أَشْفَقُ بِنَفْسِهِ مِنْ الْقَاضِي فَكَيْفَ يَعْزِلُهُ، وَيَنْبَغِي أَنْ يُفْتَى بِهِ لِفَسَادِ قُضَاةِ الزَّمَانِ كَمَا فِي الْمِنَحِ فَقَدْ أَفَادَ تَرْجِيحَ عَدَمِ صِحَّةِ الْعَزْلِ لِلْوَصِيِّ.
(وَإِنْ أَوْصَى إلَى اثْنَيْنِ لَا يَنْفَرِدُ أَحَدُهُمَا) بِالتَّصَرُّفِ فِي مَالِ الْمَيِّتِ، وَإِنْ تَصَرَّفَ فِيهِ فَهُوَ بَاطِلٌ وَهَذَا عِنْدَ الطَّرَفَيْنِ.
وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ يَنْفَرِدُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِالتَّصَرُّفِ وَلَوْ أَوْصَى إلَى رَجُلَيْنِ، ثُمَّ إنَّ أَحَدَهُمَا تَصَرَّفَ فِي الْمَالِ غَيْرِ الْأَشْيَاءِ الْمَعْدُودَةِ، ثُمَّ أَجَازَ صَاحِبُهُ فَإِنَّهُ يَجُوزُ وَلَا يَحْتَاجُ إلَى تَجْدِيدِ الْعَقْدِ كَذَا فِي الْجَوْهَرَةِ ثُمَّ إنَّ مَا ذَكَرَهُ فِي الْجَوْهَرَةِ مِنْ الْأَشْيَاءِ الْمَعْدُودَةِ الَّتِي يَجُوزُ لِأَحَدِ الْوَصِيَّيْنِ الِانْفِرَادُ بِالتَّصَرُّفِ فِيهَا مَا اسْتَثْنَاهُ بِقَوْلِهِ (إلَّا بِشِرَاءِ كَفَنٍ وَتَجْهِيزٍ) فَإِنَّهُ لَا يُبْتَنَى عَلَى الْوِلَايَةِ، وَرُبَّمَا يَكُونُ أَحَدُهُمَا غَائِبًا فَفِي اشْتِرَاطِ اجْتِمَاعِهِمَا فَسَادُ الْمَيِّتِ، أَلَا يَرَى أَنَّهُ لَوْ فَعَلَهُ عِنْدَ الضَّرُورَةِ جِيرَانُهُ جَازَ (وَخُصُومَةٍ) فِي حُقُوقِهِ؛ لِأَنَّهُمَا لَا يَجْتَمِعَانِ عَلَيْهَا عَادَةً وَلَوْ اجْتَمَعَا لَا يَتَكَلَّمُ إلَّا أَحَدُهُمَا غَالِبًا عَلَى أَنَّهُمَا لَوْ تَكَلَّمَا حَالَ الْخُصُومَةِ مَعًا رُبَّمَا لَمْ يَفْهَمْ الْقَاضِي دَعْوَاهُمَا لِاخْتِلَاطِ كَلَامِ أَحَدِهِمَا بِالْآخَرِ، وَلِهَذَا يَنْفَرِدُ بِهِمَا أَحَدُ الْوَكِيلَيْنِ أَيْضًا (وَقَضَاءِ دَيْنٍ) كَانَ عَلَى الْمَيِّتِ (وَطَلَبِهِ) أَيْ الدَّيْنِ الَّذِي لَهُ عَلَى الْغَيْرِ (وَشِرَاءِ حَاجَةِ الطِّفْلِ) ؛ لِأَنَّ فِي تَأْخِيرِهِ خَوْفَ لُحُوقِ الضَّرَرِ بِهِ كَخَوْفِ الْهَلَاكِ مِنْ الْجُوعِ وَالْعُرْيِ (وَقَبُولِ الْهِبَةِ لَهُ) أَيْ لِلطِّفْلِ فَإِنَّهُ لَيْسَ مِنْ بَابِ الْوِلَايَةِ وَلِهَذَا تَمْلِكُهُ الْأُمُّ، وَكُلُّ مَنْ هُوَ فِي يَدِهِ (وَرَدِّ وَدِيعَةٍ مُعَيَّنَةٍ وَتَنْفِيذِ وَصِيَّةٍ مُعَيَّنَةٍ وَإِعْتَاقِ عَبْدٍ مُعَيَّنٍ) لِعَدَمِ الِاحْتِيَاجِ إلَى الرَّأْيِ فِي ذَلِكَ كُلِّهِ بِخِلَافِ مَا إذَا لَمْ تَكُنْ الْمَذْكُورَاتُ مُعَيَّنَةً فَرُبَّمَا اُحْتِيجَ فِيهَا إلَى الرَّأْيِ فَلَا يَنْفَرِدُ أَحَدُهُمَا بِذَلِكَ دُونَ الْآخَرِ (وَرَدِّ مَغْصُوبٍ) فَيَجُوزُ لِأَحَدِ الْوَصِيَّيْنِ الِانْفِرَادُ بِرَدِّهِ دُونَ الْآخَرِ، وَلَمْ يُقَيِّدُوا الْمَغْصُوبَ بِكَوْنِهِ مُعَيَّنًا وَلَمْ يُبَيِّنُوا السِّرَّ فِي إطْلَاقِهِ عَنْ التَّقْيِيدِ، وَوَجْهُهُ غَيْرُ ظَاهِرٍ فَتَأَمَّلْ
(أَوْ مُشْرَى شِرَاءً فَاسِدًا) فَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا أَنْ يَنْفَرِدَ بِرَدِّهِ لِمَا تَقَدَّمَ مِنْ عَدَمِ الِاحْتِيَاجِ إلَى الرَّأْيِ (وَجَمْعِ أَمْوَالٍ ضَائِعَةٍ وَحِفْظِ الْمَالِ) لِأَنَّ فِي التَّأْخِيرِ إلَى اجْتِمَاعِهِمَا خَوْفَ الْفَوَاتِ (وَبَيْعِ مَا يُخَافُ تَلَفُهُ) إذْ يُسْرِعُ إلَيْهِ الْفَسَادُ فَفِي التَّأْخِيرِ إلَى الِاجْتِمَاعِ ضَرَرٌ بَيِّنٌ هَذَا عِنْدَ الطَّرَفَيْنِ (وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ يَجُوزُ الِانْفِرَادُ) كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا (مُطْلَقًا) وَلَا يَخْتَصُّ الِانْفِرَادُ بِالْأَشْيَاءِ الْمَعْدُودَةِ؛ لِأَنَّ الْإِيصَاءَ مِنْ بَابِ الْوِلَايَةِ إذَا ثَبَتَ لِاثْنَيْنِ شَرْعًا تَثْبُتُ لِكُلِّ وَاحِدٍ كَامِلًا عَلَى الِانْفِرَادِ كَالْأَخَوَيْنِ فِي وِلَايَةِ الْإِنْكَاحِ فَكَذَا إذَا ثَبَتَتْ شَرْطًا، وَهَذَا لِأَنَّ الْوِلَايَةَ لَا تَحْتَمِلُ التَّجَزُّؤَ لِأَنَّهَا عِبَارَةٌ عَنْ الْقُدْرَةِ الشَّرْعِيَّةِ، وَالْقُدْرَةُ لَا تَتَجَزَّأُ وَلَهُمَا أَنَّ سَبَبَ هَذِهِ الْوِلَايَةِ التَّفْوِيضُ فَلَا بُدَّ مِنْ مُرَاعَاةِ صِفَةِ التَّفْوِيضِ وَالْمُوصِي إنَّمَا فَوَّضَ الْوِلَايَةَ إلَيْهِمَا مَعًا وَهَذَا الشَّرْطُ مُقَيَّدٌ فَلَمْ يَثْبُتْ بِدُونِ ذَلِكَ الشَّرْطِ فَمَا رَضِيَ إلَّا بِرَأْيِ الِاثْنَيْنِ، وَرَأْيُ الْوَاحِدِ لَا يَكُونُ كَرَأْيِهِمَا بِخِلَافِ الْأَخَوَيْنِ فِي النِّكَاحِ؛ لِأَنَّ السَّبَبَ ثَمَّةَ الْأُخُوَّةُ وَهِيَ قَائِمَةٌ بِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَلَى الْكَمَالِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute