للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

لِأَنَّ لِلصَّبِيِّ فِيهِ مَنْفَعَةً وَهِيَ سَلَامَةُ الْعَيْنِ لَهُ؛ لِأَنَّهُ لَوْ لَمْ يُصَالِحْ يَسْتَحِقُّهُ الْمُدَّعِي بِالْبَيِّنَةِ فَيَأْخُذُهُ فَيَكُونُ هَذَا الصُّلْحُ مِنْ الْأَبِ بِمَنْزِلَةِ الشِّرَاءِ مِنْ الْمُدَّعِي (وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ) أَيْ لِلْمُدَّعِي (بَيِّنَةٌ أَوْ كَانَتْ) الْبَيِّنَةُ (غَيْرَ عَادِلَةٍ لَا يَجُوزُ) الصُّلْحُ؛ لِأَنَّ الْأَبَ يَصِيرُ مُتَبَرِّعًا بِمَالِ الصَّبِيِّ بِالصُّلْحِ لَا مُشْتَرِيًا لِأَنَّهُ لَمْ يَسْتَحِقَّ الْمُدَّعِي شَيْئًا مِنْ مَالِهِ لَوْلَا الصُّلْحُ.

(وَمَنْ قَالَ لَا بَيِّنَةَ لِي) عَلَى دَعْوَى هَذَا الْحَقِّ (ثُمَّ بَرْهَنَ) أَيْ أَقَامَ بَيِّنَةً (صَحَّ) بُرْهَانُهُ؛ لِأَنَّهُ يُمْكِنُ أَنْ تَكُونَ لَهُ بَيِّنَةٌ فَنَسِيَهَا ثُمَّ ذَكَرَهَا بَعْدَ ذَلِكَ وَعَنْ الْإِمَامِ أَنَّهَا لَا تُقْبَلُ لِظَاهِرِ التَّنَاقُضِ، وَالْأَصَحُّ الْقَبُولُ بِخِلَافِ مَا إذَا قَالَ لَيْسَ لِي حَقٌّ عَلَيْهِ ثُمَّ ادَّعَى عَلَيْهِ حَقًّا حَيْثُ لَا تُسْمَعُ دَعْوَاهُ لِلتَّنَاقُضِ.

(وَكَذَا لَوْ قَالَ لَا شَهَادَةَ لِي فِي هَذِهِ الْقَضِيَّةِ ثُمَّ شَهِدَ) لِمَا مَرَّ.

وَعَنْ الْإِمَامِ أَنَّهَا لَا تُقْبَلُ أَيْضًا، وَقِيلَ تُقْبَلُ وِفَاقًا إنْ وَافَقَ.

وَفِي التَّنْوِيرِ قَالَ تَرَكْتُ دَعْوَايَ عَلَى فُلَانٍ وَفَوَّضْت أَمْرِي إلَى الْآخِرَةِ لَا تُسْمَعُ دَعْوَاهُ بَعْدَهُ.

وَفِي التَّبْيِينِ لَوْ قَالَ لَيْسَ لِي عِنْدَ فُلَانٍ شَهَادَةٌ، ثُمَّ جَاءَ بِهِ فَشَهِدَ فَإِنَّهُ تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ، أَوْ قَالَ لَا حُجَّةَ لِي عَلَى فُلَانٍ، ثُمَّ أَتَى بِالْحُجَّةِ فَإِنَّهَا تُقْبَلُ، وَلَوْ قَالَ لَا أَعْلَمُ لِي حَقًّا عَلَى فُلَانٍ، ثُمَّ أَقَامَ الْبَيِّنَةَ أَنَّ لَهُ عَلَيْهِ حَقًّا تُقْبَلُ، وَلَوْ قَالَ هَذِهِ الدَّارُ لَيْسَتْ لِي أَوْ ذَلِكَ الْعَبْدُ ثُمَّ أَقَامَ بَيِّنَةً أَنَّ الدَّارَ أَوْ الْعَبْدَ لَهُ تُقْبَلُ بَيِّنَتُهُ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُثْبِتْ بِإِقْرَارِهِ حَقًّا لِأَحَدٍ، وَكُلُّ إقْرَارٍ لَمْ تَثْبُتْ بِهِ لِغَيْرِهِ حَقٌّ كَانَ لَغْوًا وَلِهَذَا تَصِحُّ دَعْوَى الْمُلَاعِنِ نَسَبَ وَلَدٍ نَفَى بِلِعَانِهِ نَسَبَهُ؛ لِأَنَّهُ حِينَ نَفَاهُ لَمْ يُثْبِتْ فِيهِ حَقًّا.

(وَلِلْإِمَامِ الَّذِي وَلَّاهُ الْخَلِيفَةُ أَنْ يُقْطِعَ) مِنْ الْإِقْطَاعِ (إنْسَانًا مِنْ طَرِيقِ الْجَادَّةِ) وَهِيَ الشَّارِعُ الْأَعْظَمُ (إنْ لَمْ يَضُرَّ) ذَلِكَ (بِالْمَارَّةِ) لِعُمُومِ وِلَايَتِهِ فِي حَقِّ الْكَافَّةِ فِيمَا فِيهِ نَظَرٌ بِهِمْ، وَكَانَ لَهُ ذَلِكَ مِنْ غَيْرِ أَنْ يُلْحِقَ ضَرَرًا بِأَحَدٍ أَلَا تَرَى أَنَّهُ إذَا رَأَى أَنْ يُدْخِلَ بَعْضَ الطَّرِيقِ فِي الْمَسْجِدِ أَوْ بِالْعَكْسِ، وَكَانَ فِي ذَلِكَ

مَصْلَحَةٌ لِلْمُسْلِمِينَ

كَانَ لَهُ أَنْ يَفْعَلَ ذَلِكَ، وَالْإِمَامُ الَّذِي وَلَّاهُ الْخَلِيفَةُ بِمَنْزِلَةِ الْخَلِيفَةِ؛ لِأَنَّهُ نَائِبُهُ فَيَمْلِكُ مَا يَمْلِكُهُ.

(وَمَنْ صَادَرَهُ السُّلْطَانُ) بِأَنْ أَرَادَ أَنْ يَأْخُذَ مِنْهُ مَالًا (وَلَمْ يُعَيِّنْ) السُّلْطَانُ (بَيْعَ مَالِهِ) بَلْ طَلَبَ مِنْهُ جُمْلَةً مِنْ الْمَالِ (فَبَاعَ مَالَهُ نَفَذَ) بَيْعُهُ؛ لِأَنَّهُ غَيْرُ مُكْرَهٍ بِهِ، وَإِنَّمَا بَاعَ بِاخْتِيَارِهِ، غَايَةُ الْأَمْرِ أَنَّهُ احْتَاجَ إلَى بَيْعِهِ لِإِيفَاءِ مَا طَلَبَ مِنْهُ، وَذَلِكَ لَا يُوجِبُ الْكُرْهَ كَالدَّائِنِ إذَا حُبِسَ بِالدَّيْنِ فَبَاعَ مَالَهُ لِقَضَاءِ الدَّيْنِ الَّذِي عَلَيْهِ فَإِنَّهُ يَجُوزُ؛ لِأَنَّهُ بَاعَهُ بِاخْتِيَارِهِ وَإِنَّمَا وَقَعَ الْكُرْهُ فِي الْإِيفَاءِ لَا فِي الْبَيْعِ كَمَا فِي التَّبْيِينِ.

(وَلَوْ خَوَّفَ امْرَأَتَهُ بِالضَّرْبِ حَتَّى وَهَبَتْ مَهْرَهَا مِنْهُ لَا تَصِحُّ الْهِبَةُ إنْ قَدَرَ عَلَى الضَّرْبِ) لِأَنَّهَا مُكْرَهَةٌ عَلَيْهِ إذْ الْإِكْرَاهُ عَلَى الْمَالِ يَثْبُتُ بِمِثْلِهِ.

(وَإِنْ أَكْرَهَهَا) أَيْ الْمَرْأَةَ (عَلَى الْخُلْعِ فَفَعَلَتْ يَقَعُ الطَّلَاقُ) ؛ لِأَنَّ الطَّلَاقَ الْمُكْرَهَ وَاقِعٌ (وَلَا يَجِبُ الْمَالُ) إذْ الرِّضَا شَرْطٌ فِيهِ، وَقَدْ انْعَدَمَ عَلَى مَا بَيَّنَّاهُ فِي الْإِكْرَاهِ.

(وَلَوْ أَحَالَتْ) أَيْ الْمَرْأَةُ (إنْسَانًا بِالْمَهْرِ عَلَى الزَّوْجِ) لِيَأْخُذَ مِنْهُ عِوَضَ دَيْنِهِ مَثَلًا (ثُمَّ وَهَبَتْهُ مِنْ الزَّوْجِ

<<  <  ج: ص:  >  >>