للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَوْ كَانَ فِي مَكَان لَا يَسْتَبِينُ فِيهِ الْفَجْرَ وَإِنْ غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ طُلُوعُ الْفَجْرِ لَا يَأْكُلُ فَإِنْ أَكَلَ يَنْظُرُ فَإِنْ لَمْ يَتَبَيَّنْ لَهُ شَيْءٌ فَعَلَيْهِ قَضَاؤُهُ عَمَلًا بِغَالِبِ الرَّأْيِ وَفِيهِ الِاحْتِيَاطُ وَعَلَى ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ لَا قَضَاءَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ بِنَاءُ الْأَمْرِ عَلَى الْأَصْلِ فَلَا يَتَحَقَّقُ الْعَمْدُ بِهِ وَأَمَّا إذَا شَكَّ فِي غُرُوبِ الشَّمْسِ فَلَا يَحِلُّ لَهُ الْفِطْرُ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ هُوَ النَّهَارُ فَلَوْ أَكَلَ عَلَيْهِ الْقَضَاءُ وَفِي الْكَفَّارَةِ رِوَايَتَانِ وَمُخْتَارُ الْفَقِيهِ أَبِي جَعْفَرٍ لُزُومُهَا قَالَ الْكَمَالُ هَذَا إذَا لَمْ يَتَبَيَّنْ الْحَالُ فَإِنْ ظَهَرَ أَنَّهُ أَكَلَ قَبْلَ الْغُرُوبِ فَعَلَيْهِ الْكَفَّارَةُ لَا أَعْلَمُ فِيهِ خِلَافًا، وَلَوْ كَانَ أَكْبَرُ رَأْيِهِ أَنَّهَا لَمْ تَغْرُبْ فَعَلَيْهِ الْقَضَاءُ رِوَايَةً وَاحِدَةً.

وَفِي الْخُلَاصَةِ وَالْخَانِيَّةِ: عَلَيْهِ الْكَفَّارَةُ؛ لِأَنَّ النَّهَارَ كَانَ ثَابِتًا وَقَدْ انْضَمَّ إلَيْهِ أَكْبَرُ رَأْيِهِ فَصَارَ بِمَنْزِلَةِ الْيَقِينِ.

وَفِي الْقُهُسْتَانِيِّ وَيَتَسَحَّرُ بِقَوْلِ عَدْلٍ وَكَذَا بِضَرْبِ الطُّبُولِ وَاخْتُلِفَ فِي الدِّيكِ وَأَمَّا الْإِفْطَارُ فَلَا يَجُوزُ بِقَوْلِ وَاحِدٍ بَلْ بِالْمُثَنَّى، وَلَوْ أَفْطَرَ أَهْلُ الرُّسْتَاقِ بِصَوْتِ الطَّبْلِ يَوْمَ الثَّلَاثِينَ ظَانِّينَ أَنَّهُ يَوْمُ الْعِيدِ وَهُوَ لِغَيْرِهِ لَمْ يُكَفِّرُوا.

(وَأَكَلَ نَاسِيًا) صَوْمَهُ (فَظَنَّ أَنَّهُ أَفْطَرَ فَأَكَلَ عَمْدًا) فَيَجِبُ الْقَضَاءُ لِوُصُولِ الْفِطْرِ وَلَا تَجِبُ الْكَفَّارَةُ؛ لِأَنَّ صَوْمَهُ فَسَدَ قِيَاسًا فَصَارَ ذَلِكَ شُبْهَةً فَإِنْ كَانَ بَلَغَهُ الْحَدِيثُ وَهُوَ قَوْلُهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «مَنْ نَسِيَ وَهُوَ صَائِمٌ فَأَكَلَ أَوْ شَرِبَ فَلْيُتِمَّ صَوْمَهُ فَإِنَّمَا أَطْعَمَهُ اللَّهُ وَسَقَاهُ» وَعَلِمَ أَنَّ صَوْمَهُ لَا يَفْسُدُ فِي النِّسْيَانِ رُوِيَ عَنْ الْإِمَامِ أَنَّهُ لَا كَفَّارَةَ عَلَيْهِ وَهُوَ الصَّحِيحُ خِلَافًا لَهُمَا وَكَذَا لَوْ ذَرَعَهُ الْقَيْءُ فَأَكَلَ مُتَعَمِّدًا كَفَّرَ إنْ كَانَ عَالِمًا فِي قَوْلِهِمْ، وَإِنْ جَاهِلًا فَكَذَلِكَ فِي قَوْلِ الْإِمَامِ خِلَافًا لِأَبِي يُوسُفَ وَقَوْلُ مُحَمَّدٍ مُضْطَرِبٌ، وَلَوْ اغْتَسَلَ فَظَنَّ أَنَّ ذَلِكَ أَفْطَرَهُ بِوُصُولِ الْمَاءِ إلَى الْجَوْفِ وَالدِّمَاغِ مِنْ أُصُولِ الشَّعْرِ فَأَكَلَ بَعْدَ ذَلِكَ مُتَعَمِّدًا كَفَّرَ عَلَى كُلِّ حَالٍ.

وَلَوْ احْتَلَمَ فِي نَهَارِ رَمَضَانَ ثُمَّ أَكَلَ مُتَعَمِّدًا كَفَّرَ وَإِنْ جَاهِلًا فَكَذَلِكَ عِنْدَ الْإِمَامِ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ.

وَعَنْ مُحَمَّدٍ إنْ اسْتَفْتَى فَقِيهًا فَأَفْطَرَ لَا يُكَفِّرُ وَهُوَ الصَّحِيحُ وَكَذَا لَوْ اكْتَحَلَ أَوْ ادَّهَنَ نَفْسَهُ أَوْ شَارِبَهُ فَاسْتَفْتَى فَقِيهًا فَأَفْطَرَ لَا كَفَّارَةَ وَالْكُلُّ فِي الْخَانِيَّةِ وَكَذَا لَوْ وَطِئَ نَاسِيًا فَظَنَّ الْفِطْرَ ثُمَّ جَامَعَ عَامِدًا لَا كَفَّارَةَ عَلَيْهِ.

(أَوْ صُبَّ فِي حَلْقِهِ نَائِمًا) أَيْ لَوْ كَانَ الصَّائِمُ نَائِمًا فَصَبَّ أَحَدٌ فِي فَمِهِ مَاءً أَوْ سَقَطَ مَاءُ الْمَطَرِ فِي فَمِهِ فَدَخَلَ جَوْفَهُ فَإِنَّهُ يَقْضِي وَلَا كَفَّارَةَ عَلَيْهِ (أَوْ جُومِعَتْ نَائِمَةٌ) .

وَقَالَ زُفَرُ وَالشَّافِعِيُّ: لَا تَجِبُ عَلَيْهَا الْقَضَاءُ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ لِانْعِدَامِ الْقَصْدِ (أَوْ مَجْنُونَةً) بِأَنْ جُنَّتْ بَعْدَ أَنْ نَوَتْ فَجَامَعَهَا رَجُلٌ ثُمَّ أَفَاقَتْ وَعَلِمَتْ بِمَا فَعَلَ فَإِنَّهَا تَقْضِي؛ لِأَنَّ الْجُنُونَ لَا يُنَافِي الصَّوْمَ وَإِنَّمَا يُنَافِي شَرْطَهُ أَعْنِي النِّيَّةَ حَتَّى لَوْ وُجِدَتْ النِّيَّةُ حَالَ الْإِفَاقَةِ ثُمَّ جُنَّتْ وَلَمْ يَطْرَأْ عَلَيْهَا مُفْسِدٌ لَا تَقْضِي الْيَوْمَ الَّذِي نَوَتْهُ وَبِهَذَا انْدَفَعَ مَا قِيلَ: كَانَتْ فِي الْأَصْلِ مَجْبُورَةً فَصَحَّفَهَا الْكَاتِبُ مَعَ أَنَّ اسْتِعْمَالَ الْمَجْبُورَةِ بِمَعْنَى الْمُجْبَرَةِ ضَعِيفٌ لَفْظًا كَمَا فِي التَّبْيِينِ.

(أَوْ لَمْ يَنْوِ فِي رَمَضَانَ صَوْمًا وَلَا فِطْرًا) مَعَ الْإِمْسَاكِ

<<  <  ج: ص:  >  >>