للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَلَئِنْ كَانَ خَبَرًا وَاحِدًا فَالْعَامُّ خُصَّ مِنْهُ الْحَرْبِيُّ الْفَقِيرُ بِالْإِجْمَاعِ مُسْتَنِدِينَ بِقَوْلِهِ تَعَالَى {إِنَّمَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ قَاتَلُوكُمْ فِي الدِّينِ} [الممتحنة: ٩] فَجَازَ تَخْصِيصُهُ بَعْدُ بِخَبَرِ الْوَاحِدِ كَمَا حُقِّقَ فِي مَوْضِعِهِ وَكَذَا لَا يُصْرَفُ إلَى الْمُرْتَدِّ وَيَنْبَغِي أَنْ لَا يُصْرَفُ إلَى مَنْ لَا يُكَفَّرُ مِنْ الْمُبْتَدَعَةِ كَمَا فِي الْقُهُسْتَانِيِّ.

وَقَالَ زُفَرُ الْإِسْلَامُ لَيْسَ بِشَرْطٍ (وَصَحَّ غَيْرُهَا) مِنْ قَبِيلِ الِاسْتِخْدَامِ أَيْ غَيْرُ الزَّكَاةِ مِنْ الْفِطْرَةِ وَالْكَفَّارَةِ وَالنَّذْرِ وَالتَّطَوُّعِ إلَى الذِّمِّيِّ.

وَقَالَ الشَّافِعِيُّ لَا يَجُوزُ وَهُوَ رِوَايَةٌ عَنْ أَبِي يُوسُفَ، وَلَوْ قَالَ: وَغَيْرُ الْعُشْرِ وَالْخَرَاجِ لَكَانَ أَوْلَى؛ لِأَنَّهُمَا لَا يُدْفَعَانِ إلَيْهِ أَيْضًا. تَدَبَّرْ.

(وَلَا) تُدْفَعُ (إلَى غَنِيٍّ) خِلَافًا لِلشَّافِعِيِّ فِي أَغْنِيَاءِ الْغُزَاةِ إذَا لَمْ يَكُنْ لَهُمْ شَيْءٌ فِي الدِّيوَانِ وَلَمْ يَأْخُذُوا مِنْ الْفَيْءِ (يَمْلِكُ نِصَابًا مِنْ أَيِّ مَالٍ كَانَ) سَوَاءٌ كَانَ مِنْ النُّقُودِ أَوْ السَّوَائِمِ أَوْ الْعُرُوضِ وَهُوَ فَاضِلٌ عَنْ حَوَائِجِهِ الْأَصْلِيَّةِ كَالدَّيْنِ فِي النُّقُودِ وَالِاحْتِيَاجِ فِي الِاسْتِعْمَالِ فِي أَمْرِ الْمَعَاشِ فِي غَيْرِهَا بِلَا اشْتِرَاطِ النَّمَاءِ حَتَّى لَوْ كَانَ لَهُ كِتَابٌ مُكَرَّرٌ يُحْسَبُ أَحَدُهُمَا مِنْ النِّصَابِ، وَلَوْ كَانَ لَهُ دَارَانِ يَسْكُنُ فِي إحْدَاهُمَا وَلَا يَسْكُنُ فِي الْأُخْرَى تُعْتَبَرُ قِيمَةُ الثَّانِيَةِ سَوَاءٌ يُؤَجِّرُهَا أَوْ لَا.

وَقَالَ مُحَمَّدٌ إنْ كَانَ يَصْرِفُ أُجْرَتَهَا إلَى قُوتِهِ وَقُوتِ عِيَالِهِ لَا يُعْتَبَرُ قِيمَتُهَا كَمَا فِي الْعِنَايَةِ وَابْنِ الْمَلِكِ، وَالظَّاهِرُ أَنَّ مَنْ مَلَكَ نِصَابَ سَائِمَةٍ كَخَمْسٍ مِنْ الْإِبِلِ لَا يَجُوزُ دَفْعُ الزَّكَاةِ لَهُ سَوَاءٌ كَانَتْ تُسَاوِي مِائَتَيْ دِرْهَمٍ أَوْ لَا كَمَا فِي الْبَحْرِ وَالْمِنَحِ لَكِنْ لَيْسَ الْأَمْرُ كَمَا قَالَا؛ لِأَنَّ قَوْلَ الْعِنَايَةِ سَوَاءٌ كَانَ إلَى آخِرِهِ مُفِيدٌ تَقْرِيرَ النِّصَابِ بِالْقِيمَةِ سَوَاءٌ كَانَ مِنْ الْعُرُوضِ أَوْ السَّوَائِمِ لِمَا أَنَّ الْعُرُوضَ لَيْسَ نِصَابُهَا إلَّا مَا تَبْلُغُ قِيمَتُهَا مِائَتَيْ دِرْهَمٍ وَقَدْ قَالَ الْمَرْغِينَانِيُّ إذَا كَانَ لَهُ خَمْسٌ مِنْ الْإِبِلِ سَائِمَةٌ قِيمَتُهَا أَقَلُّ مِنْ مِائَتَيْ دِرْهَمٍ تَحِلُّ لَهُ الزَّكَاةُ وَتَجِبُ عَلَيْهِ شَاةٌ.

وَفِي الْجَوْهَرَةِ الْغَنِيُّ هُوَ مَنْ يَمْلِكُ نِصَابًا مِنْ النَّقْدَيْنِ أَوْ مَا قِيمَتُهُ نِصَابٌ.

وَفِي الْقُهُسْتَانِيِّ: الْفَقِيرُ مَنْ لَهُ دُونَ النِّصَابِ أَيْ غَيْرَ مَا يَبْلُغُ نِصَابًا قَدْرُ مِائَتَيْ دِرْهَمٍ أَوْ قِيمَتُهَا وَبِهَذَا ظَهَرَ أَنَّ الْمُعْتَبَرَ نِصَابُ النَّقْدَيْنِ مِنْ أَيِّ مَالٍ كَانَ بَلَغَ نِصَابًا أَيْ مِنْ جِنْسِهِ أَوْ لَمْ يَبْلُغْهُ كَمَا فِي نَظْمِ الْوَهْبَانِيَّةِ وَشَرْحِهِ لَهُ وَفِي شَرْحِهِ لِابْنِ الشِّحْنَةِ.

وَفِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ وَقَدْ نَصَّ عَلَى اعْتِبَارِ الْقِيمَةِ فِي أَكْثَرِ الْمُعْتَبَرَاتِ لِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «لَا تَحِلُّ الصَّدَقَةُ لِغَنِيٍّ. قِيلَ: وَمَا الْغَنِيُّ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: لَهُ مِائَتَا دِرْهَمٍ» وَالْعَجَبُ أَنَّ صَاحِبَ الْبَحْرِ ذَكَرَ فِي الْأَشْبَاهِ خِلَافَهُ فَلْيُتَأَمَّلْ.

وَفِي الْمُحِيطِ الْغِنَى ثَلَاثَةُ أَنْوَاعٍ غِنًى يُوجِبُ الزَّكَاةَ وَهُوَ مَنْ مَلَكَ نِصَابَ حَوْلِيٍّ نَامٍ وَغِنًى يُحَرِّمُ الصَّدَقَةَ وَيُوجِبُ صَدَقَةَ الْفِطْرِ وَالْأُضْحِيَّةِ وَهُوَ مَنْ مَلَكَ مَا يَبْلُغُ قِيمَةَ نِصَابٍ وَغِنًى يُحَرِّمُ السُّؤَالَ دُونَ الصَّدَقَةِ وَهُوَ أَنْ يَكُونَ لَهُ قُوتُ يَوْمِهِ وَمَا يَسْتُرُ عَوْرَتَهُ.

(وَعَبْدِهِ) أَيْ الْغَنِيَّ؛ لِأَنَّ الْمِلْكَ يَقَعُ لِمَوْلَاهُ وَكَذَا لِلْمُدَبَّرِ وَأَمِّ الْوَلَدِ وَالْمُرَادُ بِالْعَبْدِ الْغَيْرُ الْمَدْيُونِ الْمُسْتَغْرِقُ لِمَا فِي يَدِهِ وَرَقَبَتِهِ، وَلَوْ كَانَ جَازَ دَفْعُهَا عِنْدَ الْإِمَامِ خِلَافًا

<<  <  ج: ص:  >  >>