قَوْلُ الْمُصَنِّفِ أَوْ مَالَ مُوصِيهِ يُشْعِرُ بِعَدَمِ كَوْنِهِ وَصِيًّا فِيهِمَا عَلَى تَقْدِيرِ ذِكْرِ الْمَالِ الْمُوصَى وَحْدَهُ بِدُونِ ذِكْرِ مَالِهِ، وَلَمْ نَجِدْ فِيهِ رِوَايَةً فِي الْمُعْتَبَرَاتِ بَلْ الْمَوْجُودُ فِيهَا أَنَّهُ إذَا جَعَلَهُ وَصِيًّا فِي مَالِ نَفْسِهِ أَوْ مَعَ مَالِ مُوصِيهِ، أَوْ قَالَ جَعَلْته وَصِيًّا بِغَيْرِ قَيْدٍ فَفِي جَمِيعِ ذَلِكَ يَصِيرُ وَصِيًّا فِي الْمَالَيْنِ وَمَا يُشْعِرُهُ فِي الْمَتْنِ لَيْسَ وَاحِدًا مِنْهَا انْتَهَى.
(وَتَصِحُّ قِسْمَةُ الْوَصِيِّ) نِيَابَةً (عَنْ الْوَرَثَةِ مَعَ الْمُوصَى لَهُ) سَوَاءٌ كَانَ الْوَرَثَةُ غُيَّبًا أَوْ صِغَارًا أَيْ يَجُوزُ لِلْمُوصِي أَنْ يَقْسِمَ التَّرِكَةَ بَيْنَ الْوَرَثَةِ الْغُيَّبِ أَوْ الصِّغَارِ وَبَيْنَ الْمُوصَى لَهُ بِأَنْ يَأْخُذَ حَقَّ الْوَرَثَةِ، وَيُسَلِّمَ الْبَاقِيَ إلَى الْمُوصَى لَهُ (فَلَا يَرْجِعُونَ) أَيْ الْوَرَثَةُ (عَلَى الْمُوصَى لَهُ لَوْ هَلَكَ حَظُّهُمْ فِي يَدِ الْوَصِيِّ) ؛ لِأَنَّ الْهَلَاكَ بَعْدَ تَمَامِ الْقِسْمَةِ يَكُونُ عَلَى مَنْ وَقَعَ الْهَلَاكُ فِي نَصِيبِهِ (لَا) تَصِحُّ (مُقَاسَمَتُهُ) أَيْ الْوَصِيِّ (مَعَهُمْ) أَيْ الْوَرَثَةِ نِيَابَةً (عَنْ الْوَصِيِّ لَهُ) وَالْفَرْقُ أَنَّ الْوَصِيَّ خَلِيفَةُ الْمَيِّتِ، وَالْوَارِثَ خَلِيفَةٌ عَنْ الْمَيِّتِ أَيْضًا حَتَّى يُرَدَّ بِالْعَيْبِ، وَيُرَدُّ عَلَيْهِ بِهِ فَصَلَحَ الْوَصِيُّ خَصْمًا عَنْ الْوَارِثِ نِيَابَةً عَنْهُ؛ لِأَنَّ مَنْ كَانَ خَلِيفَةً لِأَحَدٍ كَانَ خَلِيفَةً لِمَنْ قَامَ مَقَامَهُ فَصَارَ تَصَرُّفُهُ كَتَصَرُّفِهِ إذَا كَانَ غَائِبًا فَصَحَّتْ قِسْمَتُهُ عَلَيْهِ.
أَمَّا الْمُوصَى لَهُ فَلَيْسَ بِخَلِيفَةٍ عَنْ الْمَيِّتِ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ؛ لِأَنَّ لِلْمُوصَى لَهُ مِلْكًا جَدِيدًا وَلِهَذَا لَا يَرُدُّ بِالْعَيْبِ، وَلَا يُرَدُّ عَلَيْهِ فَلَمْ يَصْلُحْ الْوَصِيُّ خَصْمًا عَنْهُ عِنْدَ غَيْبَتِهِ فَلَمْ يَكُنْ تَصَرُّفُهُ كَتَصَرُّفِهِ إذَا كَانَ غَائِبًا فَلَمْ تَصِحَّ الْقِسْمَةُ عَلَيْهِ (فَيَرْجِعُ) الْمُوصَى لَهُ (عَلَيْهِمْ) أَيْ عَلَى الْوَرَثَةِ (بِثُلُثِ مَا بَقِيَ لَوْ هَلَكَ حَظُّهُ فِي يَدِ الْمُوصِي) ؛ لِأَنَّ الْقِسْمَةَ حَيْثُ لَمْ تَصِحَّ لَمْ تَنْفُذْ عَلَيْهِ غَيْرَ أَنَّ الْوَصِيَّ لَا يَضْمَنُ؛ لِأَنَّهُ أَمِينٌ فِيهِ، وَلَهُ وِلَايَةُ الْحِفْظِ فِي التَّرِكَةِ فَيَكُونُ لَهُ ثُلُثُ الْبَاقِي؛ لِأَنَّ الْمُوصَى لَهُ شَرِيكُ الْوَارِثِ فَيَنْوِيَ مَا نَوَى مِنْ الْمَالِ الْمُشْتَرَكِ عَلَى الشَّرِكَةِ وَيَبْقَى مَا بَقِيَ عَلَى الشَّرِكَةِ (وَصَحَّتْ) الْقِسْمَةُ (لِلْقَاضِي لَوْ قَاسَمَهُمْ) نِيَابَةً (عَنْهُ) أَيْ الْمُوصَى لَهُ (وَأَخَذَ قِسْطَهُ) أَيْ نَصِيبَ الْمُوصَى لَهُ الْغَائِبِ؛ لِأَنَّ لِلْقَاضِي وِلَايَةً عَلَى الْغَائِبِ فَكَانَتْ قِسْمَتُهُ كَقِسْمَةِ الْغَائِبِ بِنَفْسِهِ، وَإِذَا صَحَّتْ الْقِسْمَةُ مِنْ الْقَاضِي كَانَ لَهُ أَنْ يَفْرِزَ نَصِيبَهُ وَيَقْبِضَهُ فَإِنْ فَعَلَ ذَلِكَ، وَهَلَكَ الْمَقْبُوضُ فِي يَدِهِ عَنْ الْغَائِبِ لَمْ يَكُنْ لِلْمُوصَى لَهُ عَلَى الْوَرَثَةِ سَبِيلٌ وَلَا عَلَى الْقَاضِي.
(وَفِي الْوَصِيَّةِ بِحَجٍّ لَوْ قَاسَمَ الْوَصِيُّ الْوَرَثَةَ فَضَاعَ عِنْدَهُ) أَيْ الْوَصِيِّ (يُؤْخَذُ لِلْحَجِّ ثُلُثُ مَا بَقِيَ) فِي يَدِ الْوَصِيِّ يَعْنِي إذَا أَوْصَى الْمَيِّتُ بِحَجٍّ فَقَاسَمَ لَهُ الْوَصِيُّ مَعَ الْوَرَثَةِ، وَأَخَذَ الْمَالَ الْمُوصَى بِهِ فَضَاعَ فِي يَدِهِ أُحِجَّ عَنْ الْمَيِّتِ بِثُلُثِ مَا بَقِيَ مِنْ التَّرِكَةِ.
(وَكَذَا لَوْ دَفَعَهُ) أَيْ دَفَعَ الْوَصِيُّ الْمَالَ الْمُوصَى بِهِ (لِمَنْ يَحُجُّ فَضَاعَ فِي يَدِهِ) أَيْ الْمَدْفُوعِ إلَيْهِ وَاللَّامُ فِي لِمَنْ بِمَعْنَى إلَى يُؤْخَذُ لِلْحَجِّ ثُلُثُ مَا بَقِيَ مِنْ التَّرِكَةِ؛ لِأَنَّ الْقِسْمَةَ لَا تُزَادُ لِذَاتِهَا بَلْ لِمَقْصُودِهَا، وَهُوَ تَأْدِيَةُ الْحَجِّ فَصَارَ كَمَا إذَا هَلَكَ قَبْلَ الْقِسْمَةِ فَحَجَّ بِثُلُثِ مَا بَقِيَ، وَهَذَا عِنْدَ الْإِمَامِ (وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute