الْمُحَابَاةِ (الْأَخِيرَةِ) ؛ لِأَنَّ الْعِتْقَ مُقَدَّمٌ عَلَى الْأَخِيرَةِ فَيَسْتَوِيَانِ.
وَفِي الْهِدَايَةِ إذَا حَابَى ثُمَّ أَعْتَقَ ثُمَّ حَابَى ثُمَّ أَعْتَقَ قُسِمَ الثُّلُثُ بَيْنَ الْمُحَابَاتَيْنِ نِصْفَيْنِ لِتَسَاوِيهِمَا، ثُمَّ مَا أَصَابَ الْمُحَابَاةَ الْأَخِيرَةَ قُسِمَ بَيْنَهُمَا وَبَيْنَ الْعِتْقِ؛ لِأَنَّ الْعِتْقَ مُقَدَّمٌ عَلَيْهَا فَيَسْتَوِيَانِ قَالَ فِي الْعِنَايَةِ فِيهِ بَحْثٌ وَهُوَ أَنَّ الْمُحَابَاةَ الْأُولَى مُسَاوِيَةٌ لِلْمُحَابَاةِ الثَّانِيَةِ وَالْمُحَابَاةَ الثَّانِيَةَ مُسَاوِيَةٌ لِلْعِتْقِ الْمُقَدَّمِ عَلَيْهَا فَالْمُحَابَاةُ الْأُولَى مُسَاوِيَةٌ لِلْعِتْقِ الْمُتَأَخِّرِ عَنْهَا، وَهُوَ يُنَاقِضُ الدَّلِيلَ الْمَذْكُورَ مِنْ جَانِبِ الْإِمَامِ، وَالْجَوَابُ أَنَّ شَرْطَ الْإِنْتَاجِ أَنْ تَلْزَمَ لِنَتِيجَةِ الْقِيَاسِ لِذَاتِهِ وَقِيَاسُ الْمُسَاوَاةِ لَيْسَ كَذَلِكَ كَمَا عُرِفَ فِي مَوْضِعِهِ انْتَهَى لَكِنْ يُرَدُّ عَلَيْهِ أَنَّ الْمُسَاوِيَ لِلْمُسَاوِي لِلشَّيْءِ مُسَاوٍ لِذَلِكَ الشَّيْءِ فَيَعُودُ الْمَحْذُورُ اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يُقَالَ إنَّ مُسَاوَاةَ الْمُحَابَاةِ الْأُولَى لِلثَّانِيَةِ مِنْ جِهَةٍ وَمُسَاوَاةَ الثَّانِيَةِ لِلْعِتْقِ الْمُقَدَّمِ مِنْ جِهَةٍ أُخْرَى وَحَيْثُ انْفَكَّتْ الْجِهَةُ انْدَفَعَ الْمَحْذُورُ.
(وَإِنْ حَابَى بَيْنَ عِتْقَيْنِ) بِأَنْ أَعْتَقَ ثُمَّ حَابَى ثُمَّ أَعْتَقَ (فَنِصْفُ) الثُّلُثِ (لِلْمُحَابَاةِ وَنِصْفُ) الثُّلُثِ (لِلْعِتْقَيْنِ) بِأَنْ يُقْسَمَ الثُّلُثُ بَيْنَ الْعِتْقِ الْأَوَّلِ وَالْمُحَابَاةِ وَمَا أَصَابَ الْعِتْقَ قُسِمَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْعِتْقِ الثَّانِي هَذَا عِنْدَ الْإِمَامِ (وَعِنْدَهُمَا الْعِتْقُ أَوْلَى فِي الْجَمِيعِ) ؛ لِأَنَّهُ لَا يَلْحَقُهُ الْفَسْخُ بِوَجْهٍ مِنْ الْوُجُوهِ بِخِلَافِ الْمُحَابَاةِ فَإِنَّهُ يَلْحَقُهَا الْفَسْخُ.
(وَإِنْ أَوْصَى بِأَنْ يُعْتَقَ عَنْهُ بِهَذِهِ الْمِائَةِ عَبْدٌ فَهَلَكَ مِنْهَا دِرْهَمٌ بَطَلَتْ الْوَصِيَّةُ) عِنْدَ الْإِمَامِ (وَعِنْدَهُمَا يُعْتَقُ) عَنْهُ عَبْدٌ (بِمَا بَقِيَ) ؛ لِأَنَّهُ وَصِيَّةٌ بِنَوْعِ قُرْبَةٍ فَيَجِبُ تَنْفِيذُهَا مَا أَمْكَنَ قِيَاسًا عَلَى الْوَصِيَّةِ بِالْحَجِّ.
(وَلَوْ) كَانَ (مَكَانَ الْعِتْقِ حَجٌّ حَجَّ بِمَا بَقِيَ إجْمَاعًا) وَلَهُ أَنَّ وَصِيَّتَهُ بِالْعِتْقِ لِعَبْدٍ يُشْتَرَى بِمِائَةٍ مِنْ مَالِهِ وَتَنْفِيذُهَا فِيمَنْ يَشْتَرِي بِأَقَلَّ مِنْهُ تَنْفِيذٌ فِي غَيْرِ الْمُوصَى لَهُ وَذَلِكَ لَا يَجُوزُ بِخِلَافِ الْوَصِيَّةِ بِالْحَجِّ؛ لِأَنَّهَا قُرْبَةٌ مَحْضَةٌ هِيَ حَقُّ اللَّهِ تَعَالَى وَالْمُسْتَحِقُّ لَمْ يَتَبَدَّلْ فَصَارَ كَمَا إذَا أَوْصَى لِرَجُلٍ بِمِائَةٍ فَهَلَكَ بَعْضُهَا يُدْفَعُ إلَيْهِ الْبَاقِي قَالَ الزَّيْلَعِيُّ قِيلَ هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ مَبْنِيَّةٌ عَلَى أَصْلٍ آخَرَ مُخْتَلَفٌ فِيهِ وَهُوَ أَنَّ الْعِتْقَ حَقُّ اللَّهِ تَعَالَى عِنْدَهُمَا حَتَّى تُقْبَلَ الشَّهَادَةُ فِيهِ مِنْ غَيْرِ دَعْوَى فَلَمْ يَتَبَدَّلْ الْمُسْتَحِقُّ وَعِنْدَهُ حَقُّ الْعَبْدِ حَتَّى لَا تُقْبَلَ الشَّهَادَةُ فِيهِ مِنْ غَيْرِ دَعْوَى، فَاخْتَلَفَ الْمُسْتَحِقُّ وَهَذَا الْبِنَاءُ صَحِيحٌ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ ثَابِتٌ مَعْرُوفٌ وَلَا سَبِيلَ إلَى إنْكَارِهِ.
(وَتَبْطُلُ الْوَصِيَّةُ بِعِتْقِ عَبْدِهِ لَوْ جَنَى بَعْدَ مَوْتِ سَيِّدِهِ فَدَفَعَ بِهَا) أَيْ بِالْجِنَايَةِ؛ لِأَنَّ حَقَّ مَوْلَى الْجِنَايَةِ مُقَدَّمٌ عَلَى حَقِّ الْمُوصِي فَكَذَا عَلَى حَقِّ الْمُوصَى لَهُ وَهُوَ الْعَبْدُ نَفْسُهُ؛ لِأَنَّهُ يَتَلَقَّى الْمِلْكَ مِنْ جِهَةِ الْمُوصِي وَمِلْكُ الْمُوصِي بَاقٍ إلَى أَنْ يَدْفَعَ وَبِالدَّفْعِ يَزُولُ مِلْكُهُ فَإِذَا خَرَجَ عَنْ مِلْكِهِ بَطَلَتْ الْوَصِيَّةُ كَمَا إذَا بَاعَهُ الْوَصِيُّ أَوْ وَارِثُهُ بَعْدَ مَوْتِهِ بِالدَّيْنِ (وَإِنْ فَدَى) أَيْ الْعَبْدُ بِأَنْ أَعْطَى الْوَرَثَةَ الْفِدَاءَ لِوَلِيِّ الْجِنَايَةِ بِمُقَابَلَةِ الْعَبْدِ (فَلَا) تَبْطُلُ الْوَصِيَّةُ؛ لِأَنَّهُمْ كَانُوا مُتَبَرِّعِينَ بِالْفِدَاءِ وَإِنَّمَا جَازَتْ الْوَصِيَّةُ حِينَئِذٍ؛ لِأَنَّ الْعَبْدَ بَرِيءٌ عَنْ الْجِنَايَةِ فَصَارَ كَأَنَّهُ لَمْ يَجْنِ.
(وَلَوْ أَوْصَى لِزَيْدٍ بِثُلُثِ مَالِهِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute