للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَالسَّبَبُ هُنَا الْإِيصَاءُ، وَهُوَ إلَيْهِمَا لَا إلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا، وَلِأَنَّ الْإِنْكَاحَ حَقٌّ مُسْتَحَقٌّ لَهَا عَلَى الْوَلِيِّ حَتَّى لَوْ طَالَبَتْهُ بِإِنْكَاحِهَا مِنْ كُفُؤٍ خَاطِبٍ يَجِبُ عَلَيْهِ، وَهُنَا حَقُّ التَّصَرُّفِ لِلْوَصِيِّ وَلِهَذَا بَقِيَ مُخَيَّرًا فِي التَّصَرُّفِ بِخِلَافِ الْأَشْيَاءِ الْمَعْدُودَةِ؛ لِأَنَّهَا مِنْ بَابِ الضَّرُورَةِ وَمَوَاضِعُ الضَّرُورَةِ مُسْتَثْنَاةٌ عَنْ قَوَاعِدِ الشَّرْعِ فَلِهَذَا قَالَ بِجَوَازِ الِانْفِرَادِ فِي الْأَشْيَاءِ الْمَعْدُودَةِ دُونَ غَيْرِهَا، ثُمَّ قِيلَ الْخِلَافُ فِيمَا إذَا أَوْصَى إلَى كُلِّ وَاحِدِ مِنْهُمَا بِعَقْدٍ عَلَى حِدَةٍ، وَأَمَّا إذَا أَوْصَى إلَيْهِمَا بِعَقْدٍ وَاحِدٍ فَلَا يَنْفَرِدُ أَحَدُهُمَا بِالْإِجْمَاعِ ذَكَرَهُ الْحَلْوَانِيُّ قَالَ أَبُو اللَّيْثِ وَهُوَ الْأَصَحُّ وَبِهِ نَأْخُذُ، وَقِيلَ الْخِلَافُ فِي الْفَصْلَيْنِ جَمِيعًا ذَكَرَهُ الْإِسْكَافُ.

وَقَالَ فِي الْمَبْسُوطِ هُوَ الْأَصَحُّ كَمَا فِي التَّبْيِينِ.

(فَإِنْ مَاتَ أَحَدُ الْوَصِيَّيْنِ أَقَامَ الْقَاضِي غَيْرَهُ مَقَامَهُ إنْ لَمْ يُوصِ إلَى آخَرَ) أَمَّا عِنْدَهُمَا فَلِأَنَّ الْبَاقِيَ عَاجِزٌ عَنْ التَّفَرُّدِ بِالتَّصَرُّفِ فَيَضُمُّ الْقَاضِي إلَيْهِ وَصِيًّا آخَرَ نَظَرًا لِلْمَيِّتِ وَالْوَرَثَةِ وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ الْحَيُّ مِنْهُمَا وَإِنْ كَانَ يَقْدِرُ عَلَى التَّصَرُّفِ، لَكِنَّ الْمُوصِيَ قَصَدَ أَنْ يَخْلُفَهُ مُتَصَرِّفَانِ فِي حُقُوقِهِ وَذَلِكَ مُمْكِنُ التَّحَقُّقِ بِنَصْبِ وَصِيٍّ آخَرَ مَكَانَ الْوَصِيِّ الْمَيِّتِ.

(وَإِنْ أَوْصَى) الْوَصِيُّ الَّذِي مَاتَ (إلَى الْحَيِّ جَازَ) الْإِيصَاءُ (وَيَتَصَرَّفُ) الْحَيُّ (وَحْدَهُ) فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ كَمَا إذَا أَوْصَى إلَى شَخْصٍ آخَرَ، وَلَا يَحْتَاجُ الْقَاضِي إلَى نَصْبِ وَصِيٍّ آخَرَ لِأَنَّ رَأْيَ الْمَيِّتِ يَكُونُ بَاقِيًا حُكْمًا بِرَأْيِ مَنْ يَخْلُفُهُ، وَرَوَى الْحَسَنُ عَنْ الْإِمَامِ أَنَّ الْحَيَّ لَا يَنْفَرِدُ بِالتَّصَرُّفِ؛ لِأَنَّ الْمُوصِيَ لَمْ يَرْضَ بِتَصَرُّفِهِ وَحْدَهُ فَلَا يَكُونُ لِلْوَصِيِّ أَنْ يَرْضَى بِمَا يَعْلَمُ أَنَّ الْمُوصِيَ لَمْ يَرْضَهُ بِخِلَافِ مَا إذَا أَوْصَى إلَى غَيْرِهِ؛ لِأَنَّ الْمُتَوَفَّى رَضِيَ بِرَأْيِ الِاثْنَيْنِ وَقَدْ وُجِدَ (وَوَصِيُّ الْوَصِيِّ وَصِيٌّ فِي التَّرِكَتَيْنِ) أَيْ إذَا مَاتَ الْوَصِيُّ فَأَوْصَى إلَى غَيْرِهِ فَهُوَ وَصِيٌّ فِي تَرِكَتِهِ وَتَرِكَةِ الْمَيِّتِ الْأَوَّلِ.

وَقَالَ الشَّافِعِيُّ لَا يَكُونُ وَصِيًّا فِي تَرِكَةِ الْمَيِّتِ الْأَوَّلِ؛ لِأَنَّ الْمَيِّتَ فَوَّضَ إلَيْهِ التَّصَرُّفَ، وَلَمْ يُفَوِّضْ لَهُ الْإِيصَاءَ إلَى غَيْرِهِ فَلَا يَمْلِكُهُ، وَلِأَنَّهُ رَضِيَ بِرَأْيِهِ وَلَمْ يَرْضَ بِرَأْيِ غَيْرِهِ.

وَلَنَا أَنَّ الْوَصِيَّ يَتَصَرَّفُ بِوِلَايَةٍ مُنْتَقِلَةٍ إلَيْهِ فَيَمْلِكُ الْإِيصَاءَ إلَى غَيْرِهِ كَالْجَدِّ أَلَا يَرَى أَنَّ الْوِلَايَةَ الَّتِي كَانَتْ ثَابِتَةً لِلْمُوصِي تَنْتَقِلُ إلَى الْوَصِيِّ، وَلِهَذَا يُقَدَّمُ عَلَى الْجَدِّ وَلَوْ لَمْ تَنْتَقِلْ إلَيْهِ لَمَا تَقَدَّمَ عَلَيْهِ فَإِذَا انْتَقَلَتْ إلَيْهِ الْوِلَايَةُ مَلَكَ الْإِيصَاءَ.

(وَكَذَا إنْ أَوْصَى) الْوَصِيُّ الْمَيِّتُ (إلَيْهِ) أَيْ إلَى آخَرَ (فِي إحْدَاهُمَا) أَيْ فِي إحْدَى التَّرِكَتَيْنِ يَعْنِي إذَا أَوْصَى إلَى آخَرَ فِي تَرِكَتِهِ يَكُونُ وَصِيًّا فِيهِمَا عِنْدَ الْإِمَامِ؛ لِأَنَّ تَرِكَةَ مُوصِيهِ تَرِكَتُهُ؛ لِأَنَّ لَهُ وِلَايَةَ التَّصَرُّفِ فِيهِمَا (خِلَافًا لَهُمَا) فَإِنَّهُمَا قَالَا يَقْتَصِرُ عَلَى تَرِكَتِهِ؛ لِأَنَّهُ نَصَّ عَلَيْهَا ثُمَّ إنَّ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ فِي إحْدَاهُمَا يُفِيدُ عُمُومَ الْوَصِيَّةِ لِتَرِكَتِهِ أَوْ تَرِكَةِ مُوصِيهِ لَكِنَّ الْمَذْكُورَ فِي عَامَّةِ الْكُتُبِ أَنَّهُ إذَا أَوْصَى فِي تَرِكَتِهِ فَقَطْ يَكُونُ وَصِيًّا فِيهِمَا، وَلَمْ يَذْكُرُوا مَا إذَا أَوْصَى فِي تَرِكَةِ مُوصِيهِ لَكِنْ قَالَ الْمَوْلَى الْمَعْرُوفُ بِأَخِي حَلَبِيٍّ

<<  <  ج: ص:  >  >>