فَيَجِبُ الْقَضَاءُ لِعَدَمِ الْعِبَادَةِ بِفَقْدِ النِّيَّةِ.
(وَكَذَا لَوْ أَصْبَحَ غَيْرَ نَاوٍ لِلصَّوْمِ فَأَكَلَ) فَيَجِبُ الْقَضَاءُ وَلَا كَفَّارَةَ عَلَيْهِ عِنْدَ الْإِمَامِ سَوَاءٌ أَكَلَ قَبْلَ الزَّوَالِ أَوْ بَعْدَهُ.
وَقَالَ زُفَرُ عَلَيْهِ الْكَفَّارَةُ؛ لِأَنَّهُ يَتَأَدَّى بِغَيْرِ النِّيَّةِ عِنْدَهُ (وَعِنْدَهُمَا تَجِبُ الْكَفَّارَةُ أَيْضًا) إنْ أَكَلَ قَبْلَ الزَّوَالِ وَبَعْدَهُ لَا؛ لِأَنَّهُ تَفْوِيتُ إمْكَانِ التَّحْصِيلِ فَكَانَ قَادِرًا عَلَى النِّيَّةِ قَبْلَ الزَّوَالِ فَلَزِمَتْهُ الْكَفَّارَةُ، وَلَهُ أَنَّ تَفْوِيتَهُ إنَّمَا يَسْتَقِيمُ فِيمَا لَا يَنْدَرِئُ بِالشُّبْهَةِ إذْ لَا صَوْمَ بِدُونِ النِّيَّةِ مَعَ أَنَّهُ ذَهَبَ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ إلَى عَدَمِ تَأَدِّي الصَّوْمِ بِنِيَّةِ النَّهَارِ فَأَوْرَثَ ذَلِكَ شُبْهَةً وَعَلَى هَذَا إطْلَاقُ الْمُصَنِّفُ غَيْرُ صَحِيحٍ وَلَا بُدَّ مِنْ التَّقْيِيدِ بِمَا إذَا أَكَلَ قَبْلَ الزَّوَالِ كَمَا فِي الْهِدَايَةِ وَغَيْرِهَا إلَّا أَنْ يُقَالَ: إنَّ النِّيَّةَ فِي غَيْرِ وَقْتِهَا فِي حُكْمِ الْعَدَمِ وَبِهَذَا اعْتَمَدَ أَنَّ الِاخْتِلَافَ يَقَعُ قَبْلَ الزَّوَالِ بَدَأَ فَأَطْلَقَهُ. تَدَبَّرْ.
(وَلَوْ أَكَلَ أَوْ شَرِبَ أَوْ جَامَعَ نَاسِيًا لَا يُفْطِرُ) اسْتِحْسَانًا «لِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - لِلَّذِي أَكَلَ أَوْ شَرِبَ نَاسِيًا تِمَّ عَلَى صَوْمِك فَإِنَّمَا أَطْعَمَكَ اللَّهُ وَسَقَاك» وَالْجِمَاعُ فِي مَعْنَى الْأَكْلِ فَثَبَتَ أَيْضًا بِدَلَالَتِهِ وَالْقِيَاسُ أَنَّهُ يُفْطِرُ لِوُجُودِ مَا يُضَادُّ الصَّوْمَ وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ فَإِنْ قُلْتَ كَيْفَ عَمِلْتُمْ بِهِ وَهُوَ خَبَرُ الْوَاحِدِ مُخَالِفًا لِكِتَابِ اللَّهِ تَعَالَى؛ لِأَنَّهُ أَمَرَ فِيهِ بِالْإِمْسَاكِ وَلَمْ يُبَيِّنْ هُنَاكَ قُلْت: عَمِلْنَا؛ لِأَنَّ اعْتِبَارَ النِّسْيَانِ يُؤَدِّي إلَى الْحَرَجِ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ} [الحج: ٧٨] وَالْأَصَحُّ أَنَّ النِّسْيَانَ قَبْلَ النِّيَّةِ وَبَعْدَهَا سَوَاءٌ.
وَلَوْ أَكَلَ نَاسِيًا أَوَّلَ النَّهَارِ ثُمَّ نَوَى فِي وَقْتِهِ جَازَ وَقِيلَ: لَمْ يَجُزْ وَمَنْ رَأَى صَائِمًا يَأْكُلُ نَاسِيًا يُخْبِرُهُ إذَا كَانَ شَابًّا وَإِنْ شَيْخًا لَا.
وَفِي الْجَوْهَرَةِ إنْ رَأَى قُوَّةً يُمْكِنُهُ أَنْ يُتِمَّ الصِّيَامَ إلَى اللَّيْلِ يُخْبِرُهُ وَإِلَّا فَلَا وَفِي الْوَاقِعَاتِ وَالْمُخْتَارُ أَنَّهُ يُخْبِرُهُ.
وَفِي الْخِزَانَةِ وَالْأَوْلَى أَنْ يَقْضِيَ إذَا أَفْطَرَ نَاسِيًا وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ رَجُلٌ يَأْكُلُ نَاسِيًا فَقِيلَ لَهُ: إنَّك صَائِمٌ فَأَكَلَ وَهُوَ لَا يَذْكُرُ صَوْمَهُ أَفْطَرَ وَهُوَ قَوْلُ الْإِمَامِ؛ لِأَنَّ قَوْلَ الْوَاحِدِ فِي الدِّيَانَاتِ حُجَّةٌ كَمَا فِي الْمُحِيطِ وَإِنْ بَدَأَ بِالْجِمَاعِ نَاسِيًا أَوْ أَوْلَجَ قَبْلَ الطُّلُوعِ ثُمَّ طَلَعَ الْفَجْرُ وَالنَّاسِي تَذَكَّرَ إنْ نَزَعَ نَفْسَهُ فِي فَوْرِهِ لَا يَفْسُدُ صَوْمُهُ فِي الصَّحِيحِ وَإِنْ دَاوَمَ حَتَّى نَزَلَ مَاؤُهُ اُخْتُلِفَ فِيهِ قَالَ: بَعْضُهُمْ عَلَيْهِ الْقَضَاءُ فَقَطْ وَقَالَ بَعْضُهُمْ إنْ مَكَثَ وَلَمْ يُحَرِّكْ نَفْسَهُ لَا كَفَّارَةَ وَإِنْ حَرَّك نَفْسَهُ بَعْدَهُ كَفَّرَ كَمَا فِي الْخَانِيَّةِ.
وَلَوْ أَوْلَجَ قَبْلَ الصُّبْحِ فَلَمَّا خَشِيَ الصُّبْحَ نَزَعَ وَأَمْنَى بَعْدَ الصُّبْحِ فَلَا شَيْءَ فِي الصَّحِيحِ.
(وَكَذَا لَوْ نَامَ) نَهَارًا (فَاحْتَلَمَ) لِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «ثَلَاثَةٌ بِالتَّاءِ وَبِدُونِهِ رِوَايَةٌ لَا يُفْطِرْنَ الصَّوْمَ الْقَيْءُ وَالْحِجَامَةُ وَالِاحْتِلَامُ» (أَوْ أَنْزَلَ بِنَظَرٍ) ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُوجَدْ مِنْهُ صُورَةُ الْجِمَاعِ وَلَا مَعْنَاهُ وَهُوَ الْإِنْزَالُ عَنْ شَهْوَةٍ بِالْمُبَاشَرَةِ كَمَا إذَا تَفَكَّرَ فَأَمْنَى.
وَلَوْ اسْتَمْنَى بِكَفِّهِ أَفْطَرَ وَهُوَ الْمُخْتَارُ (أَوْ ادَّهَنَ أَوْ اكْتَحَلَ) وَإِنْ وَجَدَ طَعْمَهُ فِي حَلْقِهِ؛ لِأَنَّ الدَّاخِلَ مِنْ الْمَسَامِّ الْغَيْرِ النَّافِذَةِ لَا يُنَافِي كَمَا لَوْ اغْتَسَلَ بِالْمَاءِ الْبَارِدِ وَوَجَدَ بُرُودَتَهُ فِي كَبِدِهِ لَكِنْ يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ مَكْرُوهًا عَلَى الْخِلَافِ قِيَاسًا عَلَى صَبِّ الْمَاءِ