِ مِنْ غَيْرِ تَقْدِيمٍ فِي الْأَخْذِ مِنْ الْأُمِّ، وَلَهُ أَنَّ الْأُمَّ أَصْلٌ وَالْوَلَدَ تَبَعٌ وَالتَّبَعُ لَا يُزَاحِمُ الْأَصْلَ وَلَا يَجُوزُ نَقْصُ الْأَصْلِ بِالتَّبَعِ وَفِي جَعْلِ الْوَلَدِ شَرِيكًا مَعَهَا نَقْصُ الْوَصِيَّةِ بِالْأُمِّ فَلَا يَجُوزُ بِخِلَافِ الْبَيْعِ وَالْعِتْقِ لِأَنَّ تَنْفِيذَ الْبَيْعِ وَالْعِتْقِ فِي الْوَلَدِ لَا يُنْقِصُ شَيْئًا فِي الْأَصْلِ بَلْ يَبْقَى تَامًّا صَحِيحًا إلَّا أَنَّهُ يَنْحَطُّ بَعْضُ الثَّمَنِ عَنْ الْأَصْلِ ضَرُورَةَ مُقَابَلَتِهِ بِالْوَلَدِ إذَا اتَّصَلَ بِهِ الْقَبْضُ، وَذَلِكَ جَائِزٌ لَا بَأْسَ بِهِ، لِأَنَّ الثَّمَنَ تَبَعٌ حَتَّى لَا يُشْتَرَطَ وُجُودُهُ عِنْدَ الْبَيْعِ وَيَنْعَقِدَ بِدُونِ ذِكْرِهِ وَإِنْ كَانَ فَاسِدًا هَذَا إذَا وَلَدَتْ قَبْلَ الْقِسْمَةِ وَقَبْلَ قَبُولِ الْمُوصَى لَهُ، فَإِنْ وَلَدَتْ بَعْدَ الْقَبُولِ وَبَعْدَ الْقِسْمَةِ فَهُوَ لِلْمُوصَى لَهُ؛ لِأَنَّ التَّرِكَةَ بِالْقِسْمَةِ خَرَجَتْ عَنْ حُكْمِ مِلْكِ الْمَيِّتِ فَحَدَثَتْ الزِّيَادَةُ عَلَى خَالِصِ مِلْكِ الْمُوصَى لَهُ، وَإِنْ وَلَدَتْ بَعْدَ الْقَبُولِ قَبْلَ الْقِسْمَةِ ذَكَرَ الْقُدُورِيُّ أَنَّهُ لَا يَصِيرُ مُوصًى بِهِ وَلَا يُعْتَبَرُ خُرُوجُهُ مِنْ الثُّلُثِ وَكَانَ لِلْمُوصَى لَهُ مِنْ جَمِيعِ الْمَالِ كَمَا لَوْ وَلَدَتْ بَعْدَ الْقِسْمَةِ، وَمَشَايِخُنَا قَالُوا يَصِيرُ مُوصًى بِهِ حَتَّى يُعْتَبَرَ خُرُوجُهُ مِنْ الثُّلُثِ كَمَا لَوْ وَلَدَتْ قَبْلَ الْقَبُولِ، وَإِنْ وَلَدَتْ قَبْلَ مَوْتِ الْمُوصِي لَمْ تَدْخُلْ تَحْتَ الْوَصِيَّةِ وَبَقِيَ عَلَى حُكْمِ الْمَيِّتِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ

<<  <  ج: ص:  >  >>