للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَتَرَكَ عَبْدًا فَادَّعَى زَيْدٌ عِتْقَهُ فِي الصِّحَّةِ) أَيْ صِحَّةِ الْمُوصِي (وَ) ادَّعَى (الْوَارِثُ عِتْقَهُ فِي الْمَرَضِ فَالْقَوْلُ لِلْوَارِثِ) مَعَ الْيَمِينِ وَصُورَةُ الْمَسْأَلَةِ إذَا أَوْصَى بِثُلُثِ مَالِهِ لِزَيْدٍ وَلَهُ عَبْدٌ فَأَقَرَّ الْمُوصَى لَهُ وَالْوَارِثُ أَنَّ الْمُوصِيَ أَعْتَقَ هَذَا الْعَبْدَ لَكِنْ قَالَ الْمُوصَى لَهُ أَعْتَقَهُ فِي الصِّحَّةِ لِئَلَّا تَكُونَ وَصِيَّةً تَنْفُذُ مِنْ الثُّلُثِ وَقَالَ الْوَارِثُ أَعْتَقَهُ فِي الْمَرَضِ لِيَكُونَ وَصِيَّةً فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْوَارِثِ مَعَ يَمِينِهِ (وَلَا شَيْءَ لِزَيْدٍ إلَّا أَنْ يَفْضُلَ الثُّلُثُ عَنْ قِيمَتِهِ) أَيْ الْعَبْدِ (أَوْ يُبَرْهِنَ) زَيْدٌ (عَلَى دَعْوَاهُ) وَهُوَ عِتْقُهُ فِي الصِّحَّةِ فَيَنْفُذُ مِنْ جَمِيعِ الْمَالِ وَالْوَارِثُ يُنْكِرُ اسْتِحْقَاقَهُ ثُلُثَ مَالِهِ غَيْرَ الْعَبْدِ فَلَا يَثْبُتُ الِاسْتِحْقَاقُ لِزَيْدٍ بِلَا بُرْهَانٍ، فَإِنْ لَمْ يُبَرْهِنْ حَلَفَ الْوَارِثُ أَنَّهُ لَمْ يَعْلَمْ أَنَّ مُوَرِّثَهُ أَعْتَقَهُ فِي الصِّحَّةِ وَإِنَّمَا كَانَ الْقَوْلُ لِلْوَارِثِ؛ لِأَنَّ الْعِتْقَ مِنْ الْحَوَادِثِ فَيُحْكَمُ بِحُدُوثِهِ مِنْ أَقْرَبِ الْأَوْقَاتِ لِلتَّيَقُّنِ بِهَا، وَأَقْرَبُ الْأَوْقَاتِ هُنَا وَقْتُ الْمَرَضِ وَكَانَ الظَّاهِرُ شَاهِدًا لِلْوَارِثِ فَكَانَ الْقَوْلُ قَوْلَهُ مَعَ الْيَمِينِ إلَّا أَنْ يَفْضُلَ مِنْ الثُّلُثِ شَيْءٌ عَلَى قِيمَةِ الْعَبْدِ؛ لِأَنَّهُ لَا مُزَاحِمَ لَهُ أَوْ تَقُومَ الْبَيِّنَةُ أَنَّ الْعِتْقَ فِي الصِّحَّةِ إذْ الثَّابِتُ بِالْبَيِّنَةِ بِمَنْزِلَةِ الثَّابِتِ بِالْمُعَايَنَةِ نَعَمْ الْبَيِّنَةُ إنَّمَا تُقْبَلُ مِنْ خَصْمٍ وَالْعِتْقُ حَقُّ الْعَبْدِ عِنْدَهُ وَلَكِنَّهُ أَيْ الْمُوصَى لَهُ بِالثُّلُثِ خَصْمٌ فِي إقَامَتِهَا لِإِثْبَاتِ حَقِّهِ.

(وَلَوْ ادَّعَى رَجُلٌ عَلَى الْمَيِّتِ دَيْنًا وَ) ادَّعَى (الْعَبْدُ إعْتَاقَهُ فِي صِحَّتِهِ وَصَدَّقَهُمَا الْوَارِثُ سَعَى الْعَبْدُ فِي قِيمَتِهِ وَتُدْفَعُ إلَى الْغَرِيمِ) عِنْدَ الْإِمَامِ (وَعِنْدَهُمَا لَا يَسْعَى) لَهُمَا أَنَّ الدَّيْنَ وَالْعِتْقَ فِي الصِّحَّةِ ظَهَرَا مَعَهَا لِتَصْدِيقِ الْوَارِثِ فِي كَلَامٍ وَاحِدٍ فَكَأَنَّهُمَا وَقَعَا مَعًا وَالْعِتْقُ فِي الصِّحَّةِ لَا يُوجِبُ السِّعَايَةَ، وَلَهُ أَنَّ الْإِقْرَارَ بِالدَّيْنِ أَقْوَى؛ لِأَنَّهُ فِي الْمَرَضِ يُعْتَبَرُ مِنْ كُلِّ الْمَالِ وَالْإِقْرَارُ بِالْعِتْقِ يُعْتَبَرُ مِنْ الثُّلُثِ فَيَجِبُ أَنْ يَبْطُلَ الْعِتْقُ لَكِنَّهُ لَا يَحْتَمِلُ الْبُطْلَانَ فَيَبْطُلُ مَعْنَى إيجَابِ السِّعَايَةِ عَلَيْهِ وَلِأَنَّ إسْنَادَ الْعِتْقِ إلَى الصِّحَّةِ إنَّمَا يَصِحُّ إذَا لَمْ يُوجَدْ شَغْلُ الدَّيْنِ وَقَدْ وُجِدَ الدَّيْنُ هُنَا فَمُنِعَ الْإِسْنَادُ فَوَجَبَ رَدُّهُ بِالدَّيْنِ وَرَدُّهُ بِالسِّعَايَةِ، وَعَلَى هَذَا الْخِلَافِ إذَا مَاتَ الرَّجُلُ وَتَرَكَ ابْنًا وَأَلْفَ دِرْهَمٍ فَقَالَ رَجُلٌ لِي عَلَى الْمَيِّتِ أَلْفُ دِرْهَمٍ دَيْنٌ وَقَالَ رَجُلٌ هَذَا الْأَلْفُ الَّذِي تَرَكَهُ أَبُوك كَانَ وَدِيعَةً لِي عِنْدَ أَبِيك، وَقَالَ الِابْنُ صَدَقْتُمَا فَعِنْدَهُ الْأَلْفُ بَيْنَهُمَا نِصْفَانِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ تَظْهَرْ الْوَدِيعَةُ إلَّا وَالدَّيْنُ ظَاهِرٌ مَعَهَا فَيَتَحَاصَّانِ كَمَا إذَا أَقَرَّ الْوَدِيعَةِ ثُمَّ بِالدَّيْنِ وَقَالَا الْوَدِيعَةُ أَحَقُّ؛ لِأَنَّهَا تَثْبُتُ فِي عَيْنِ الْأَلْفِ وَالدَّيْنُ يَثْبُتُ فِي الذِّمَّةِ أَوَّلًا ثُمَّ يَنْتَقِلُ إلَى الْعَيْنِ فَكَانَتْ أَسْبَقَ وَصَاحِبُهَا أَحَقَّ كَمَا لَوْ كَانَ الْمُوَرِّثُ حَيًّا وَقَالَ صَدَقْتُمَا وَذُكِرَ فِي الْهِدَايَةِ فَعِنْدَهُ الْوَدِيعَةُ أَقْوَى وَعِنْدَهُمَا سَوَاءٌ وَالْأَصَحُّ مَا ذَكَرْنَا أَوَّلًا وَبِهِ يَنْطِقُ شُرُوحُ الْجَامِعِ الصَّغِيرِ وَشُرُوحُ الْمَنْظُومَةِ كَذَا فِي الْكَافِي.

(وَإِنْ اجْتَمَعَتْ وَصَايَا وَضَاقَ الثُّلُثُ عَنْهَا قُدِّمَتْ الْفَرَائِضُ) كَالْحَجِّ وَالزَّكَاةِ وَالْكَفَّارَاتِ.

(وَإِنْ أَخَّرَهَا) أَيْ الْمُوصِي الْفَرَائِضَ فِي الذِّكْرِ؛ لِأَنَّ الْفَرْضَ

<<  <  ج: ص:  >  >>