للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لِلِاسْتِحْقَاقِ وَأَقَلُّ الْجَمْعِ ثَلَاثَةٌ وَإِنْ كَانَ مُحَلًّى بِاللَّامِ؛ لِأَنَّ الْجِنْسَ هُنَا غَيْرُ مُمْكِنٍ فَفِيهِ الِاسْتِغْرَاقُ فَتَبْقَى الْجَمْعِيَّةُ عَلَى حَالِهَا قُلْنَا: حَقِيقَةُ اللَّامِ الِاخْتِصَاصُ الَّذِي هُوَ الْمَعْنَى الْكُلِّيُّ الثَّابِتُ فِي ضِمْنِ الْخُصُوصِيَّاتِ مِنْ الْمِلْكِ وَالِاسْتِحْقَاقِ وَقَدْ يَكُونُ مُجَرَّدًا فَحَاصِلُ التَّرْكِيبِ إضَافَةُ الصَّدَقَاتِ الْعَامِّ الشَّامِلِ لِكُلِّ صَدَقَةٍ تُصْدَقُ إلَى الْأَصْنَافِ الْعَامِّ كُلٍّ مِنْهَا الشَّامِلِ لِكُلِّ فَرْدٍ بِمَعْنَى أَنَّهُمْ أَجْمَعُونَ أَخَصُّ بِهَا كُلِّهَا وَهَذَا لَا يَقْتَضِي لُزُومَ كَوْنِ كُلِّ صَدَقَةٍ وَاحِدَةٍ تَنْقَسِمُ عَلَى أَفْرَادِ كُلِّ صِنْفٍ غَيْرَ أَنَّهُ اسْتَحَالَ ذَلِكَ فَلَزِمَ أَقَلُّ الْجَمْعِ مِنْهُ بَلْ إنَّ الصَّدَقَاتِ كُلَّهَا لِلْجَمِيعِ أَعَمُّ مِنْ كَوْنِ كُلِّ صَدَقَةٍ صَدَقَةٌ لِكُلِّ فَرْدٍ فَرْدٌ لَوْ أَمْكَنَ أَوْ كُلُّ صَدَقَةٍ جُزْئِيَّةٍ لِطَائِفَةٍ أَوْ لِوَاحِدٍ كَمَا فِي الْفَتْحِ قَالَ صَدْرُ الشَّرِيعَةِ: وَنَحْنُ نَقُولُ إذَا دَخَلَ اللَّامُ عَلَى الْجَمْعِ وَلَا يُمْكِنُ حَمْلُهَا عَلَى الْمَعْهُودِ وَلَا عَلَى الِاسْتِغْرَاقِ يُرَادُ بِهَا الْجِنْسُ وَتَبْطُلُ الْجَمْعِيَّةُ كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى {لا يَحِلُّ لَكَ النِّسَاءُ مِنْ بَعْدُ} [الأحزاب: ٥٢] وَهُنَا لَا يُرَادُ الْعَهْدُ؛ لِأَنَّهُ لَا قَرِينَةَ لِلْعَهْدِ فِي الْآيَةِ وَالِاسْتِغْرَاقِ؛ لِأَنَّهُ لَوْ أُرِيدَ هَذَا فَلَا بُدَّ أَنْ يُرَادَ أَنَّ جَمِيعَ الصَّدَقَاتِ الَّتِي فِي الدُّنْيَا لِجَمِيعِ الْفُقَرَاءِ إلَى آخِرِهِ فَلَا يَجُوزُ أَنْ يُحْرَمَ وَاحِدٌ وَلَيْسَ هَذَا فِي وُسْعِ أَحَدٍ انْتَهَى. وَاعْتَرَضَ صَاحِبُ الْفَرَائِدِ فَقَالَ: لَا يَجِبُ أَنْ يُحْمَلَ مِثْلُهُ عَلَى الِاسْتِغْرَاقِ الْحَقِيقِيِّ بَلْ عَلَى الِاسْتِغْرَاقِ الْعُرْفِيِّ عَلَى طَرِيقَةِ جَمَعَ الْأَمِيرُ الصَّاغَةَ أَيْ صَاغَةَ بَلَدِهِ وَعَدَمُ كَوْنِهِ فِي وُسْعِ أَحَدٍ غَيْرَ مُسَلَّمٍ انْتَهَى. أَقُولُ إنَّ تَقْدِيرَ الْكَلَامِ أَنَّ جَمِيعَ الصَّدَقَاتِ الَّتِي فِي الْبَلَدِ لِجَمِيعِ الْفُقَرَاءِ فِيهَا أَيْضًا فَيَلْزَمُ هَذَا الْمَحْذُورُ خُصُوصًا فِي الْبَلَدِ الْكَبِيرِ. تَدَبَّرْ.

(وَلَا تُدْفَعُ) الزَّكَاةُ (لِبِنَاءِ مَسْجِدٍ) ؛ لِأَنَّ التَّمْلِيكَ شَرْطٌ فِيهَا وَلَمْ يُوجَدْ وَكَذَا بِنَاءُ الْقَنَاطِيرِ وَإِصْلَاحُ الطُّرُقَاتِ وَكَرْيُ الْأَنْهَارِ وَالْحَجُّ وَالْجِهَادُ وَكُلُّ مَا لَا يُتَمَلَّكُ فِيهِ، وَإِنْ أُرِيدَ الصَّرْفُ إلَى هَذِهِ الْوُجُوهِ صُرِفَ إلَى فَقِيرٍ ثُمَّ يَأْمُرُ بِالصَّرْفِ إلَيْهَا فَيُثَابُ الْمُزَكِّي وَالْفَقِيرُ وَلَا يَصْرِفُ إلَى مَجْنُونٍ وَصَبِيٍّ غَيْرِ مُرَاهِقٍ إلَّا إذَا قَبَضَ لَهُمَا مَنْ يَجُوزُ لَهُ قَبْضُهُ كَالْأَبِ وَالْوَصِيِّ وَيَصْرِفُ إلَى مُرَاهِقٍ يَعْقِلُ الْأَخْذَ كَمَا فِي الْمُحِيطِ، وَلَوْ أَكَلَ مَنْ فِي عِيَالِهِ نَاوِيًا لِلزَّكَاةِ أَوْ الْفِطْرَةِ جَازَ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ خِلَافًا لِمُحَمَّدٍ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى كَمَا فِي الْقُهُسْتَانِيِّ (أَوْ تَكْفِينِ مَيِّتٍ) لِعَدَمِ التَّمْلِيكِ (أَوْ قَضَاءِ دَيْنِهِ) أَيْ الْمَيِّتِ الْفَقِيرِ بِأَمْرِهِ أَوْ بِغَيْرِ أَمْرِهِ؛ لِأَنَّ قَضَاءَ دَيْنِ الْغَيْرِ لَا يَقْتَضِي التَّمْلِيكَ مِنْهُ بِخِلَافِ دَيْنِ الْحَيِّ بِأَمْرِهِ إنْ كَانَ فَقِيرًا كَأَنَّهُ تَصَدَّقَ عَلَى الْغَرِيمِ فَيَكُونُ الْقَابِضُ كَالْوَكِيلِ فِي قَبْضِ الصَّدَقَةِ (أَوْ ثَمَنِ قِنٍّ يُعْتَقُ) أَيْ لَا يُشْتَرَى بِهَا رَقَبَةٌ تُعْتَقُ لِانْعِدَامِ التَّمْلِيكِ.

(وَلَا) تُدْفَعُ (إلَى ذِمِّيٍّ) «لِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - لِمُعَاذٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - خُذْهَا مِنْ أَغْنِيَائِهِمْ وَرُدَّهَا فِي فُقَرَائِهِمْ» وَضَمِيرُ الْجَمْعِ لِلْمُسْلِمِينَ لِوُجُوبِ الزَّكَاةِ عَلَيْهِمْ وَلَا يَلْزَمُ زِيَادَةٌ عَلَى النَّصِّ وَهُوَ قَوْله تَعَالَى {إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ} [التوبة: ٦٠] بِخَبَرِ الْوَاحِدِ؛ لِأَنَّ هَذَا الْحَدِيثَ مَشْهُورٌ

<<  <  ج: ص:  >  >>