لِأَهْلِ الْعَصْرِ فِي الْإِضْرَارِ بِالنَّاسِ، وَتَقْيِيدُهُ بِالْقَرِيبِ يُبْقِي جَوَازَ ذَلِكَ مَعَ الْقَرِيبِ انْتَهَى.
لَكِنْ لَمْ يُقَيِّدْهُ الْمُصَنِّفُ بِقَوْلِهِ أَنْ يَتَصَرَّفَ الْمُشْتَرِي فِيهِ زَمَانًا؛ لِأَنَّ التَّقْيِيدَ بِهِ يُوجِبُ التَّسْوِيَةَ بَيْنَ الْقَرِيبِ وَالْجَارِ مَعَ أَنَّ الْجَارَ يُخَالِفُهُ قَالَ ظَهِيرُ الدِّينِ فَتْوَى أَئِمَّةِ بُخَارَى عَلَى أَنَّ سُكُوتَهُ لَا يَكُونُ تَسْلِيمًا وَلَهُ الْمُطَالَبَةُ وَالدَّعْوَى كَمَا إذَا كَانَ الْحَاضِرُ السَّاكِتُ غَيْرَ الْوَلَدِ وَالزَّوْجَةِ وَالْقَرِيبِ؛ لِأَنَّ سُكُوتَ النَّاطِقِ لَا يُجْعَلُ إقْرَارًا وَأَئِمَّةُ خَوَارِزْمَ عَلَى رَأْيِ أَئِمَّةِ سَمَرْقَنْدَ حَيْثُ لَا تُسْمَعُ دَعْوَاهُ وَاخْتَارَ الْقَاضِي فِي فَتَاوَاهُ أَنَّهُ تُسْمَعُ فِي الزَّوْجَةِ لَا فِي غَيْرِهَا.
وَفِي الْمِنَحِ يَتَأَمَّلُ الْمُفْتِي فِي ذَلِكَ إنْ رَأَى الْمُدَّعِيَ السَّاكِتَ الْحَاضِرَ ذَا حِيلَةٍ أَفْتَى بِعَدَمِ السَّمَاعِ، وَإِنْ رَأَى خِلَافَهُ أَفْتَى بِالسَّمَاعِ لَكِنَّ الْغَالِبَ عَلَى أَهْلِ الزَّمَانِ الْفَسَادُ فَلَا يُفْتَى إلَّا بِمَا اخْتَارَهُ أَهْلُ خَوَارِزْمَ.
(وَلَوْ وَهَبَتْ امْرَأَةٌ مَهْرَهَا مِنْ زَوْجِهَا ثُمَّ مَاتَتْ) الْمَرْأَةُ (فَطَلَبَ أَقَارِبُهَا الْمَهْرَ) مِنْهُ (وَقَالُوا) أَيْ الْوَرَثَةُ (كَانَتْ الْهِبَةُ فِي مَرَضِ مَوْتِهَا) أَيْ الْمَرْأَةِ (وَقَالَ) الزَّوْجُ لَا (بَلْ فِي صِحَّتِهَا فَالْقَوْلُ لَهُ) أَيْ لِلزَّوْجِ.
وَفِي التَّبْيِينِ، وَالْقِيَاسُ أَنْ يَكُونَ الْقَوْلُ لِلْوَرَثَةِ؛ لِأَنَّ الْهِبَةَ حَادِثَةٌ وَالْحَوَادِثُ تُضَافُ إلَى أَقْرَبِ الْأَوْقَاتِ، وَوَجْهُ الِاسْتِحْسَانِ أَنَّهُمْ اتَّفَقُوا فِي سُقُوطِ الْمَهْرِ عَنْ الزَّوْجِ؛ لِأَنَّ الْهِبَةَ فِي مَرَضِ الْمَوْتِ تُفِيدُ الْمِلْكَ وَإِنْ كَانَتْ لِلْوَارِثِ.
أَلَا تَرَى أَنَّ الْمَرِيضَ إذَا وَهَبَ عَبْدًا لِوَارِثِهِ فَأَعْتَقَهُ الْوَارِثُ أَوْ بَاعَهُ نَفَذَ تَصَرُّفُهُ وَلَكِنْ يَجِبُ عَلَيْهِ الضَّمَانُ إنْ مَاتَ الْمُوَرِّثُ فِي ذَلِكَ الْمَرَضِ رَدًّا لِلْوَصِيَّةِ لِلْوَارِثِ بِقَدْرِ الْإِمْكَانِ فَإِذَا سَقَطَ عَنْهُ الْمَهْرُ بِالِاتِّفَاقِ فَالْوَارِثُ يَدَّعِي الْعَوْدَ عَلَيْهِ بِمَوْتِهَا، وَالزَّوْجُ يُنْكِرُ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمُنْكِرِ انْتَهَى.
وَقَالَ صَاحِبُ الْمِنَحِ فَالْقَوْلُ لِلْوَرَثَةِ هَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ كَمَا فِي الْخَانِيَّةِ وَنَصُّ كَلَامِهِ رَجُلٌ مَاتَ وَتَرَكَ مَالًا فَادَّعَى بَعْضُ الْوَرَثَةِ عَيْنًا مِنْ أَعْيَانِ التَّرِكَةِ أَنَّ الْمُوَرِّثَ وَهَبَ لَهُ فِي صِحَّتِهِ وَقَبَضَهُ وَنَفَتْهُ الْوَرَثَةُ قَالُوا إنْ كَانَ ذَلِكَ فِي الْمَرَضِ فَالْقَوْلُ يَكُونُ قَوْلَ مَنْ يَدَّعِي الْهِبَةَ فِي الْمَرَضِ، وَإِنْ أَقَامُوا الْبَيِّنَةَ فَالْبَيِّنَةُ بَيِّنَةُ مَنْ يَدَّعِي الْهِبَةَ فِي الصِّحَّةِ كَذَا ذَكَرَ فِي الْجَامِعِ الصَّغِيرِ انْتَهَى.
(وَلَوْ أَقَرَّ بِحَقٍّ ثُمَّ قَالَ كُنْتُ كَاذِبًا فِيمَا أَقْرَرْتُ حَلَفَ الْمُقَرُّ لَهُ أَنَّ الْمُقِرَّ لَمْ يَكُنْ كَاذِبًا فِيمَا أَقَرَّ وَلَسْتُ بِمُبْطِلٍ فِيمَا تَدَّعِي عَلَيْهِ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ) وَهُوَ اسْتِحْسَانٌ، وَعِنْدَهُمَا يُؤْمَرُ بِتَسْلِيمِ الْمُقَرِّ بِهِ إلَى الْمُقَرِّ لَهُ وَهُوَ الْقِيَاسُ؛ لِأَنَّ الْإِقْرَارَ حُجَّةٌ مُلْزِمَةٌ شَرْعًا فَلَا يُصَارُ مَعَهُ إلَى الْيَمِينِ كَالْبَيِّنَةِ بَلْ أَوْلَى لِأَنَّ احْتِمَالَ الْكَذِبِ فِيهِ أَبْعَدُ لِتَضَرُّرِهِ بِذَلِكَ.
وَجْهُ الِاسْتِحْسَانِ أَنَّ الْعَادَةَ جَرَتْ بَيْنَ النَّاسِ أَنَّهُمْ يَكْتُبُونَ صَكَّ الْإِقْرَارِ ثُمَّ يَأْخُذُونَ الْمَالَ فَلَا يَكُونُ الْإِقْرَارُ حُجَّةً عَلَى اعْتِبَارِ هَذِهِ الْحَالَةِ فَيَحْلِفُ (وَبِهِ) أَيْ بِقَوْلِ أَبِي يُوسُفَ (يُفْتَى) لِتَغَيُّرِ أَحْوَالِ النَّاسِ وَكَثْرَةِ الْخِدَاعِ وَالْخِيَانَاتِ، وَهُوَ يَتَضَرَّرُ بِذَلِكَ وَالْمُدَّعِي لَا يَضُرُّهُ الْيَمِينُ إنْ صَادِقًا فَيُصَارُ إلَيْهِ كَمَا فِي التَّبْيِينِ.
وَفِي مَجْمَعِ الْفَتَاوَى أَنَّ الْبَائِعَ لَوْ أَقَرَّ بِقَبْضِ الثَّمَنِ ثُمَّ قَالَ