للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قَدْ وُجِدَ فِي الِاغْتِسَالِ وَبِدُونِ النِّيَّةِ لَا يَتَحَقَّقُ الْوُضُوءُ عِنْدَهُ فَإِنْ لَمْ يَتَحَقَّقْ لَمْ يَتَحَقَّقْ الِاغْتِسَالُ؛ لِأَنَّ الْوُضُوءَ جُزْءٌ مِنْ الِاغْتِسَالِ، وَالْكُلُّ يَنْتَفِي بِانْتِفَاءِ جُزْئِهِ وَبِهَذَا ظَهَرَ ضَعْفُ مَا قِيلَ، وَاشْتِرَاطُ النِّيَّةِ فِي الْجَنَابَةِ عِنْدَ الشَّافِعِيِّ مَحَلُّ بَحْثٍ، وَلَا تَصْرِيحَ بِهِ فِي كِتَابِهِ فَلْيُتَأَمَّلْ.

(وَيَصِيرُ مُسْتَعْمَلًا إذَا انْفَصَلَ عَنْ الْبَدَنِ) .

وَفِي الْهِدَايَةِ هُوَ الصَّحِيحُ.

وَفِي الْمُحِيطِ أَنَّ الْمَاءَ إنَّمَا يَأْخُذُ حُكْمَ الِاسْتِعْمَالِ إذَا زَالَ عَنْ الْبَدَنِ، وَالِاجْتِمَاعُ فِي الْمَكَانِ لَيْسَ بِشَرْطٍ هَذَا هُوَ مَذْهَبُ أَصْحَابِنَا.

وَقَالَ الْمَوْلَى الْمَعْرُوفُ بِيَعْقُوبَ بَاشَا وَلَا يَخْفَى أَنَّ فِي هَذَا حَرَجًا عَظِيمًا عَلَى قَوْلِ الْإِمَامِ وَأَبِي يُوسُفَ مِنْ أَنَّ الْمَاءَ الْمُسْتَعْمَلَ نَجَسٌ وَفِيهِ كَلَامٌ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا يَلْزَمُ لَوْ لَمْ يَكُنْ الْمُخْتَارُ كَوْنَ الْمَاءِ الْمُسْتَعْمَلِ طَاهِرًا وَالْمُخْتَارُ أَنَّهُ طَاهِرٌ كَمَا هُوَ اخْتِيَارُ أَكْثَرِ الْمَشَايِخِ.

وَظَاهِرُ الرِّوَايَةِ عَنْ الْإِمَامِ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى وَإِطْلَاقُ قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - عَلَى أَنَّ الْمَاءَ الْمُسْتَعْمَلَ نَجَسٌ لَيْسَ بِسَدِيدٍ؛ لِأَنَّ رِوَايَةَ كَوْنِهِ نَجَسًا عَنْهُ رِوَايَةٌ شَاذَّةٌ كَمَا بَيَّنَ آنِفًا تَدَبَّرْ.

(وَقِيلَ إذَا اسْتَقَرَّ فِي مَكَان) وَهُوَ اخْتِيَارُ الطَّحَاوِيِّ وَمَذْهَبُ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ وَإِبْرَاهِيمَ النَّخَعِيِّ وَبَعْضِ مَشَايِخِ بَلْخِي وَبِهِ كَانَ يُفْتِي ظَهِيرُ الدِّينِ الْمَرْغِينَانِيُّ.

وَفِي خُلَاصَةِ الْفَتَاوَى الْمُخْتَارُ أَنَّهُ لَا يَصِيرُ مُسْتَعْمَلًا مَا لَمْ يَسْتَقِرَّ فِي مَكَان وَيَسْكُنْ عَنْ التَّحْرِيكِ. لَكِنَّ الْمُصَنِّفَ أَوْرَدَ بِصِيغَةِ التَّمْرِيضِ؛ لِأَنَّ الْأَوَّلَ أَحْوَطُ، وَالِاعْتِمَادُ أَوْلَى؛ لِأَنَّ الْمَقَامَ مَقَامُ الْعِبَادَاتِ وَفَائِدَةُ الْخِلَافِ تَظْهَرُ فِيمَا انْفَصَلَ وَلَمْ يَسْتَقِرَّ بَلْ هُوَ فِي الْهَوَاءِ فَسَقَطَ عَلَى عُضْوِ إنْسَانٍ وَجَرَى فِيهِ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَأْخُذَهُ بِكَفِّهِ فَعَلَى الْأَوَّلِ لَا يَصِحُّ وُضُوءُهُ وَعَلَى الثَّانِي يَصِحُّ.

(وَلَوْ انْغَمَسَ جُنُبٌ فِي الْبِئْرِ بِلَا نِيَّةٍ) .

وَلَوْ قَالَ لَوْ انْغَمَسَ مُحْدِثٌ لَكَانَ أَوْلَى؛ لِأَنَّ مُجَرَّدَ الِانْغِمَاسِ لَا يَكْفِي فِي الطَّهَارَةِ عَنْ الْجَنَابَةِ؛ لِأَنَّ الْمَضْمَضَةَ وَالِاسْتِنْشَاقَ فَرْضَانِ فِيهَا فَجَوَابُ مُحَمَّدٍ لَا يَتَمَشَّى فِي الصُّورَةِ الْمَذْكُورَةِ (فَقِيلَ الْمَاءُ وَالرَّجُلُ نَجِسَانِ عِنْدَ الْإِمَامِ) فِي رِوَايَةٍ عَنْهُ أَمَّا الْمَاءُ فَلِنَجَاسَتِهِ بِأَوَّلِ الْمُلَاقَاةِ لِإِسْقَاطِ الْفَرْضِ عَنْ الْبَعْضِ وَأَمَّا الرَّجُلُ فَلِبَقَاءِ الْحَدَثِ (وَالْأَصَحُّ أَنَّ الرَّجُلَ طَاهِرٌ وَالْمَاءُ الْمُسْتَعْمَلُ عِنْدَهُ) ؛ لِأَنَّ الْمَاءَ لَا يُعْطَى لَهُ حُكْمُ الِاسْتِعْمَالِ قَبْلَ الِانْفِصَالِ فَلَا يَكُونُ الْمَاءُ بِأَوَّلِ الْمُلَاقَاةِ نَجِسًا فَيَطْهُرُ الرَّجُلُ.

(وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ هُمَا بِحَالِهِمَا) الرَّجُلُ بِحَالِهِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَزُلْ حَدَثُهُ، وَالْمَاءُ بِحَالِهِ لِعَدَمِ إسْقَاطِ الْفَرْضِ وَالْقُرْبَةِ.

(وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ الرَّجُلُ طَاهِرٌ) لِزَوَالِ حَدَثِهِ (وَالْمَاءُ طَهُورٌ) لِعَدَمِ نِيَّةِ الْقُرْبَةِ وَإِنَّمَا قَالَ بِلَا نِيَّةٍ؛ لِأَنَّهُ لَوْ انْغَمَسَ لِلِاغْتِسَالِ فَسَدَ الْمَاءُ عِنْدَ الْكُلِّ كَمَا فِي الْعِنَايَةِ.

وَقَالَ الْفَاضِلُ الْمَوْلَى سَعْدِيٌّ أَفَنْدِي لَا نُسَلِّمُ ذَلِكَ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ فَإِنَّهُ يُشْتَرَطُ الصَّبُّ عِنْدَهُ وَلَمْ يُوجَدْ انْتَهَى لَكِنْ يُمْكِنُ أَنْ يُتَصَوَّرَ الصَّبُّ فِي حَالِ الِانْغِمَاسِ؛ لِأَنَّ الْإِنْسَانَ إذَا انْغَمَسَ فِي الْمَاءِ يَتَحَرَّكُ الْمَاءُ بِحَرَكَتِهِ وَيَتَمَوَّجُ بِاضْطِرَابِهِ وَيَقَعُ عَلَيْهِ فَيُقَامُ مَقَامَ الصَّبِّ كَمَا فِي الْمَاءِ الْجَارِي تَدَبَّرْ.

(وَمَوْتُ مَا يَعِيشُ فِي الْمَاءِ فِيهِ) الظَّرْفُ الثَّانِي لِلْمَوْتِ

<<  <  ج: ص:  >  >>