للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

إنْ بَقِيَ مِنْ الثُّلُثِ شَيْءٌ أُخِذَ وَإِلَّا فَلَا) ؛ لِأَنَّ مَحَلَّ الْوَصِيَّةِ الثُّلُثُ فَيَجِبُ تَنْفِيذُهَا مَا بَقِيَ مَحَلُّهَا، وَإِذَا لَمْ يَبْقَ بَطَلَتْ لِفَوَاتِ مَحَلِّهَا (وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ لَا يُؤْخَذُ شَيْءٌ) ؛ لِأَنَّ الْقِسْمَةَ حَقُّ الْوَصِيِّ أَلَا يَرَى أَنَّهُ لَوْ أَفْرَزَ الْمُوصِي نَفْسُهُ مَالًا لِيَحُجَّ عَنْهُ بِهِ فَهَلَكَ الْمَالُ بَطَلَتْ الْوَصِيَّةُ، وَكَذَا إذَا أَفْرَزَهُ الْوَصِيُّ الَّذِي قَامَ مَقَامَهُ.

(وَلَوْ بَاعَ الْوَصِيُّ مِنْ التَّرِكَةِ عَبْدًا مَعَ غَيْبَةِ الْغُرَمَاءِ جَازَ) ؛ لِأَنَّ الْوَصِيَّ قَائِمٌ مَقَامَ الْمُوصِي وَلَوْ تَوَلَّاهُ الْمُوصِي بِنَفْسِهِ حَالَ حَيَاتِهِ جَازَ بَيْعُهُ، وَإِنْ كَانَ مَرِيضًا مَرَضَ الْمَوْتِ بِغَيْرِ مَحْضَرٍ مِنْ الْغُرَمَاءِ فَكَذَا الْوَصِيُّ؛ لِأَنَّهُ قَائِمٌ مَقَامَهُ وَذَلِكَ لِأَنَّ حَقَّ الْغُرَمَاءِ مُتَعَلِّقٌ بِالْمَالِيَّةِ لَا بِالصُّورَةِ وَالْبَيْعُ لَا يُبْطِلُ الْمَالِيَّةَ لِفَوَاتِهَا إلَى خَلَفٍ، وَهُوَ الثَّمَنُ بِخِلَافِ الْعَبْدِ الْمَأْذُونِ لَهُ فِي التِّجَارَةِ حَيْثُ لَا يَجُوزُ لِلْمَوْلَى بَيْعُهُ؛ لِأَنَّ لِلْغُرَمَاءِ حَقَّ الِاسْتِسْعَاءِ بِخِلَافِ مَا نَحْنُ فِيهِ.

(وَإِنْ أَوْصَى بِبَيْعِ شَيْءٍ مِنْ التَّرِكَةِ وَالتَّصَدُّقِ بِهِ) عَلَى الْمَسَاكِينِ (فَبَاعَهُ وَصِيُّهُ وَقَبَضَ ثَمَنَهُ فَضَاعَ فِي يَدِهِ وَاسْتَحَقَّ الْمَبِيعَ ضَمِنَهُ) أَيْ ضَمِنَ الْوَصِيُّ الثَّمَنَ لِلْمُشْتَرِي؛ لِأَنَّهُ عَاقِدٌ الْتَزَمَ لِلْعُهْدَةِ بِالْعَقْدِ عَلَى نَفْسِهِ، وَهَذِهِ عُهْدَةٌ؛ لِأَنَّ الْمُشْتَرِيَ مِنْهُ لَمْ يَرْضَ بِدَفْعِ الثَّمَنِ أَنْ يُسَلِّمَ لَهُ الْمَبِيعَ وَلَمْ يُسَلِّمْ فَقَدْ أَخَذَ الْوَصِيُّ مَالَ الْغَيْرِ بِرِضَاهُ، فَيَجِبُ عَلَيْهِ رَدُّهُ (وَرَجَعَ) الْوَصِيُّ (بِهِ) أَيْ بِمَا ضَمِنَ (فِي التَّرِكَةِ) أَيْ تَرِكَةِ الْمَيِّتِ؛ لِأَنَّهُ عَامِلٌ لِلْمَيِّتِ فِي تَنْفِيذِ وَصِيَّتِهِ فَيَرْجِعُ عَلَيْهِ كَالْوَكِيلِ، وَكَانَ الْإِمَامُ يَقُولُ لَا يَرْجِعُ؛ لِأَنَّهُ ضَمِنَ بِفِعْلِهِ وَهُوَ الْقَبْضُ فَلَا يَرْجِعُ عَلَى غَيْرِهِ، ثُمَّ رَجَعَ إلَى مَا ذَكَرْنَا، وَيَرْجِعُ فِي جَمِيعِ التَّرِكَةِ وَعَنْ مُحَمَّدٍ أَنَّهُ يَرْجِعُ فِي الثُّلُثِ؛ لِأَنَّ الرُّجُوعَ بِحُكْمِ الْوَصِيَّةِ لَا لِتَنْفِيذِهَا فَأَخَذَ حُكْمَ الْوَصِيَّةِ وَمَحِلُّهَا الثُّلُثُ وَجْهُ الظَّاهِرِ أَنَّهُ إنَّمَا يَرْجِعُ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ صَارَ مَغْرُورًا مِنْ جِهَةِ الْمَيِّتِ فَكَانَ الضَّمَانُ دَيْنًا عَلَى الْمَيِّتِ وَمَحَلُّ قَضَاءِ الدَّيْنِ كُلُّ التَّرِكَةِ بِخِلَافِ الْقَاضِي أَوْ أَمِينِهِ إذَا تَوَلَّى الْبَيْعَ؛ لِأَنَّهُ لَا عُهْدَةَ وَفِي الْتِزَامِ الْعُهْدَةِ عَلَى الْقَاضِي تَعْطِيلُ الْقَضَاءِ لِنِفَارِ النَّاسِ عَنْ تَقَلُّدِ الْقَضَاءِ خَوْفًا عَنْ لُزُومِ الضَّمَانِ، وَفِي تَعْطِيلِهِ تَعْطِيلُ مَصَالِحِ النَّاسِ وَأَمِينُ الْقَاضِي سَفِيرٌ عَنْهُ كَالرَّسُولِ وَلَا كَذَلِكَ الْوَصِيُّ؛ لِأَنَّهُ كَالْوَكِيلِ فَإِنْ كَانَتْ التَّرِكَةُ قَدْ هَلَكَتْ أَوْ لَمْ يَكُنْ بِهَا وَفَاءٌ لَمْ يَرْجِعْ بِشَيْءٍ؛ لِأَنَّ الْبَيْعَ وَقَعَ لِلْمَيِّتِ لَا لِلْوَرَثَةِ وَصَارَ كَسَائِرِ الدُّيُونِ الَّتِي تَكُونُ عَلَى الْأَمْوَاتِ الْمَفَالِيسِ.

(وَلَوْ قَسَّمَ الْوَصِيُّ التَّرِكَةَ فَأَصَابَ) الْوَارِثَ (الصَّغِيرَ شَيْءٌ فَقَبَضَهُ) الْوَصِيُّ (وَبَاعَهُ وَقَبَضَ ثَمَنَهُ فَضَاعَ وَاسْتَحَقَّ ذَلِكَ الشَّيْءَ) الَّذِي بَاعَهُ الْوَصِيُّ (رَجَعَ) الْوَصِيُّ (فِي مَالِ الصَّغِيرِ) ؛ لِأَنَّهُ عَامِلٌ لَهُ.

(وَ) رَجَعَ (الصَّغِيرُ عَلَى بَقِيَّةِ الْوَرَثَةِ بِحِصَّتِهِ) لِبُطْلَانِ الْقِسْمَةِ بِاسْتِحْقَاقِ مَا أَصَابَهُ.

(وَلَا يَصِحُّ بَيْعُ الْوَصِيِّ وَلَا شِرَاؤُهُ لَا بِمَا يُتَغَابَنُ) عَلَى صِيغَةِ الْمَجْهُولِ (فِيهِ) نَائِبُ الْفَاعِلِ لِيُتَغَابَن وَلَا يَصِحُّ بِمَا لَا يُتَغَابَنُ فِي مِثْلِهِ؛ لِأَنَّ تَصَرُّفَهُ مُقَيَّدٌ بِالنَّظَرِ فِي حَقِّ الصَّغِيرِ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى

<<  <  ج: ص:  >  >>