لَمْ أَقْبِضْهُ يَحْلِفُ الْمُشْتَرِي اسْتِحْسَانًا، وَكَذَا لَوْ أَقَرَّ الْوَاهِبُ ثُمَّ أَنْكَرَ، وَأَرَادَ اسْتِحْلَافَ الْمَوْهُوبِ يَحْلِفُ وَكَذَا لَوْ أَقَرَّ بِقَبْضِ الدَّيْنِ، ثُمَّ قَالَ كَذَبْتُ وَكَذَا لَوْ أَقَرَّ الْمُشْتَرِي بِقَبْضِ الْمَبِيعِ ثُمَّ قَالَ لَمْ أَقْبِضْهُ فَلَهُ ذَلِكَ اسْتِحْسَانًا عِنْدَهُ لَا عِنْدَ الطَّرَفَيْنِ، وَرُوِيَ أَنَّ مُحَمَّدًا لَمَّا قُلِّدَ الْقَضَاءَ رَجَعَ إلَى قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ (وَالْإِقْرَارُ لَيْسَ سَبَبًا لِلْمِلْكِ) ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِنَاقِلٍ لِمِلْكِ الْمُقِرِّ إلَى الْمُقَرِّ لَهُ؛ لِأَنَّ الْإِقْرَارَ إخْبَارٌ يَحْتَمِلُ الصِّدْقَ فَيَجُوزُ تَخَلُّفُ مَدْلُولِهِ الْوَضْعِيِّ عَنْهُ بِخِلَافِ الْإِنْشَاءِ كَالْبَيْعِ وَالْهِبَةِ وَنَحْوِهِمَا؛ لِأَنَّهُ إيجَادُ مَعْنًى بِلَفْظٍ يُقَارِنُهُ فِي الْوُجُودِ فَيَمْتَنِعُ فِيهِ التَّخَلُّفُ.
(وَلَوْ قَالَ لِآخَرَ وَكَّلْتُكَ بَيْعَ هَذَا) الشَّيْءِ (فَسَكَتَ) الْمُخَاطَبُ (صَارَ وَكِيلًا) ؛ لِأَنَّ سُكُوتَهُ وَعَدَمَ رَدِّهِ مِنْ سَاعَتِهِ دَلِيلُ الْقَبُولِ عَادَةً، وَنَظِيرُهُ هِبَةُ الدَّيْنِ مِمَّنْ عَلَيْهِ الدَّيْنُ وَإِذَا سَكَتَ صَحَّتْ الْهِبَةُ وَسَقَطَ لِمَا بَيَّنَّاهُ وَإِنْ قَالَ مِنْ سَاعَتِهِ لَا أَقْبَلُ بَطَلَ وَبَقِيَ الدَّيْنُ عَلَى حَالِهِ.
(وَمَنْ وَكَّلَ امْرَأَتَهُ بِطَلَاقِ نَفْسِهَا لَا يَمْلِكُ) الزَّوْجُ الْمُوَكِّلُ (عَزْلَهَا) ؛ لِأَنَّهُ يَمِينٌ مِنْ جِهَتِهِ لِمَا فِيهِ مِنْ مَعْنَى الْيَمِينِ، وَهُوَ تَعْلِيقٌ بِفِعْلِهَا فَلَا يَصِحُّ الرُّجُوعُ عَنْ الْيَمِينِ وَهُوَ تَمْلِيكٌ مِنْ جِهَتِهَا؛ لِأَنَّ الْوَكِيلَ هُوَ الَّذِي يَعْمَلُ لِغَيْرِهِ وَهِيَ عَامِلَةٌ لِنَفْسِهَا فَلَا تَكُونُ وَكِيلَةً بِخِلَافِ الْأَجْنَبِيِّ كَمَا فِي التَّبْيِينِ.
(وَلَوْ قَالَ لِآخَرَ وَكَّلْتُك بِكَذَا عَلَى أَنِّي مَتَى عَزَلْتُكَ فَأَنْتَ وَكِيلِي فَطَرِيقُ عَزْلِهِ أَنْ يَقُولَ عَزَلْتُكَ ثُمَّ عَزَلْتُك) ؛ لِأَنَّ الْوَكَالَةَ يَجُوزُ تَعْلِيقُهَا بِالشَّرْطِ فَيَجُوزُ تَعْلِيقُهَا بِالْعَزْلِ عَنْ الْوَكَالَةِ فَإِذَا عَزَلَهُ انْعَزَلَ عَنْ الْوَكَالَةِ الْمُنَجَّزَةِ فَتَنَجَّزَتْ الْمُعَلَّقَةُ فَصَارَ وَكِيلًا جَدِيدًا، ثُمَّ بِالْعَزْلِ الثَّانِي انْعَزَلَ عَنْ الْوَكَالَةِ الثَّانِيَةِ كَمَا فِي التَّبْيِينِ.
(وَلَوْ قَالَ) لِآخَرَ وَكَّلْتُكَ بِكَذَا عَلَى أَنِّي (كُلَّمَا عَزَلْتُك فَأَنْتَ وَكِيلِي) لَا يَكُونُ مَعْزُولًا بَلْ كُلَّمَا عَزَلَهُ كَانَ وَكِيلًا لِأَنَّ كُلَّمَا تُفِيدُ عُمُومَ الْأَفْعَالِ فَإِذَا أَرَادَ أَنْ يَعْزِلَهُ (فَطَرِيقُهُ أَنْ يَقُولَ رَجَعْتُ عَنْ الْوَكَالَةِ الْمُعَلَّقَةِ وَعَزَلْتُكَ عَنْ الْمُنَجَّزَةِ) فَإِنَّهُ إذَا رَجَعَ عَنْهَا لَا يَبْقَى لَهَا أَثَرٌ فَإِذَا قَالَ بَعْدَهَا وَعَزَلْتُك عَنْ الْوَكَالَةِ الْمُنَجَّزَةِ الْحَاصِلَةِ مِنْ لَفْظِ كُلَّمَا فَحِينَئِذٍ يَنْعَزِلُ.
(وَقَبْضُ بَدَلِ الصُّلْحِ قَبْلَ التَّفَرُّقِ شَرْطٌ إنْ كَانَ) الصُّلْحُ (دَيْنًا بِدَيْنٍ) بِأَنْ وَقَعَ الصُّلْحُ عَلَى دَرَاهِمَ عَنْ الدَّنَانِيرِ أَوْ عَلَى شَيْءٍ آخَرَ فِي الذِّمَّةِ؛ لِأَنَّهُ صَرْفٌ أَوْ بَيْعٌ وَفِيهِ لَا يَجُوزُ الِافْتِرَاقُ عَنْ الدَّيْنِ بِالدَّيْنِ (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ دَيْنًا بِدَيْنٍ (فَلَا) يُشْتَرَطُ قَبْضُهُ؛ لِأَنَّ الصُّلْحَ إذَا وَقَعَ عَلَى غَيْرِ مُتَعَيَّنٍ لَا يَبْقَى دَيْنًا فِي الذِّمَّةِ فَجَازَ الِافْتِرَاقُ عَنْهُ وَإِنْ كَانَ مَالَ الرِّبَا كَمَا إذَا وَقَعَ الصُّلْحُ عَلَى شَعِيرٍ بِعَيْنِهِ عَنْ حِنْطَةٍ فِي الذِّمَّةِ، وَقَدْ مَرَّ فِي مَوْضِعِهِ.
(وَمَنْ ادَّعَى عَلَى صَبِيٍّ دَارًا فَصَالَحَهُ أَبُوهُ عَلَى مَالِ الصَّبِيِّ فَإِنْ كَانَ لَهُ) أَيْ لِلْمُدَّعِي (بَيِّنَةٌ جَازَ الصُّلْحُ إنْ كَانَ بِمِثْلِ الْقِيمَةِ أَوْ أَكْثَرَ بِمَا يُتَغَابَنُ فِيهِ) بَيْنَ النَّاسِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute