للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَالْمُرَادُ بِمَا يَعِيشُ فِي الْمَاءِ مَا يَكُونُ تَوَالُدُهُ وَمَثْوَاهُ فِي الْمَاءِ وَاحْتَرَزَ بِهِ عَنْ مَائِيِّ الْمَعَاشِ دُونَ الْمَوْلِدِ كَالْبَطِّ وَالْإِوَزِّ (لَا يُنَجِّسُهُ كَالسَّمَكِ وَالضِّفْدَعِ) بِكَسْرِ الدَّالِ.

(وَالسَّرَطَانِ) لِعَدَمِ الدَّمِ، وَالضِّفْدَعُ الْبَرِّيُّ وَالْبَحْرِيُّ سَوَاءٌ، وَقِيلَ: الْبَرِّيُّ مُفْسِدٌ لِوُجُودِ الدَّمِ وَاخْتُلِفَ فِي إفْسَادِ غَيْرِ الْمَاءِ كَالْمَائِعَاتِ وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ لَا يُفْسِدُ، وَكَذَا الْإِلْقَاءُ فِي الْمَاءِ بَعْدَ الْمَوْتِ.

(وَكَذَا مَوْتُ مَا لَا نَفْسَ لَهُ سَائِلَةٌ) وَالْمُرَادُ بِالنَّفْسِ هُنَا الدَّمُ أَيْ لَيْسَ لَهُ دَمٌ سَائِلٌ (كَالْبَقِّ وَالذُّبَابِ وَالزُّنْبُورِ وَالْعَقْرَبِ) خِلَافًا لِلشَّافِعِيِّ فِي الْكُلِّ إلَّا السَّمَكَ (وَكُلُّ إهَابٍ) وَهُوَ الْجِلْدُ الَّذِي لَمْ يُدْبَغْ وَيَتَنَاوَلُ ذَلِكَ بِعُمُومِهِ مَا يُؤْكَلُ وَمَا لَا يُؤْكَلُ (دُبِغَ فَقَدْ طَهُرَ) أَيْ الدِّبَاغَةُ أَعَمُّ مِنْ أَنْ تَكُونَ حَقِيقَةً كَالْقَرْظِ وَنَحْوِهِ أَوْ حُكْمِيَّةً كَالتَّتْرِيبِ وَالتَّشْمِيسِ وَالْإِلْقَاءِ وَفِي الرِّيحِ فَإِنْ كَانَتْ بِالْأُولَى لَا يَعُودُ نَجَسًا أَبَدًا وَإِنْ كَانَتْ بِالثَّانِيَةِ ثُمَّ أَصَابَهُ الْمَاءُ فَفِيهِ رِوَايَتَانِ عَنْ الْإِمَامِ وَالْأَظْهَرُ أَنَّهُ يَعُودُ قِيَاسًا، وَعِنْدَهُمَا لَا يَعُودُ اسْتِحْسَانًا، وَهُوَ الصَّحِيحُ وَعَلَى هَذَا الْبِئْرُ إذَا غَارَ مَاؤُهَا بَعْدَمَا تَنَجَّسَتْ ثُمَّ عَادَ الْمَاءُ وَعَنْ مُحَمَّدٍ جِلْدُ الْمَيْتَةِ إذَا يَبِسَ ثُمَّ وَقَعَ فِي الْمَاءِ لَمْ تَنْجَسْ مِنْ غَيْرِ فَصْلٍ (إلَّا جِلْدَ الْآدَمِيِّ لِكَرَامَتِهِ وَالْخِنْزِيرِ لِنَجَاسَةِ عَيْنِهِ) قَدَّمَ الْآدَمِيَّ عَلَى الْخِنْزِيرِ؛ لِأَنَّهُ يَرَى أَنْ يَكُونَ مَعْطُوفًا عَلَيْهِ لَا مَعْطُوفًا عَلَى الْخِنْزِيرِ؛ لِأَنَّ الْعَطْفَ يُشْعِرُ بِالْإِهَانَةِ؛ لِأَنَّهُ يُوهِمُ كَوْنَ مَعْنَى التَّبَعِيَّةِ فِي النَّجَاسَةِ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ عَدَمُ جَوَازِ الِانْتِفَاعِ بِهِ لِشَرَفِهِ لَا لِنَجَاسَتِهِ حَتَّى يَكُونَ التَّقْدِيمُ مُشْعِرًا بِالْإِهَانَةِ كَمَا قَالَهُ الْبَاقَانِيُّ وَغَيْرُهُ تَدَبَّرْ، وَكَذَا لَا يَطْهُرُ جِلْدُ الْحَيَّةِ وَالْفَأْرَةِ وَاخْتُلِفَ فِي جِلْدِ الْكَلْبِ وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ يَطْهُرُ (وَالْفِيلُ كَالسَّبُعِ) عِنْدَهُمَا؛ لِأَنَّهُ طَاهِرُ الْعَيْنِ فَيَطْهُرُ جِلْدُهُ بِالدَّبْغِ (وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ كَالْخِنْزِيرِ) ؛ لِأَنَّهُ نَجَسُ الْعَيْنِ فَلَا يَطْهُرُ (قَالُوا وَمَا طَهُرَ جِلْدُهُ بِالدِّبَاغِ طَهُرَ بِالذَّكَاةِ) هِيَ عِبَارَةٌ عَنْ الذَّبْحِ الشَّرْعِيِّ وَاشْتُرِطَ فِيهِ أَهْلُهُ وَمَحَلُّهُ وَذِكْرُ التَّسْمِيَةِ تَحْقِيقًا أَوْ تَقْدِيرًا؛ لِأَنَّ الذَّكَاةَ مَانِعَةٌ عَنْ تَشَرُّبِ الْجِلْدِ بِالرُّطُوبَاتِ.

(وَكَذَا لَحْمُهُ وَإِنْ لَمْ يُؤْكَلْ) ؛ لِأَنَّ الْجِلْدَ يَطْهُرُ بِالذَّكَاةِ وَاللَّحْمُ مُتَّصِلٌ بِهِ فَلَا يَكُونُ نَجَسًا حَتَّى إذَا صَلَّى وَمَعَهُ لَحْمُ الثَّعْلَبِ قَدْرَ الدِّرْهَمِ جَازَتْ صَلَاتُهُ، قَالَ فِي الْبَدَائِعِ الذَّكَاةُ تُطَهِّرُ الْمُذَكَّى بِجَمِيعِ أَجْزَائِهِ إلَّا الدَّمَ الْمَسْفُوحَ، وَهُوَ الصَّحِيحُ.

وَفِي الْكَافِي: اللَّحْمُ نَجَسٌ فِي الصَّحِيحِ وَالضَّمِيرُ الْمُسْتَتِرُ فِي طَهُرَ الثَّانِي عَائِدٌ إلَى الْجِلْدِ لَا إلَى كَلِمَةِ مَا بِدَلِيلِ التَّعَرُّضِ لِطَهَارَةِ اللَّحْمِ بَعْدَهُ فَإِنْ قُلْت: يَلْزَمُ مِنْ هَذَا تَفْكِيكُ الضَّمِيرِ قُلْنَا لَا نُسَلِّمُ التَّفْكِيكَ؛ لِأَنَّ تَقْدِيرَ الْكَلَامِ مَا يَطْهُرُ جِلْدُهُ بِالدِّبَاغِ يَطْهُرُ جِلْدُهُ بِالذَّكَاةِ فَمَرْجِعُ الضَّمِيرِ لَيْسَ بِأَجْنَبِيٍّ عَنْ الْأَوَّلِ حَتَّى يَلْزَمَ التَّفْكِيكُ فَلَئِنْ سُلِّمَ فَقُبْحُ التَّفْكِيكِ عِنْدَ لُزُومِ اللَّبْسِ وَعَدَمِ ظُهُورِ الْمُرَادِ، وَذِكْرُ اللَّحْمِ هَا هُنَا قَرِينَةٌ مُعَيَّنَةٌ، وَلَا نُسَامِحُ فِيهِ كَمَا تَوَهَّمَ الْبَعْضُ كَذَا فِي تَعْلِيقَاتِ الْوَانِي.

(وَشَعْرُ الْمَيْتَةِ) غَيْرَ الْخِنْزِيرِ؛ إذْ هُوَ بِجَمِيعِ أَجْزَائِهِ نَجَسُ الْعَيْنِ خِلَافًا لِمُحَمَّدٍ فِي شَعْرِهِ

(وَعَظْمُهَا

<<  <  ج: ص:  >  >>