للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْإِقَامَةُ بِدُونِ عَزِيمَتِهِ.

وَفِي الْمُحِيطِ وَلَوْ وَصَلَ الْحَاجُّ إلَى الشَّامِ وَعَلِمَ أَنَّ الْقَافِلَةَ إنَّمَا تَخْرُجُ بَعْدَ خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا وَعَزَمَ أَنْ لَا يَخْرُجَ إلَّا مَعَهُمْ لَا يَقْصُرُ لِأَنَّهُ كَنَاوِي الْإِقَامَةِ.

(وَكَذَا) يَقْصُرُ (عَسْكَرٌ نَوَاهَا) أَيْ الْإِقَامَةَ (بِأَرْضِ الْحَرْبِ أَوْ حَاصَرُوا مِصْرًا فِيهَا) أَيْ فِي أَرْضِ الْحَرْبِ لِأَنَّهَا لَيْسَتْ مَوْضِعَ الْإِقَامَةِ لِأَنَّهُمْ بَيْنَ الْقَرَارِ وَالْفِرَارِ لَكِنْ مَنْ دَخَلَ فِيهَا بِأَمَانٍ وَنَوَى الْإِقَامَةَ صَحَّتْ كَمَا فِي الْخَانِيَّةِ (أَوْ حَاصَرُوا أَهْلَ الْبَغْيِ فِي دَارِنَا فِي غَيْرِهِ) أَيْ الْمِصْرِ وَكَذَلِكَ إنْ حَاصَرُوا فِي الْبَحْرِ فَإِنَّهُمْ أَيْضًا يَقْصُرُونَ وَلَا تَجُوزُ إقَامَتُهُمْ وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ تَصِحُّ إقَامَتُهُمْ إذَا كَانُوا فِي بُيُوتِ الْمَدَرِ.

(وَيُتِمُّ أَهْلُ الْأَخْبِيَةِ) كَالْأَعْرَابِ وَالْأَتْرَاكِ جَمْعُ خِبَاءٍ وَهُوَ بَيْتٌ مِنْ وَبَرٍ أَوْ صُوفٍ (لَوْ نَوَوْهَا) أَيْ الْإِقَامَةَ فِي مَوْضِعِ خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا (فِي الْأَصَحِّ) احْتِرَازٌ عَمَّا قِيلَ لَا تَجُوزُ إقَامَتُهُمْ بَلْ يَقْصُرُونَ لِأَنَّهَا لَا تَصِحُّ إلَّا فِي الْأَمْصَارِ وَالْقُرَى.

وَقَالَ السَّرَخْسِيُّ: وَالصَّحِيحُ أَنَّهُمْ مُقِيمُونَ لِأَنَّ الْإِقَامَةَ أَصْلٌ وَالسَّفَرَ عَارِضٌ وَهُمْ لَا يَنْوُونَ السَّفَرَ قَطُّ إنَّمَا يَنْتَقِلُونَ مِنْ مَاءٍ إلَى مَاءٍ وَمِنْ مَرْعًى إلَى مَرْعًى فَكَانُوا مُقِيمِينَ بِاعْتِبَارِ الْأَصْلِ إلَّا إذَا ارْتَحَلُوا عَنْ مَوْضِعِ إقَامَتِهِمْ فِي الصَّيْفِ وَقَصَدُوا مَوْضِعَ إقَامَتِهِمْ فِي الشِّتَاءِ وَبَيْنَهُمَا مَسِيرَةُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ فَإِنَّهُمْ يَصِيرُونَ مُسَافِرِينَ فِي الطَّرِيقِ وَقَيَّدَ بِأَهْلِ الْأَخْبِيَةِ لِأَنَّ غَيْرَ أَهْلِهَا مِنْ الْمُسَافِرِينَ لَوْ نَوَى الْإِقَامَةَ لَا تَصِحُّ عِنْدَ الْإِمَامِ وَهُوَ الصَّحِيحُ لِأَنَّ الصَّحْرَاءَ لَيْسَتْ بِمَحَلِّ الْإِقَامَةِ فِي حَقِّ غَيْرِ أَهْلِهَا وَحَاصِلُ الْكَلَامِ أَنَّ الْإِتْمَامَ يَتَوَقَّفُ عَلَى سِتَّةِ شُرُوطٍ: النِّيَّةُ وَاسْتِقْلَالُ الرَّأْيِ وَالْمُدَّةُ وَتَرْكُ السَّيْرِ وَاتِّحَادُ الْمَوْضِعِ وَصَلَاحِيَّتُهُ.

(وَلَوْ اقْتَدَى الْمُسَافِرُ) فِي الرُّبَاعِيِّ وَلَوْ قَبْلَ السَّلَامِ (بِالْمُقِيمِ فِي الْوَقْتِ) وَلَوْ قَدْرَ التَّحْرِيمَةِ عَلَى الْأَصَحِّ (صَحَّ) اقْتِدَاؤُهُ.

(وَيُتِمُّ) مَا شَرَعَ فِيهِ أَرْبَعًا بِالتَّبَعِيَّةِ حَتَّى لَوْ أَفْسَدَهَا هُوَ أَوْ إمَامُهُ قَضَى رَكْعَتَيْنِ فَقَطْ (وَبَعْدَهُ) أَيْ بَعْدَ خُرُوجِ الْوَقْتِ (لَا يَصِحُّ) لِأَنَّ فَرْضَ الْمُسَافِرِ لَا يَتَغَيَّرُ بَعْدَ الْوَقْتِ لِانْفِصَالِ سَبَبِهِ وَهُوَ الْوَقْتُ كَمَا لَا يَتَغَيَّرُ بَعْدَهُ بِنِيَّةِ الْإِقَامَةِ.

(وَاقْتِدَاءُ الْمُقِيمِ بِهِ) أَيْ بِالْمُسَافِرِ (صَحِيحٌ فِيهِمَا) أَيْ فِي الْوَقْتِ وَبَعْدَهُ لِأَنَّ صَلَاةَ الْمُسَافِرِ فِي الْحَالَيْنِ وَاحِدَةٌ وَالْقَعْدَةُ فَرْضٌ فِي حَقِّهِ غَيْرُ فَرْضٍ فِي حَقِّ الْمُقْتَدِي وَبِنَاءُ الضَّعِيفِ عَلَى الْقَوِيِّ جَائِزٌ.

(وَيَقْصُرُ هُوَ وَيُتِمُّ الْمُقِيمُ) لِأَنَّهُ الْتَزَمَ الْمُوَافَقَةَ فِي الرَّكْعَتَيْنِ فَيَنْفَرِدُ فِي الْبَاقِي (بِلَا قِرَاءَةٍ فِي الْأَصَحِّ) لِأَنَّهُ فِيهِمَا كَأَنَّهُ مُؤْتَمٌّ فَلَا قِرَاءَةَ لِلْمُؤْتَمِّ.

وَفِي الْخَانِيَّةِ لَا قِرَاءَةَ عَلَيْهِمْ فِيمَا يَقْضُونَ وَلَا سَهْوَ عَلَيْهِمْ إذَا سَهَوْا (وَيُسْتَحَبُّ لَهُ) أَيْ لِلْإِمَامِ الْمُسَافِرِ (أَنْ يَقُولَ لَهُمْ) أَيْ لِلْمُقِيمِينَ: (أَتِمُّوا صَلَاتَكُمْ فَإِنِّي مُسَافِرٌ) هَكَذَا نُقِلَ عَنْ النَّبِيِّ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنْ يَقُولَ بَعْدَ الْفَرَاغِ.

وَفِي شَرْحِ الْإِرْشَادِ وَيَنْبَغِي أَنْ يُخْبِرَ الْإِمَامُ الْقَوْمَ قَبْلَ شُرُوعِهِ أَنَّهُ مُسَافِرٌ فَإِذَا لَمْ يُخْبِرْ أَخْبَرَ بَعْدَ السَّلَامِ.

وَقَالَ صَاحِبُ الْفَتْحِ مُعَلِّلًا لِلِاسْتِحْبَابِ: لِاحْتِمَالِ أَنْ يَكُونَ خَلْفَهُ مَنْ لَا يَعْرِفُ وَلَا يَتَيَسَّرُ لَهُ الِاجْتِمَاعُ

<<  <  ج: ص:  >  >>