للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَمِصْرٍ وَإِنْ كَانَتْ الْقُرَى مُتَّصِلَةً بِرَبْضِ الْمِصْرِ فَالْمُعْتَبَرُ مُجَاوَزَةُ الْقُرَى هُوَ الصَّحِيحُ وَإِنْ كَانَ مُتَّصِلَةً بِفِنَاءِ الْمِصْرِ لَا يُرَبَّضُ الْمِصْرُ يُعْتَبَرُ مُجَاوَزَةُ الْفِنَاءِ وَلَا يُعْتَبَرُ مُجَاوَزَةُ الْقُرَى.

وَقَالَ صَاحِبُ الْفَتْحِ بَعْدَمَا نَقَلَهُ: وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ قَدْ صَدَّقَ مُفَارَقَةَ بُيُوتِ الْمِصْرِ مَعَ عَدَمِ جَوَازِ الْقَصْرِ فَفِي عِبَارَةِ الْهِدَايَةِ إرْسَالٌ غَيْرُ وَاقِعٍ وَلَوْ ادَّعَيْنَا أَنَّ بُيُوتَ تِلْكَ الْقُرَى دَاخِلَةٌ فِي مُسَمًّى بُيُوتِ الْمِصْرِ انْدَفَعَ هَذَا لَكِنَّهُ تَعَسُّفٌ ظَاهِرٌ (مِنْ جَانِبِ خُرُوجِهِ) وَإِنْ كَانَتْ بِحِذَائِهِ مِنْ جَانِبِ آخِرِ أَبْنِيَةٍ (مُرِيدًا) حَالٌ مِنْ الْفَاعِلِ (سَيْرًا وَسَطًا ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ) أَيْ مَسِيرَةَ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ وَلَيَالِيهَا الْأَيَّامُ لِلْمَشْيِ وَاللَّيَالِي لِلِاسْتِرَاحَةِ وَلِهَذَا تَرَكْت لَكِنَّ قَدْرَ السَّيْرِ مِنْ طُلُوعِ الْفَجْرِ إلَى غُرُوبِ الشَّمْسِ فِي زَمَانِ الِاعْتِدَالِ مَعَ الِاسْتِرَاحَاتِ الَّتِي تَكُونُ فِي خِلَالِ ذَلِكَ لِأَنَّ الْمُسَافِرَ لَا يُمْكِنُهُ أَنْ يَمْشِيَ دَائِمًا بَلْ يَمْشِي فِي بَعْضِ الْأَوْقَاتِ وَيَسْتَرِيحُ فِي بَعْضِهَا وَيَأْكُلُ وَيَشْرَبُ وَقَدَّرَهُ أَبُو يُوسُفَ بِيَوْمَيْنِ وَأَكْثَرِ الْيَوْمِ الثَّالِثِ وَالشَّافِعِيُّ بِيَوْمَيْنِ وَهُوَ سِتَّةَ عَشَرَ فَرْسَخًا وَفِي قَوْلِهِ لَهُ بِيَوْمَيْنِ وَلَيْلَةٍ (قَصَرَ الْفَرْضَ الرُّبَاعِيَّ وَصَارَ فَرْضُهُ فِيهِ رَكْعَتَيْنِ) فَإِنَّ الصَّلَاةَ فُرِضَتْ فِي الْأَصْلِ رَكْعَتَيْنِ فَزِيدَتْ فِي الْحَضَرِ وَأُقِرَّتْ عَلَى أَصْلِهَا فِي السَّفَرِ كَمَا رُوِيَ عَنْ عَائِشَةَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهَا - وَعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا - أَنَّهُ قَالَ: لَا تَقُولُوا قَصْرًا فَإِنَّ الَّذِي فَرْضُهَا فِي الْحَضَرِ أَرْبَعًا فَرْضُهَا فِي السَّفَرِ رَكْعَتَيْنِ كَمَا فِي شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ وَعَنْ ابْنِ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا - مَنْ صَلَّى فِي السَّفَرِ أَرْبَعًا كَانَ كَمَنْ صَلَّى فِي الْحَضَرِ رَكْعَتَيْنِ وَعَنْهُ أَنَّ «صَلَاةَ الْمُسَافِرِ رَكْعَتَانِ تَمَامٌ غَيْرُ قَصْرٍ عَلَى لِسَانِ نَبِيِّكُمْ» فَعُلِمَ بِهَذَا أَنَّ الْقَصْرَ عَزِيمَةٌ عِنْدَنَا وَمَنْ حَكَى خِلَافًا بَيْنَ الشَّارِحِينَ فِي أَنَّ الْقَصْرَ عِنْدَنَا عَزِيمَةٌ أَوْ رُخْصَةٌ فَقَدْ غَلِطَ لِأَنَّ مَنْ قَالَ: رُخْصَةٌ عَنَى رُخْصَةَ الْإِسْقَاطِ وَهِيَ الْعَزِيمَةُ وَتَسْمِيَتُهَا رُخْصَةً مَجَازٌ كَمَا فِي الْفَتْحِ.

وَقَالَ الشَّافِعِيُّ: فَرْضُهُ الْأَرْبَعُ وَالْقَصْرُ رُخْصَةُ إسْقَاطٍ وَالْحُجَّةُ عَلَيْهِ مَا رَوَيْنَاهُ وَفِيهِ إشَارَةٌ إلَى أَنْ لَا قَصْرَ فِي الثُّلَاثِيِّ وَالثُّنَائِيِّ وَكَذَا فِي الْوَتْرِ وَالسُّنَنِ وَاخْتَلَفُوا فِي تَرْكِ السُّنَنِ فَقِيلَ: الْأَفْضَلُ هُوَ التَّرْكُ تَرَخُّصًا وَقِيلَ الْفِعْلُ تَقَرُّبًا وَقِيلَ الْفِعْلُ نُزُولًا وَالتَّرْكُ سَيْرًا وَالْمُخْتَارُ الْفِعْلُ أَمْنًا وَالتَّرْكُ خَوْفًا لِأَنَّهَا شُرِعَتْ لِإِكْمَالِ الْفَرْضِ وَالْمُسَافِرُ مُحْتَاجٌ إلَيْهِ وَتُسْتَثْنَى مِنْهُ سُنَّةُ الْفَجْرِ عِنْدَ الْبَعْضِ وَقِيلَ: سُنَّةُ الْمَغْرِبِ.

(وَاعْتُبِرَ فِي الْوَسَطِ فِي السَّهْلِ) نَقِيضِ الْجَبَلِ (سَيْرُ الْإِبِلِ وَمَشْيُ الْأَقْدَامِ) بِالسَّيْرِ الْمُعْتَدِلِ وَهُوَ سَيْرُ الْقَافِلَةِ.

(وَفِي الْبَحْرِ اعْتِدَالُ الرِّيحِ وَفِي الْجَبَلِ مَا يَلِيقُ بِهِ) فَإِنَّهُ تُعْتَبَرُ مَسِيرَةُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ وَإِنْ كَانَ مِثْلَ تِلْكَ الْمَسَافَةِ فِي السَّهْلِ تُقْطَعُ بِمَا دُونَهَا فَلَوْ كَانَ لِمَوْضِعٍ طَرِيقَانِ أَحَدُهُمَا مَسِيرَةُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ وَالْآخَرُ أَقَلُّ مِنْهَا فَفِي الطَّرِيقِ الْأَوَّلِ يَقْصُرُ وَفِي الثَّانِي لَا وَكَلَامُهُ مُشْعِرٌ بِأَنْ لَا عِبْرَةَ بِالْفَرَاسِخِ وَهُوَ الصَّحِيحُ وَقَدْ اعْتَبَرَ الْأَكْثَرُونَ بِأَحَدٍ وَعِشْرِينَ فَرْسَخًا كَأَنَّهُمْ قَدَّرُوا كُلَّ يَوْمٍ بِمَرْحَلَةِ سَبْعَةِ فَرَاسِخَ وَقِيلَ خَمْسَةَ

<<  <  ج: ص:  >  >>