وَسَطًا وَلَا يَتَحَرَّكُ الْجَانِبُ الْآخِرُ وَهُوَ قَوْلُ أَبِي يُوسُفَ وَرَوَى أَبُو يُوسُفَ عَنْ الْإِمَامِ رِوَايَةً أُخْرَى أَنَّهُ يُعْتَبَرُ التَّحْرِيكَ بِالْيَدِ لَا غَيْرُ؛ لِأَنَّهُ أَخَفُّ وَكَانَ الِاعْتِبَارُ بِهِ أَوْلَى تَوْسِعَةً لِلنَّاسِ، وَرَوَى مُحَمَّدٌ عَنْ الْإِمَامِ أَنَّهُ يُعْتَبَرُ التَّحْرِيكُ بِالْوُضُوءِ؛ لِأَنَّهُ مُتَوَسِّطٌ بَيْنَ التَّحْرِيكِ بِالِاغْتِسَالِ وَالتَّحْرِيكِ بِغَسْلِ الْيَدِ.
وَقَالَ فِي الْمُحِيطِ وَهُوَ الْأَصَحُّ؛ لِأَنَّهُ الْأَوْسَطُ وَعَنْ مُحَمَّدٍ أَنَّهُ يُعْتَبَرُ بِغَمْسِ الرِّجْلِ.
وَفِي الْغَايَةِ ظَاهِرُ الرِّوَايَةِ عَنْ الْإِمَامِ اعْتِبَارُهُ بِغَلَبَةِ الظَّنِّ فَإِنْ غَلَبَ عَلَى ظَنِّ الْمُتَوَضِّئِ وُصُولُ النَّجَاسَةِ إلَى الْجَانِبِ الْآخَرِ لَا يُتَوَضَّأُ بِهِ، وَإِلَّا تَوَضَّأَ.
وَقَالَ: هُوَ الْأَصَحُّ وَقِيلَ: يُمْتَحَنُ بِأَنْ يُلْقَى فِيهِ صِبْغُ مِقْدَارِ النَّجَاسَةِ إنْ نَفَذَ إلَى جَانِبِ الْآخَرِ فَهُوَ مِمَّا يَخْلُصُ بَعْضُهُ إلَى بَعْضِ وَكَذَا إذَا اغْتَسَلَ فِيهِ، وَتَكَدَّرَ الْمَاءُ فَإِنْ وَصَلَتْ الْكُدْرَةُ إلَى الْجَانِبِ الْآخَرِ فَهُوَ مِمَّا يَخْلُصُ وَإِلَّا فَلَا وَمِنْ الْمَشَايِخِ الْمُتَأَخِّرِينَ مَنْ اعْتَبَرَ الْخُلُوصَ بِالْمِسَاحَةِ وَهُوَ أَنْ يَكُونَ عَشْرًا فِي عَشْرٍ وَلِهَذَا قَالَ الْمُصَنِّفُ (أَوْ لَمْ يَكُنْ عَشْرًا فِي عَشْرِ) وَالظَّاهِرُ أَنْ يَكُونَ تَفْسِيرًا آخَرَ لِلْغَدِيرِ؛ لِأَنَّهُمْ فَسَّرُوا الْغَدِيرَ الْعَظِيمَ بِمَا بُيِّنَ آنِفًا بِعَدَمِ التَّحْرِيكِ أَوْ بِالْمِسَاحَةِ، وَالْمُنَاسِبُ عَلَى هَذَا التَّفْسِيرِ أَنْ يَقُولَ: أَوْ يَكُونَ عَشْرًا فِي عَشْرٍ لَكِنَّ الْمُصَنِّفَ عَطَفَ عَلَى لَمْ يَكُنْ غَدِيرًا وَالْمَعْنَى لَا تَجُوزُ الطَّهَارَةُ بِمَاءٍ قَلِيلٍ وَقَعَ فِيهِ نَجَسٌ مَا لَمْ يَكُنْ غَدِيرًا أَوْ لَمْ يَكُنْ عَشْرًا فِي عَشْرٍ فَكِلْتَا الصُّورَتَيْنِ مُسْتَثْنِيَتَانِ عَنْ الْحُكْمِ السَّابِقِ الْكُلِّيِّ يُرْوَى ذَلِكَ عَنْ مُحَمَّدٍ وَبِهِ أَخَذَ مَشَايِخُ بَلْخِي وَأَبُو سُلَيْمَانَ الْجُرْجَانِيُّ وَالْمُعَلَّى قَالَ أَبُو اللَّيْثِ وَهُوَ قَوْلُ أَكْثَرِ أَصْحَابِنَا، وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى؛ لِأَنَّهُمْ امْتَحَنُوا فَوَجَدُوا هَذَا الْقَدْرَ مِمَّا لَا تَخْلُصُ إلَيْهِ النَّجَاسَةُ فَقَدَّرُوهُ بِذَلِكَ تَيْسِيرًا عَلَى النَّاسِ، وَإِنْ كَانَ الْحَوْضُ مُدَوَّرًا يُعْتَبَرُ فِيهِ سِتَّةٌ وَثَلَاثُونَ ذِرَاعًا فَإِنَّ هَذَا الْمِقْدَارَ إذَا رُبِّعَ كَانَ عَشْرًا فِي عَشْرٍ؛ لِأَنَّ كَوْنَ الدَّائِرَةِ أَوْسَعَ الْأَشْكَالِ مُبَرْهَنٌ عِنْدَ الْحِسَابِ كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ وَاخْتَلَفُوا فِي تَعْيِينِ الذِّرَاعِ فَقَالَ الْإِمَامُ ظَهِيرُ الدِّينِ: الْمُعْتَبَرُ ذِرَاعُ الْكِرْبَاسِ تَوْسِعَةٌ لِلْأَمْرِ عَلَى النَّاسِ؛ لِأَنَّهُ أَقْصَرُ مِنْ ذِرَاعِ الْمِسَاحَةِ بِإِصْبَعٍ؛ لِأَنَّ ذِرَاعَ الْمِسَاحَةِ سَبْعُ قَبَضَاتٍ فَوْقَ كُلِّ قَبْضَةٍ إصْبَعٌ قَائِمَةٌ وَذِرَاعُ الْكِرْبَاسِ سَبْعُ قَبَضَاتٍ فَقَطْ، وَقِيلَ: سِتُّ قَبَضَاتِ أَرْبَعٍ وَعِشْرِينَ إصْبَعًا.
وَفِي الْخَانِيَّةِ الْأَصَحُّ ذِرَاعُ الْمِسَاحَةِ؛ لِأَنَّهُ أَلْيَقُ بِالْمَمْسُوحَاتِ.
وَفِي الْمُحِيطِ الْأَصَحُّ أَنْ يُعْتَبَرُ فِي كُلِّ زَمَانٍ وَمَكَانٍ ذِرَاعُهُمْ مِنْ غَيْرِ تَعَرُّضٍ لِلْمِسَاحَةِ وَالْكِرْبَاسِ.
(وَعُمْقُهُ) أَيْ عُمْقُ الْغَدِيرِ (مَا لَا تَنْحَسِرُ) أَيْ لَا تَنْكَشِفُ (الْأَرْضُ بِالْغَرْفِ) هُوَ الصَّحِيحُ (فَإِنَّهُ) أَيْ الْغَدِيرُ الْعَظِيمُ (كَالْجَارِي) أَيْ حُكْمُهُ حُكْمُ مَاءِ الْجَارِي.
(وَهُوَ) أَيْ الْجَارِي (مَا يَذْهَبُ بِتِبْنَةٍ) هَذَا مُخْتَارُ الْهِدَايَةِ وَالْكَافِي فِي التُّحْفَةِ وَالْبَدَائِعِ الْأَصَحُّ أَنَّهُ مَا يَعُدُّهُ النَّاسُ جَارِيًا (فَيَجُوزُ الطَّهَارَةُ بِهِ مَا لَمْ يُرَ) أَيْ لَمْ يُعْلَمْ وَالرُّؤْيَةُ هَاهُنَا مُسْتَعَارَةٌ لِمَعْنَى الْعِلْمِ فَيَنْتَظِمُ الطَّعْمُ وَالرَّائِحَةُ (أَثَرُ النَّجَاسَةِ وَهُوَ لَوْنٌ أَوْ طَعْمٌ أَوْ رِيحٌ) إنْ كَانَتْ غَيْرَ مَرْئِيَّةٍ يَتَوَضَّأُ مِنْ جَمِيعِ الْجَوَانِبِ وَإِنْ كَانَتْ مَرْئِيَّةً لَا يَتَوَضَّأُ مِنْ مَوْضِعِ النَّجَاسَةِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute